|
الافتتاحية نقطة الضعف القاتلة في هذه التصريحات أن إسرائيل اعتادت على تجاوز تلك اللهجة «القوية» نسبياً والواضحة، وبالتالي فإن مثل هذا الموقف يحتاج شرطاً جزائياً، فيما إذا كانت الولايات المتحدة ما زالت تتصدى لمهمتها في إقامة السلام في الشرق الأوسط على مرجعية قرارات الأمم المتحدة وخصوصاً 242 و338 ومبدأ الأرض مقابل السلام.. وهي المهمة التي تصدت لها وألزمت الجميع بدخول المحادثات على أساسها في مدريد 1991، يومها كانت الولايات المتحدة جادة في تبنيها لمسألة السلام أكثر بكثير مما هي الآن.. وكانت كلمتها واضحة.. لذلك لم تتردد في حينه باستخدام الشرط الجزائي لإلزام إسرائيل بوقف الاستيطان كأمر ضروري جداً لاستمرار محادثات السلام.. وبمقتضى ذلك أوقف الرئيس بوش الأب مساعدات بـ 10 مليارات دولار لإسرائيل كي تنصاع لعملية السلام وضرورة وقف الاستيطان. الموقف الأميركي اليوم وبعد تمادي إسرائيل الدائم الذي بلغ ذروته الأسبوع الأخير، وعدم احترامها لمهمة الأميركيين جو بايدن وجورج ميتشل وهو ماوصفته السيدة كلينتون لشبكة «سي أن أن » بأنه «أمر مهين». رغم نقطة الضعف هذه في الموقف الأمريكي الجديد، هو هام جداً ويجب ألا يمرّ كأي كلام. أول مرة تحذر وزيرة الخارجية الأميركية إسرائيل على قاعدة العلاقات الأميركية الإسرائيلية.. وحسب الناطق فيليب كراولي أن كلينتون تحدثت 43 دقيقة لنتنياهو معبرة عن خيبة بلادها من القرار الإسرائيلي. هذا الموقف الجديد يحتمل أن يكون حاسماً في مسألة السلام.. إما باتجاه الإطلاق الفعلي.. وإما باتجاه الخيبة والغياب. لا يمكن لكل من يبحث عن السلام وفي مشروع السلام أن يجهل أو يتجاهل حتمية الدور الأميركي الفعلي القوي والصادق الذي من دونه، لن يقوم السلام بهذه الطريقة. وبالتالي: إن اتخذت الولايات المتحدة مواقف أوضح وأجرأ، مقترنة بإجراءات، وبمخطط لعملية السلام معتمدةً على ما أنجز حتى اليوم والقبول العربي المعلن حتى دون أن يطلبه أحد.. ستكون الفرصة التاريخية للخروج من هذه الدوامة التي صنعتها إسرائيل للسلام فكراً وتنفيذاً. أما إن اكتفت من العمل بالنيات.. واعتبرت تصريح السيدة كلينتون هو أقصى ما يمكن.. فهذا قد يعني بصراحة «انسحاباً من عملية السلام». وأمام التمادي الإسرائيلي والنشاط المعادي للسلام الذي لا يعرف هدوءاً والسائر على أكثر من خط.. تهويد.. استيطان.. اعتداء.. تدمير.. سيؤدي بالمنطقة إلى احتمالات عديدة كلها تحوي حروباً وتوتراً مستمراً.. وهذا لن يحرج الولايات المتحدة وحسب.. بل سيحرج أكثر منها القوى التي تستهدي بالتوجه الأميركي في المنطقة. أما العرب والفلسطينيون على وجه التحديد.. فبصدق.. آن أوان التوبة.. إن لم تستطع الولايات المتحدة أن تقدم أكثر من ذلك ونحن على أبواب قمة عربية نرى ونشاهد ما يجري يومياً في الأرض المحتلة لن يكون على طاولتها من حيث مشروع السلام سوى الخيبة.. فإنه أوان التوبة.. والعودة إلى قاعدة الحق والمنطق والعقل وما هو ممكن. ما هو ممكن مبدئياً هو التفكير فعلاً بالمقاومة.. هل تتصورون حجم أهمية هذه المقاومة إن رصدت الإمكانات العربية لدعمها؟.. |
|