تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الأطماع الإسرائيلية في مياه نهر النيل

شؤون سياسية
الأربعاء 26-5-2010م
وائل ديوب

لم يغب موضوع المياه عن ذهن زعماء الحركة الصهيونية العالمية منذ تأسيسها، حيث رفعوا شعار «أرضك يا إسرائيل من الفرات إلى النيل» منذ مؤتمرهم الأول عام 1897م، وحاولوا تحقيقه في السر والعلن.

ومنذ قيامها عملت إسرائيل على تكريس هذا المفهوم من خلال سرقة المياه العربية ليس في فلسطين والأراضي العربية التي احتلتها فحسب، فهي لا تخفي أطماعها في السيطرة على مياه سورية ومصر والعراق ولبنان والأردن، بل تعدى الأمر ذلك إلى توجيه أطماعها نحو منابع مصادر المياه العربية وبدأ يأخذ أبعاداً جيوسياسية خطيرة.‏

وتأتي التدخلات الإسرائيلية في إفريقيا في سياق استهداف أمن الدول العربية بما في ذلك أمنها المائي.‏

وفي هذا الإطار تأتي جولة وزير الخارجية الإسرائيلي أفيغدور ليبرمان العام الماضي إلى بعض الدول الإفريقية ومن بينها اثيوبيا وكينيا وأوغندا، وما تمخضت عنه من اتفاقيات مع هذه الدول وخاصة فيما يتعلق بإدارة مصادر المياه وبناء سدود على نهر النيل.‏

والأطماع الإسرائيلية في مياه نهر النيل ليست جديدة، فقط طرحت إسرائيل القضية أكثر من مرة، وطالبت بالحصول على 10 بالمئة من مياه النهر. وفي عام 1974م، وضعت مخططاً يقضي بنقل مياه نهر النيل إلى صحراء النقب من خلال حفر قنوات تحت قناة السويس لنقل ما يقارب المليار م3 سنوياً من حصة مصر، بل ذهبت حسب تقارير فرنسية إلى حد المقايضة بإعادة القدس الشرقية إلى الفلسطينيين مقابل نقل 840 مليون م3 من مياه نهر النيل سنوياً إليها.‏

ورأى المراقبون أن زيارة ليبرمان الذي دعا قبل أن يصبح وزيراً إلى تدمير السد العالي وإغراق الشعب المصري في مياه النيل، تعتبر بمثابة التمهيد لحرب مياه في الشرق الأوسط تبدأ في قلب القارة الإفريقية من خلال تحريض دول حوض النيل على إعادة النظر في اتفاقية تقاسم مياه النهر وتقديم الإغراءات لها من مساعدات مالية وتقنيات حديثة من أجل بناء السدود ومشاريع زراعية أخرى.‏

ويبدو أن التحريض الإسرائيلي بدأ يأتي أكله حيث بدأت بعض دول المنبع بالمطالبة بحصص متساوية في مياه النيل ومطالبة دول المصب -أي مصر والسودان- بدفع ثمن استخدام مياه النهر.‏

فقد أعلنت إثيوبيا وست دول أخرى من إفريقيا الوسطى والشرقية أنها ستوقع منتصف شهر أيار اتفاقاً إطارياً حول الاستخدام العادل لمياه النيل على أساس القانون الدولي متهمة مصر بالمماطلة في التوقيع على الاتفاق، في حين طالبت كينيا بالتعامل مع مياه النيل كما تتعامل الدول مع البترول الذي يتم استخراجه من أراضيها، وبالتالي يجب أن تشتري مصر ما تحتاج إليه من المياه من دول المنبع.‏

وقد أكد مسؤولون مصريون رفض أي خطة جديدة لتقاسم مياه النيل، معتبرين أنها مسألة أمن قومي لا يقبلون النقاش فيها وأن مصر تحتفظ بحقها في اتخاذ ما تراه مناسباً لحماية مصالحها القومية إلى حد الذهاب للحرب في إفريقيا أو أي مكان في العالم إذا ما أصرت دول حوض النيل على المطالبة بتخفيض حصتها من المياه متهمين إسرائيل وأمريكا بلعب دور قذر في تلك القضية الهامة والحساسة من خلال الضغوط المبرمجة بهدف إجبار مصر على الرضوخ والموافقة على نقل مياه النيل إلى إسرائيل.‏

إن مياه النيل هي جزء من الأمن المائي العربي الذي يعتبر أحد أركان الأمن القومي العربي وتعتبر بمثابة خط أحمر لأمن مصر والسودان المائي.‏

وإسرائيل التي تعتبر المياه أيضاً خطاً أحمر وأولوية بالنسبة لها ومن خلال تدخلها في شؤون دول منطقة حوض النيل فإنها تعبث بأمن واستقرار هذه المنطقة وتسعى لخلق توترات بين دولها والتسبب في نزاعات قد تتطور إلى حروب عسكرية تتجاوز الخطوط الحمر ولا تطفئ نيرانها المياه، بينما تسعى هي من خلالها إلى تحقيق هدفها النهائي في إيصال المياه إلى أراضيها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية