|
ترجمة إنه ليست ثمة صيغة تناسب توجهاتنا سوى عبارة واحدة نطلقها بين الحين والآخر ونثير بها سخرية العالم وهي «السلام من أجل السلام»، ودعونا أيضاً نهمس لأنفسنا على الأقل بأننا نرفض التخلي عن مرتفعات الجولان مهما كانت النتائج، ضاربين صفحاً عن كافة المناقشات والحوارات التي دارت والوسطاء وكل الجهود التي بذلت. ودعونا نقول الحقيقة: إننا لا نرغب بالسلام، وإن كل ما نبتغيه هو العبث والتلاعب بالألفاظ وتضييع الوقت. ولا تزعجونا بما ورد من أقوال في صحيفة الهآرتس في الأسبوع الماضي من ذكر بعض المقترحات السورية الجديدة التي تدعو إلى انسحاب تدريجي من مرتفعات الجولان نظير سلام يتم على مراحل تتناسب مع هذا الانسحاب، ولا تحدثونا عن السلام باعتباره الوسيلة لفك الارتباط الوثيق الخطر بين سورية وإيران، ولا تقولوا لنا: إن السلام مع سورية هو مفتاح السلام مع لبنان والسبيل لإضعاف حزب الله. بل ما نطلبه منكم وندعوكم للجهر به هو أن تركيا ليست بالوسيط النزيه، وأن السوريين جزء من محور الشر لأنكم تعلمون جيداً ما نكنه من حب لتلك الأرض، نظراً لما يصدر عنها من مياه معدنية وخمر من كرومها، لذا كونوا على ثقة بأننا لن نقدم على اتخاذ أي خطوة لإخلاء المستوطنات من أجل تحقيق السلام. يعلم الجميع أن الحكومة اليمينية الحالية المتطرفة ليست بأولى الحكومات التي اتخذت قرارها بعدم الانسحاب من الجولان، بل إن ذلك الأمر ينسحب على كل الحكومات التي سبقتها، حتى التي أبدت رغبة بالانسحاب منه نجدها قد تراجعت في اللحظة الأخيرة أو في البرهة الأخيرة عما أعلنته، ذلك لأن الإسرائيليين بشكل عام، باستثناء القلة منهم، لا يعيرون اهتماماً للسلام أو للمبادرات السلمية ويصمون آذانهم عن سماع الأصوات المشجعة الصادرة عن دمشق في الأشهر الأخيرة، حتى إنهم لا يبذلون أي محاولات لاختبار مدى صدقية ما يصدر من اقتراحات. بل إنهم يعتبرون الاجتماع الذي ضم الرئيس السوري بشار الأسد وحسن نصر الله ومحمود أحمدي نجاد تهديداً لهم بدلاً من أن يشكل حافزاً لبذل الجهود المضاعفة لصنع السلام، بل إنهم استمروا مصرين على اعتبار المجتمعين شركاء في محور الشر، وإزاء هذا الواقع، وما صدر حول اللقاء من تعليقات هل نتوقع أن تتخلى إسرائيل عن مرتفعات الجولان؟ وإنه لمن الأمور التي تبعث على السخرية والضحك أن ندعي برغبتنا بتحقيق السلام، إذ إننا قد نسعى لعقد معاهدة سلام مع نيكرورنيزيا (وهي دولة تطل على المحيط الهادي) قبل أن نفكر في إقامة السلام مع سورية. من دواعي الاستغراب، أننا نصف العبارات التي يطلقها السوريون عن السلام «بالمخادعة» و«الفارغة من المضمون» وإنها لا تهدف إلا للتزلف للولايات المتحدة، لكن رؤيتنا لصورة تجمع الرئيس بشار الأسد مع الرئيس الإيراني أحمدي نجاد تجعلنا نقول عنها: إنها تمثل الحقيقة وتعبر عن وجه سورية الفعلي، وعندما يقول الرئيس السوري في هذا الاجتماع إنه يتعين على سورية أن تكون على أهبة الاستعداد لأي هجوم إسرائيلي فإننا نعتبر هذا القول تهديداً مباشراً لنا. هل يرغب أحد منكم الحصول على البرهان والدليل القاطع الذي يؤكد أننا لا نرغب فعلاً بالسلام مع سورية؟ إذاً سنقدم لكم ما تريدون عندما نقول لكم: إنه حتى الآن لم نقف على تصريح صادر عن رئيس حكومة إسرائيلية يعبر به عن رغبة بتحقيق السلام مع سورية، إذ لو كان أحد منهم يرغب فعلاً بإحلال السلام فقد كان عليه أن يعلن عبارة واحدة يقول بها: إننا نتعهد بالتخلي عن الجولان بأكمله نظير سلام تام، لكننا نعود لنؤكد أننا لم نقف على تصريح من أي رئيس حكومة بهذا الخصوص. يبدو أننا لسنا الوحيدين الذين لا يرغبون بالسلام حيث نجد أن الولايات المتحدة باعتبارها الصديق الوفي الذي ينقذنا من أي مخاطر نتعرض لها تشاركنا بعدم الرغبة بتحقيق السلام أيضاً لأنها في الواقع لا تمارس أي ضغوط علينا، ما يشكل ذريعة لدينا في عدم التوجه الفعلي نحو السلام، لكن ما ينبغي أن نعلمه ونرسخه في أذهاننا هو أننا نحن من سيتعرض للمخاطر والتهديد، وليس الأمريكيين، الأمر الذي يستدعي منا اتخاذ كافة السبل التي تحول دون وقوع حرب أخرى في الشمال، وذلك عبر إقامة علاقات جيدة مع سورية ومن ثم مع لبنان، الأمر الذي سيحقق المصلحة الإسرائيلية، لكن الواقع يؤكد عدم إقدامنا على مثل هذه الخطوة، ويستدعي منا أن نعلن دون مواربة، وبشكل واضح وجلي: أننا لا نريد السلام مع سورية. بقلم: جدعون ليفي |
|