|
كتب
المشكلة التي تواجهها الثقافة الثالثة أن العلماء غالباً ما ينقصون من حق العلماء الآخرين عندما يحاولون شرح أفكارهم بوضوح لغير العلماء، عندما تكون أمام شخص ما قادر على الشرح فإن علماء آخرين يشعرون بالغيرة لأن هؤلاء يشرحون للجمهور المسائل التي نتناقش فيها، وهذا صحيح وخاصة في علم البيولوجية، هنالك شعور في علم البيولوجيا إن على العلماء أن يحتفظوا بغسيلهم الوسخ مخبأ، لأن اليمين المتدين يبحث دوماً عن أي خلاف بين التطويريين لدعم نظرياته في التخليق، هنالك مدرسة فكرية قوية في البيولوجية تقول إنه لا يجب أن يناقش داروين أمام الجمهور، ولكن من الصحيح أيضاً أن «مبسط العلوم» هو تعبير محقر بين العلماء عموماً هو الشخص الذي يشرح ما هي المشكلات العلمية بطريقة يمكن للناس فهمها وأعتقد أنه من المضحك ألا يحترم العلماء هؤلاء الناس، ففي أي حقل آخر مثل تبرير كون ما تفعله هو مثير ومدهش في كتاب (الثقافة الثالثة) مجموعة من العلماء الذين يحكون عن العلم بطريقة مبسطة وسهلة ويمكن لأي قارئ فهم جوهر وفحوى نظريات علمية مهمة، مثلاً نظرية التطور مثل تطور الحاسوب والذكاء الصيغي. من هم مثقفو الثقافة الثالثة؟ تحوي اللائحة الأفراد الذين يردون في هذا الكتاب الذين تعطي أفكارهم وأعمالهم معنى لهذا التعبير: الفيزيائيون بول ديفيز وجي دوين فارمر وموري جيل. وآلان غوث وروجر بزوز ومارتن رينير ولي سمولن والبيولوجيون التطوريون ريتشار دوكينز ونيلز ألدروج وستيفن جي غولدوستيف جونز. يذكر الكاتب جون بروكمان أنه خلال تأليف الكتاب كانت له مناقشات مع كل واحد من العلماء المذكورين عن عملهم وعن عمل العلماء الآخرين المذكورين في هذا الكتاب والنتيجة تاريخاً شفهياً لمنظومة ديناميكية ناشئة احتفالاً بأفكار مفكري الثقافة الثالثة الذين يحددون الأسئلة المهمة والمثيرة لعصرنا. وهم هنا يقومون بنقل أفكارهم إلى الجمهور وإلى بعضهم. إنه معرض لهذا المجتمع الثقافي الجديد وهو في حالة العمل. إن اختيار العلماء الذي تم في هذا الكتاب هو - كما يقول الكاتب- بالطبع ليس شاملاً، فهناك الكثير من كبار المساهمين في الثقافة الثالثة ممن لم يتم ذكرهم في الكتاب من بينهم علماء اجتماع وسلوك وأنتروبولوجيا وبالإضافة إلى ذلك يجب الاعتراف بمساهمات الصحفيين العلميين، والكثير منهم كتاب مرموقون ومفكرون معروفون. أي إن الاختيار عشوائي وله علاقة باهتماماتي العلمية الخاصة وإمكان الاتصال بالعلماء أنفسهم. إن الأفكار المعروضة هي تقديرية إنها تمثل حدود المعرفة في مجال البيولوجية التطورية وعلم الأجنة والحاسوب وفيزيولوجية الأعصاب وعلم النفس والفيزياء وبعض من الأسئلة المهمة معروضة هنا هي: من أين أتى العالم؟ من أين أتت الحياة؟ من أين أتى العقل؟ وتبرز من الثقافة الثالثة فلسفة طبيعية جديدة مبنية على التحقق من أهمية التعقيد والتطور. إن منظومات معقدة جداً - أكانت مقتضيات أم أدمغة أم المحيط الحيوي أم الكون ذاته- لم تكن مبنية بقصد بل جميعها تمت بعملية تطور، هناك مجموعة جديدة من المجازات لتوصيف أنفسنا وعقولنا والعالم وكل الأشياء، التي نعرفها فيه، والمثقفون هم بهذه الأفكار والصور هؤلاء العلماء الذين يقومون بأعمالهم ويكتبون كتبهم هم الذين يقودون عصرنا. الكتاب يطالب العلماء والمتخصصين أن يكتبوا بلغة واضحة، أن يتحاشوا متقعرات حقولهم الخاصة. مشكلة التقعر موجودة في كل الاختصاصات ولكنها شديدة في الفلسفة، والكثير من المسائل الفنية الحقيقية السيئة تنشأ من كلام مختصين يتكلمون مع مختصين. إن أكبر خطيئة يمكن أن يرتكبها اختصاصي عندما يتكلم مع اختصاصي آخر هو الاستفاضة في الشرح. أو الكلام الدوني وهذا مهين - ولهذا فإن الاختصاصيين يخطئون من جهة قلة الشرف. وكنتيجة التكلم فيما وراء بعضهم- وهم لا يعون أنهم لا يتشاركون في ذات الفرضيات، وهكذا نحصل على هذه الأبنية الشاهقة من النزاع المبنية على سوء فهم بسيط وأساسي من عناوين الكتاب (الفكرة التطورية رزمة معلومات- آلة بقاء - ليست البيولوجية إلا رقصة، لماذا هذا التنوع الجيني الكبير- معركة كلمات غايا هي فتاة قوية- آلات ذكيةـ المعلومات هي المفاجآت- مضخات الحدس- اللحظة الكثيفة- الذات المنبعثة- اللغة عزيزة إنسانية- مجموعة عوالم- عالم في حديقتنا الخلفية- نظرية لكل العالم- المسار المركب نمط ديناميكي- الشيء الذي يتجاوزنا- ماذا كانت خوازمية داروين). الكتاب تأليف: جون بروكمان- ترجمة طاهر شاهين - صادر عن وزارة الثقافة- دمشق قطع كبير في 408 صفحة. |
|