|
ملحق ثقافي والرواية تعبر في كثير من تفاصيلها عن سيرة ذاتية لكثير من العراقيين الذين ألقت بهم أقدارهم في هذا البلد الذي صار جحيماً، حيث عانى أهله من الاكتواء بالحروب لعدة عقود. لقد صار الوطن بالنسبة لهؤلاء وطناً افتراضياً لا وجود له إلا في ذاكرتهم.
يرصد وديع شامخ بوعي عميق ورؤية شاملة وبقرابة 270 صفحة، بلغة شفافة الحياة اليومية للعراقيين. يقول الروائي والباحث علي بدر عن رواية شامخ: لرواية «العودة إلى البيت» أصول تستمدها من تربة السرد العراقي، منها الانفتاح على الأجناس الأدبية الأخرى، المزج بين الحقيقي والخيالي، التركيب بين الواقعي والسحري، تفتيت الزمن السردي، والارتكاز على صوت الراوي في خلق حبكة مناسبة لمكان معلوم. كل هذه العناصر تستثمر لبناء عالم يوحي أكثر مما يصرح، ويرمز أكثر مما يبوح». أما الناقد خالد خضير الصالحي، فيرى أن رواية شامخ لا يمكن وصفها بأنها عمل واقعي رغم أن هناك امتزاجاً بين التاريخ، والذاكرة، ومدونات سردية، كلها تشكل في النهاية تياراً من السرد الذي يكتسح ويخلط كل محتوياته، خليطاً لا يمكن إنكار ارتباطه بمدينته البصرة، فضاء مكانياً وزمانياً، لكنها مع ذلك تشكل لها نواة صلبة منطوية، ولها قوانينها الخاصة التي لا يمكن مقارنتها بالواقع، ليس إلا وهماً أو محض هراء ناجم عن قراءة غير دقيقة. إن النص السردي يتأسس على قوانين أحلام اليقظة: تناقضاتها، وغرابتها، وصوريتها، حيث تتشكل الرواية من سيل جارف من الصور والأحداث والشخوص التي تتشكل «تتجاوز فتتفاعل» فينتج تناقضات وأحداث معظمها ناتج خيال ثري بالصور وبالإحالات والانثيالات الدافقة. هذه الرواية رصدت بعين سينمائية دقيقة رحلة الإنسان العراقي وهو في طريقه إلى الذات/ البيت. ويعلق القاص جابر خليفة جابر على رواية شامخ فيقول عنه إنه يرسم في ثنايا نصه عنوان الرواية – العودة إلى البيت- مسارات الرواية وأحداثها وشخوصها وانثيالاتها، التي تتدفق بحميمية وألفة فتشد القارئ إليها، ليرى البصرة خلال فترة غنية بالتفاعلات الفكرية والثقافية والنضال الوطني ومآسي ممانعة الاستبداد والديكتاتورية ويلون ذلك كله بلوحات جميلة تشع بالبساطة والعفوية وتلقائية السرد والوصف، فنستعيد – نحن والمؤلف- / مشاهد الحياة الاجتماعية تلك ودقائق أسرارها، ولا يشبع نهم القراءة سوى النهاية/ إنها رواية وثائقية أدبية بامتياز. |
|