|
ثقافة على كل حال نقف اليوم مع رحلة عاصي الرحباني منذ علائم المرض وصولاً إلى الرحيل واعتماداً على كتاب الأستاذ جان ألكسان، المعنون: الرحبانيون وفيروز وهو صادر حديثاً عن دار التكوين في دمشق. يقول الأستاذ: جان ألكسان: في السادس والعشرين من أيلول عام 1972 نقل عاصي الرحباني من مكتبه في شارع بدارو وهو في أقصى ما يكون عليه من الارهاق في العمل إلى الغرفة رقم 114 في الطابق الأول من مشفى رزق في حي الأشرفية ببيروت. ويوم سقط عاصي مريضاً كان للنبأ وقع الصاعقة، زحف الجميع إلى المشفى يسألون بلهفة فهو ثروة قومية كبيرة واتصل مسؤول من دمشق ليقول: إن الرئيس حافظ الأسد يضع امكانات الدولة السورية من أجل صحة الفنان الكبير ومن ذلك المجيء بطبيب عالمي لانقاذه أو نقله إلي أي مكان يمكن أن تتم فيه معالجته. شخّص الأطباء الحالة على أنها نزف دموي في الجزء الأيسر من الدماغ وليس هناك من حل أمام الطب يكفل الابقاء على الاثنين: عاصي الإنسان وعاصي الفنان. وكانت فيروز آنئذ مريضة وصرحت أنها مستعدة لفدائه بأي شيء وتم استدعاء الطبيب الفرنسي: كلود لوغرو من مونبيليه وأجرى له جراحة دقيقة في الرأس، وقد صرح أن عاصي ضحية نبوغه وضحية فنه وضحية العمل المتواصل. وخرج عاصي بعد شهرين من المشفى ولكن الكلمات لم تعد تخرج من فمه إلا بعد أن تتعثر على لسانه.. سأل يومها لكنهم لم يخبروه عن الذي حل به ويوماً بعد يوم أدرك أن عاصي الحقيقي انفصل عنه وأصبح في بال الماضي. لم يعد يعرف القراءة لم يعد يعرف الكتابة ولم يعد ينادي من يعرفهم بأسمائهم الأصلية وكان يقول: حظي شو كان حلو حظي ياضيعانو.. وبكل احساسه عاش عاصي أربعة عشر عاماً ووجعه كان الاحساس فقط لا يكفيه وفي الساعة الحادية عشرة والنصف من قبل ظهر السبت في 21 حزيران 1986 قطعت إذاعة صوت لبنان برامجها وأعلنت خبر وفاة عاصي وكان الياس الرحباني شقيقه الأصغر لا يعرف ماذا يفعل وجميع أفراد الأسرة الرحبانية خارج لبنان ولم يفتح دار عاصي في الرابية إلا بعد أن وصلت فيروز وانتقلت إليه.. وقد تحدثت فيروز بعد لصحيفة لبنانية قائلة: ليس جديداً على ألا أعيش الفرح، لا يقيم الفرح عندي غير لحظات.. كنت في ذروة النجاح بعد احياء حفل لندن واتصلت ببيروت لأطمئن على صحة عاصي قالت لي ريما: الحمد لله.. بس في شغلة بسيطة ظهرت في صدره وجاء الحكيم وعمل اللازم.. |
|