|
ملحق ثقافي وأفلام ومسلسلات تلفزيونية عن حياته، بالتزامن مع محاضرات ومعارض ونشاطات متنوعة كثيرة بما فيها حتى جولات مشي ثقافي في الشوارع التي شهدت خطاه وفعاليات في الساحات والمكتبات العامة. باختصار، هذه السنة هي سنة أوغست ستريندبيرغ بامتياز. احتفاء لم يسبق أن منحه المجتمع على امتداد تاريخه لأي شخصية أخرى.
مئة عام على رحيل الروائي والمسرحي والشاعر والكاتب السياسي والرسام والمصور أوغست ستريندبيرغ، الشخصية الأكثر إثارة للجدل في كل تاريخ الثقافة الاسكندنافية، والكاتب الذي هز الحياة الفكرية في السويد هزة أخرجتها من الظلام إلى النور. أصدر أولى وأشهر أعماله الروائية: الغرفة الحمراء «1879» لتصير حدثاً فاصلاً في الأدب السويدي حيث أدخلت هذا الأدب إلى عالم الحداثة، كما كانت أول ظهور للاتجاه الطبيعي في السويد، وهو اتجاه سيعززه ستريندبيرغ بعد عدة سنوات بمسرحيات: الأب؛ الآنسة جوليا؛ الدائنون. وفي هذه الفترة أيضاً كتب أولى مسرحياته: الأستاذ أولوف. كانت الإدارة الثقافية الرجعية في بلده هدفاً لنقده السليط ومعها كل النظام الملكي والقيم الاجتماعية السائدة، نقداً وصل ذروته في كتابه «المملكة الجديدة» الذي أثار ضده زوبعة من العداء السافر. ونتيجة لهذه الحملة أجبر على مغادرة البلاد إلى فرنسا وسويسرا، لكنه واصل من هناك الكتابة بغزارة فأنجز روايات ومسرحيات ومجموعات قصصية رسخ فيها خطه في نقد الواقع بأسلوب فني، وهو ما قربه من فكر الشباب وزاد من انتشار أعماله، الأمر الذي أقلق النظام وإدارته الثقافية فوجهت له تهمة التجديف بالدين والتشهير استناداً إلى فقرات من المجموعة القصصية «الزواج» وقدم للمحاكمة. ومع أن المحكمة حكمت ببراءته إلا أن ما تخلل القضية من اتهامات كيدية، وما تكشف عن دور القصر الملكي فيها وكذلك دور الملك شخصياً الذي كان يريد أن يمنع نشر الكتاب، وجو التآمر والتحريض الإعلامي عليه، كلها أثرت على صحته النفسية، فانفجر مهاجماً الملك ورئيس الأكاديمية السويدية «التي تمنح جائزة نوبل» وأعضاءها «الهواة» على حد وصفه. وعندما رشح لجائزة نوبل في أواخر حياته استبعدته الأكاديمية بتبريرات واهية فثارت موجة من الاحتجاجات والمظاهرات وأطلق أنصاره، بمبادرة من رسام اشتراكي، حملة تبرعات لجائزة أسموها «جائزة نوبل المضادة» أو «جائزة الشعب» بلغ مجموع المساهمين فيها «وغالبيتهم من عامة المواطنين» 40 ألف شخص، فجمعت ما يعادل في أيامنا 300 ألف دولار، ومنحوها له باسم الشعب! وعادت هذه الأموال إلى الشعب ثانية حيث تبرع أوغست بمعظمها لمؤسسات مدنية مثل خزينة دعم العاطلين عن العمل. قدمت له هذه الجائزة في آخر عيد ميلاد له، سنة 1912، حيث قصدت بيته مسيرة شارك فيها 15 ألف مواطن من محبيه. لم تكن تلك أقوى صفعة على وجه الأكاديمية السويدية ولجنة نوبل البورجوازية وحسب، وإنما كان حدثاً ليس له نظير في تاريخ الأدب في العالم. مثلما كان أوغست رائد الاتجاه الطبيعي في الأدب السويدي برواية «الغرفة الحمراء»، ورائد مسرحية الفصل الواحد، فقد كان في رواية «ابن الخادمة» رائداً لاتجاه جديد عرف بالأدب العمالي استمر عقوداً طويلة بعد ذلك. |
|