|
ايمانيتيه يحدوها إيمان عميق بقضية ليست ككل القضايا.. إنه الشعب الفلسطيني. اثنتان وستون سنة.. هو عمر القهر الكليل لشعب أعزل ومعزول ومضح.. تهتكت نفسه هلعا ومرارة من سياسة عنصرية بامتياز انتصبت على أجنحة آلامهم المكسرة، وأعمدة مدنهم وقراهم وتخوم حقولهم المشجرة بالزيتون والليمون وأساسات ميراثهم التاريخي الكبير وأوابد ثقافته وتقاليده المنفتحة على الآخرين ومبادئ احترامهم الديانات التوحيدية الثلاث. اثنتان وستون سنة سطرتها بحروف من ذهب مقاومة شعب عرف بصبره العجيب وانتظاره الجميل حتى تحقيق النصر والعدالة ولاشيء سوى العدالة، ولكن كلها بالتمام اثنتان وستون سنة كساها أمل فضفاض، وغشاها صراخ حي جارح تردد صداه في كواليس المجتمع الدولي ومازال يصدح من غير مجيب أم سامع! اثنتان وستون سنة سلبت واغتصبت ثم لفت بثوب المعتدي الأسود الكيثم والمطرز بجرائم التطهير العرقي وسط صمت دولي متواطئ يشجع المعتدي على المضي في عنصريته وعنجهيته. أجل، أي امرئ عربي لا يذكر النكبة أعني كارثة العرب ومالفها من ظلم وجور وسلب ونهب واغتصاب ومجازر متتالية كانت تفاجئ شعب فلسطين كلما حاول أن يسند رأسه المتعب على كتفيه المتعبتين أكثر، لنجده يصحو من غفوته القصيرة يشق سلاح إيمانه مجددا وكله ثقة ورجاء باسترداد قضيته المسلوبة. اثنتان وستون سنة من عمر شعب فتي تكسرت تحت نير الاحتلال الغاشم الذي ما انفك يمارس سياسة النفي للآلاف منه، وضم أراضية وشن حروب متوالية، واعتقال الكثير منهم بشكل تعسفي وزجهم في زنزانات لاتصلح للحيوانات من بينهم 180 امرأة و350 طفلاً فأي نكبة كهذه تتسلل دون انقطاع من قبل معتد فاجر لا يؤمن سوى بحتمية وجوده على أنقاض شعب آمن وأعزل؟! أي نكبة كهذه لا تلقى سوى آذان صماء لدى البعض من موقع سلطتهم العليا ليشاركوا عن جهل بتدهور الوضع الفلسطيني نحو حافة الانهيار جراء مصادرة أراضيه باستمرار وتحويلها عنوة إلى مستوطنات، ما يشجع المعتدي على المضي بسياسته العنصرية المخالفة للقوانين الإنسانية الأساسية، وتوسيع الشرخ والانقسام في صفوف الفصائل الفلسطينية المختلفة داخل فلسطين وخارجها أيضا. وبالتالي إضعاف موقفهم في مواجهة ابتزازه وتعسفه ما يبشر بالأمل مع ذلك تنامي الوعي الجمعي الفلسطيني، والتصاقه أكثر بأرضه وبمبادئه التالية: أولها: حق العودة المقدس للأجيال الفلسطينية المتعاقبة إلى قراهم ومدنهم وكذلك فلسطينيو الشتات.. وهو حق غير قابل للتقادم والتلاعب به! ثانيها: بناء دولة حرة مستقلة جغرافيا واقتصاديا عاصمتها القدس الشريف. ثالثها: استمرار نهج المقاومة بجميع أشكالها حتى الفوز بالنصر. رابعها: اطلاق الأسرى وتحرير السجناء الموقوفين بطريقة لاشرعية لاتتوافق مطلقا مع الاتفاقات الدولية. وهنا لابد من توجيه رسائل ثلاث أولاها: ينبغي على المجتمع الدولي الكف عن شرعنة سياسة الإجرام والنهب والاغتصاب والتطهير العرقي التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، وعلى شعب إسرائيل أن يعي تماما أن الفلسطينيين لن ينسوا تاريخ احتلالهم الأسود، ولن يوفروا مناسبة إلا وسيذكروه فيها أنهم سوف يعيدون أرضهم الغالية بعزم أكبر وإيمان أعمق رغم وحشيتكم. بقلم : زياد ميدوكه |
|