|
موقع: contreinfo وحول هذا الحلم والذي اتضح أنه مجرد وهم على وشك أن يهلكها يكتب هنري آلين في صحيفة واشنطن بوست والحائز على جائزة البوليتزر عن أعماله النقدية عام 2000 مقالاً تحت عنوان (حلم يحتضر) يقول فيه: هكذا كانت الحالة: كان ثمة قناعة مسيطرة وهي أن العالم برمته يكن حباً خاصاً للأميركيين بسبب طهارتنا ونقائنا الشديدين وعفويتنا الخرقاء قليلاً ورغبتنا في تقاسم نور الديمقراطية الحقيقية والصريحة مع أولئك الذين مازالوا يتخبطون في ظلمات التاريخ وكذلك بسبب طاقتنا الكامنة وموسيقانا المولفة وبسمات لاعبينا في فرق كرة السلة. ومن الصعب تحديد اللحظة التي ولد بها هذا الحلم بدقة. هل تولد مع الجولة التي قام بها الجناح الأبيض الكبير للرئيس تيدي روزفلت حول العالم؟أم من الحرب التي خاضها الرئيس نيلسون لكي يجعل العالم أكثر أمناً وديمقراطية؟ وقد جاءت الحرب العالمية الثانية لتكرس ماوصفه الصحفي هنري لوك في صحيفة (تايم أند لايف) للأميركيين بأنه (القرن الأميركي). وحتى بات هذا الحلم جزءاً من أحلامي مع تطور الأحداث وماورد على صفحات مجلة لايف في أعقاب الحرب العالمية الثانية عندما شاهدت صور الفرنسيين والإيطاليين وهم ينثرون الورود على قواتنا التي حررتهم من النازية وصوراً لأفراد هذه القوات العائدين إلى أوطانهم مع خطيباتهم الأوروبيات وصور الأطفال الألمان وسط الأنقاض ينظرون إلى السماء يستجدون الطائرات الأمريكية الحاملة لهم الطعام عبر الجسر الجوي مع برلين. في عام 1940 كنت لاأزال صغيراً ولكنني كبيراً لكي أدرك أن هذه الحقائق كانت من المسلمات: لأننا حينها لم نكن غزاة بل كنا محررين، كنا حينها دوماً الطيبين الذين يقفون إلى جانب الخير رغم الاعتراضات على طريقة لعب فريق اليانكي لكرة السلة الفظة والخشنة، كان العالم كله في الخفاء يتوق للعيش على طريقة الأميركيين وعندما كان الناس يرموننا بالورود كنا أصدقاءهم ولسنا متعاملين، كنا مثل تلك النسوة الفرنسيات اللاتي حلقن شعرهن عندما خرج الألمان من قراهم قبيل وصول الأميركان، النسوة بقين في أوطانهن بالتأكيد لا أحد منهن كانت راغبة بأن تصبح زوجة جندي نازي في ألمانيا لما بعد فترة الحرب. لقد خسروا وانتصرنا نحن، وتحقيق انتصار مبين يصنع للمرء أصدقاء، انتصار يكون على غرار الانتصار الذي لم نكن نأمل به. ففي اليابان الدولة التي ضربناها بالقنبلة الذرية مرتين ظل شبانها تواقون لكرة السلة. وأمسكت الولايات المتحدة بدفة قيادة العالم ليس من أجل صالحها وانما من أجل صالح الخير العام للعالم أجمع. وقطعت بعض خيبات الأمل علينا هذا الحلم الرائع ومع ذلك صمد أمام فشلنا في كوريا وهزيمتنا في فيتنام وانسحابنا من لبنان والكارثة التي ألمت بقواتنا في الصومال. وبقي صامد حلمنا حتى عندما كنا نسخر من أنفسنا عندما فشلت حكومتنا في تحرير الرهائن في إيران وغاصت محاولتنا في رمال الصحراء دون أن يسدد عليها العدو النار حتى عجزنا عن حمل أمواتنا معنا لدفنهم في أوطانهم. لقد قصفنا مشفى للأمراض النفسية في غرينادا عندما كنا ندعي تحرير العالم من مزاعم مبهمة حول خطر الشيوعية وقصفنا بالطائرات معمل أدوية في السودان رداً على اعتداء تعرضت له سفارتنا في نيروبي، وكذلك قصفت طائراتنا وصواريخنا السفارة الصينية خلال حربنا الجوية على يوغسلافيا بحجة تحرير كوسوفو. حتى صمد الحلم لدى جورج بوش الذي انطلق به وشن حربه على العراق بحجة تخليص العراق من أسلحة الدمار الشامل، ولم نعثر هناك على السلاح وواصلنا معركتنا بحجة ترسيخ الديمقراطية في البلاد والتي كرستها جلسات التعذيب البشعة في سجن أبو غريب وانتشرت صورها كذكريات ملونة عن جنودنا هناك، فهل سيلعب أطفال العراق بعد ذلك لعبة كرة السلة المشهور بها الأميركيون. وفاز باراك أوباما بالانتخابات على قاعدة حملة انتخابية تعد بخوض حرب بشكل أفضل وأكبر في أفغانستان، وكعادتنا في الانصياع إلى حلمنا غزونا بلداً دون أن نمتلك ذريعة لغزوه، سوى أننا نقوم بذلك من أجل مصلحته وهذه الحقيقة يبدو أن الشعوب لم تستوعبها كما حصل في وادي كورينغال في أفغانستان والذي غادره جنودنا بعد خمسة أعوام على غزوه بهدف حمل الحقيقة والعدالة والنموذج الأميركي إلى شعب لم يبادلنا بالمقابل سوى بالكره. أعطيناهم الأموال وقطع الحلوى وما برحوا يكرهوننا، طلبنا منهم أن يدعونا نشق لهم طريقاً يربطهم بالعالم الخارجي وكرهوا هذا الطريق، ولأننا لم نستوعبهم ونفهمهم قاموا بتفجير ستة عمال من الشركة التي كانت تشق الطريق، نحن غرباء في بلادهم وغالبية الناس تكره الغرباء (ولذلك يطلقون عليهم اسم الغرباء) ولا تحبهم سوى إذا جاؤوا إلى بلادهم بأعداد قليلة كسياح لا يلبثوا أن يغادروه أو عندما يأتوا مسلحين من أجل دحر غرباء عن بلادهم يكنون لهم كرهاً أكبر ومن ثم بعدها يرحلون. في الحقيقة لم نكن موضع حب خاص لدى أحد من الشعوب وقد استفقنا من حلمنا ومع ذلك تعلقنا به وكان الرئيس جون كينيدي قد وعد بدفع أي ثمن كان والقبول بحمل عبء ثقيل من أجل تحقيق هذا الحلم، ومن بعده جاء الرئيس رونالد ريغان وشبهنا (بمدينة تقع فوق رابية) وتتوجه إليها أنظار العالم أجمع، أما الرئيس الحالي باراك أوباما فقد ألهب حماس مستمعيه عندما ألقى خطابه التبشيري حول انقاذ العالم، والآن تجري الأمور برمتها وكأنه دون هذا الحلم لن نصبح أميركيين كما ولن يستطيع أي مرشح للرئاسة الفوز بالانتخابات دون الاعتقاد بهذا الحلم، ورغم ذلك صرح الجنرال مارك موريتي قائد قواتنا في كورنغال قائلاً: أعتقد أن الخروج من هنا هو أفضل ما يمكن فعله. |
|