تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


«العدل والمساواة» تعيد دارفور إلى دوامة الصراع

أضواء
الخميس 20-5-2010م
عبد الحليم سعود

خلافا لما اتفق عليه في العاصمة القطرية الدوحة قبل ثلاثة أشهر من أجل وقف إطلاق النار في إقليم دارفورالسوداني تمهيدا لبدء محادثات سلام تنهي الصراع الممتد على مدى سبع سنوات، عادت حركة العدل والمساواة (كبرى حركات التمرد في إقليم دارفور السوداني)

المرتبطة بأجندات خارجية لا تبتعد عن اسرائيل لتفجير الأوضاع مجددا في الإقليم، حيث قام عناصرها الأسبوع الماضي بمهاجمة قرى بمحلية ودبندة بولاية شمال كردفان المحاذية لإقليم دارفور وأحرقوا برجي اتصالات ونقطة للشرطة السودانية اضافة الى قتل 27 من عناصر الشرطة التي كانت تحرس قوافل الإغاثة في المنطقة وقاموا بترويع وإرهاب المواطنين.‏

وقال المتحدث الرسمي باسم القوات المسلحة السودانية الصوارمي خالد سعد أن مجموعة من عناصر الحركة كانوا على متن 14 عربة دخلت ولاية شمال كردفان ، وقامت بأعمال تخريبية شملت تدمير منشآت ومعدات حصاد ونهب عربات مشيرا إلى إبلاغ الوساطة الدولية بالتطورات الأخيرة.‏

واعتبر المتحدث أن ما قامت به الحركة جاء نتيجة فقدانها القوة الرئيسية لخطوط الإمداد الأمر الذي دفعها لمحاولة الاستقواء والتزود من خلال عمليات نهب واسعة النطاق.‏

وأمام هذا الواقع الذي خلقته الحركة في البلاد وجد الجيش السوداني نفسه مدفوعا للرد فخاض الجمعة والسبت الماضيين معارك شرسة مع عناصر العدل والمساواة سيطر من خلالها على جبل مون بولاية غرب دارفور وقتل 108 منهم، وأكد أنه أسر 61 عنصرا آخرين من الحركة التي قاطعت الجولة الحالية لمفاوضات الدوحة وهددت بالانسحاب منها.‏

كما دفع الجيش السوداني بتعزيزات كبيرة إلى المنطقة التي سادها التوتر إثر يومين من المعارك مع الحركة المتمردة التي فقدت ثلاثة من كبار قادتها بينهم حماد شطة.‏

من جانبها اتخذت حركة العدل والمساواة من المعارك التي بدأتها ذريعة لتعليق مفاوضات الدوحة وحملت الحكومة السودانية المسؤولية متهمة إياها بخرق وقف إطلاق النار وعدم احترام الاتفاق . وقال مسؤول رفيع بالحركة إن حركته مستعدة للعودة للمحادثات إذا وافقت الخرطوم والوسطاء الدوليون على قائمة من المطالب من بينها الاعتراف بكون الحركة جهة تفاوض وحيدة عن المتمردين.‏

في المقابل اتهم رئيس وفد الخرطوم لمفاوضات الدوحة أمين حسين عمر الحركة بعدم الجدية في التوصل لتسوية سلمية في دارفور وشدد أن حكومته ستمضي قدما مع الحركات التي ترغب بذلك.‏

واعتبر مصطفى عثمان إسماعيل مستشار الرئيس السوداني أن أمام زعيم الحركة خليل إبراهيم خيارين لا ثالث لهما: إما أن يجنح للسلم أو أن يكون للحكومة السودانية مطلق الحرية في اتخاذ ما تراه مناسبا من قرارات، مشيرا إلى مذكرة توقيف دولية أصدرتها السلطات السودانية مؤخرا بحق إبراهيم على خلفية قيادته لهجوم أم درمان الانقلابي في أيار عام 2008 الذي قتل فيه مائتي شخص.‏

وأوضح المركز السوداني للخدمات الصحفية أن إبراهيم يواجه 14 تهمة تحت القانون الجنائي السوداني بينها القتل العمد وإثارة الحرب ضد الدولة، وتقويض النظام الدستوري والنهب والإتلاف.‏

يشار إلى أن حركة العدل والمساواة واحدة من ضمن مجموعة حركات بدأت تمردها في إقليم دارفور السوداني عام 2003 بسبب ما تزعمه تهميش المنطقة والمطالبة بنصيب أكبر من ثروات البلاد.‏

وقد وقعت الحركة في شباط الماضي مع الحكومة السودانية برعاية دولة قطر اتفاقا إطاريا لوقف النار يمهد لإجراء محادثات سلام نهائية لا تزال تراوح في مكانها بسبب تعقيدات الوضع السوداني وكثرة التدخل الأجنبي بشؤون السودان.‏

على صعيد آخر مرتبط بالوضع الجديد الناشئ في دارفور اعتقلت السلطات السودانية الأمين العام لحزب المؤتمر الشعبي حسن الترابي الذي تتهمه الخرطوم بدعم حركة العدل والمساواة وتدبير بعض تحركاته ضد الحكومة، ولا سيما الهجوم الأخير للحركة على ولاية شمال كردفان، ويتوقع أن يزيد اعتقال الترابي من توتير الساحة السياسية في مجملها وخاصة في دارفور . وبينما تقول مصادر مقربة من الترابي أنه اعتقل لأسباب سياسية، نفى حزب المؤتمر الوطني الحاكم ذلك وقال القيادي في الحزب قطبي المهدي إن البلاد تواجه تحديات واضحة على أكثر من صعيد وإذا ما تطلب الأمر التحقيق مع قادة سياسيين بعد تسرب معلومات تتحدث عن علاقتهم بتوتر الأوضاع بدارفور فمن الطبيعي أن يتم التحقيق معهم، وأضاف إن الترابي اعتقل على هذه الخلفية وإذا لم يثبت تورطه بالتطورات الأخيرة بدارفور فسيطلق سراحه.‏

ويرى مراقبون أن الخرطوم تتجه للتعامل بحزم مع أية تحركات ترى أنها تهدد الأمن القومي، حتى ولو كان اعتقال قادة سياسيين معارضين كالترابي الذي سبق أن كان حليفا للرئيس عمر البشير قبل أن ينشق عنه عام 1999 ويشكل حزبا معارضا، ويتهم الترابي بأنه كان من الداعمين والمنسقين مع حركة العدل والمساواة أثناء هجومها على أم درمان أيار 2008، وهو من المنادين علنا بضرورة أن يسلم الرئيس عمر حسن البشير نفسه للمحكمة الجنائية الدولية.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية