تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


النيجـــر.. فقـــر وجـــوع.. وثـــروات تبتلعهـــا الشـــركات الأجنبيـــة

قاعدة الحدث
الثلاثاء 2-3-2010م
فاتن عادلة

رغم فقر النيجر، فإنها تعوم على بحر من الثروات، أهمها اليورانيوم والنفط والذهب، ما يسيل لعاب الشركات الأجنبية وخاصة الأميركية للاستحواذ عليها.

كما أن موقعها المهم في غرب إفريقيا يجعلها محط أنظار القوى الاستعمارية الجديدة للسيطرة عليها، وبالتالي لإكمال الطوق حول القارة الإفريقية بأكملها. وهذا ما تسعى إليه الولايات المتحدة الأميركية، التي تسعى لإزاحة القوى الاستعمارية التقليدية وخاصة الأوروبية والحلول محلها من أجل الهيمنة العسكرية المباشرة، وكذلك لحماية طرق نقل الطاقة من النفط الوارد إليها من هذه القارة المنكوبة بالاستعمار والتخلف والفقر والجفاف. ويبدو أن النيجر مؤهلة أميركياً أكثر من غيرها لاستضافة مقر القيادة العسكرية الأميركية لإفريقيا (أفريكوم) عقب الإنقلاب الذي أطاح بالرئيس تونغا. ومن خلال مغازلتها للانقلابيين ووعودها لهم برفع العقوبات في حال ساروا وفق الهوى الأميركي، فإن واشنطن تسعى لجعل النيجر مقراً لقيادة (افريكوم). وبالتالي لإحكام قبضتها على القارة الإفريقية بذريعة مكافحة الإرهاب.‏‏

فهل تنجح مساعي واشنطن أم إن الأمور لن تسير حسب مشيئة العسكريين الأميركيين، وهنا ينبغي تضافر جهود البلدان المجاورة للنيجر وكذلك الاتحاد الإفريقي لمنع تحويل هذا البلد إلى قاعدة أميركية تهدد باقي الدول.‏‏

في هذه الصفحة نلقي الضوء على النيجر، تاريخه وجغرافيته وسكانه، وكذلك ثرواته والمشكلات التي يعاني منها هذا البلد.‏‏

تقع جمهورية النيجر غرب إفريقيا, يحدها من الجنوب نيجيريا وبنين, ومن الغرب بوركينا فاسو ومالي, ومن الشمال كل من الجزائر وليبيا, بينما تحدها تشاد من الشرق،عاصمتها وحاضرتها الاقتصادية نيامي وهي أكبر مدن النيجر. تقع أغلب مدن النيجر على الضفة الشرقية لنهر النيجر في الجزء الجنوبي الغربي من البلاد، وهي دولة غير ساحلية لا تطل على البحر.‏‏

وتقسم إداريا إلى سبع مناطق إدارية ومنطقة مستقلة تمثل العاصمة وهي دولة إسلامية وعضو في منظمة المؤتمر الإسلامي والاتحاد الإفريقي والأمم المتحدة.‏‏

تبلغ مساحة النيجر نحو 1.267.000كم مربع ما يجعلها أكبر دول غرب إفريقيا وتغطي الهضاب الرملية والصحاري المناطق الشمالية التي تحتل نحو ثلثي مساحة البلاد وفي الإقليم الأوسط لهذه الدولة تترامى سلسلة جبال ايار ماسيف التي تتاخمها مجموعة من السهول المنبسطة وتصل أعلى قمة في النيجر وهي جبل جريبون إلى ارتفاع نحو 1.944م فوق سطح البحر.‏‏

تشكل النيجر جزءاً من الصحراء الكبرى وتنتشر فيها المساحات الصخرية والرملية الواسعة مع وجود بعض الواحات بينما تصل حدودها البرية إلى 5.697 كم مربع.‏‏

يقرب عدد سكان النيجر من 15.300.000 مليون نسمة يتركز معظمهم في أقصى جنوب وغرب الدولة ويشكل الأفارقة الأصليون نحو 98% من إجمالي السكان أما الأقليات فتمثل الطوارق وقلة من البيض والآسيويين، تعتبر الفرنسية اللغة الرسمية للدولة ولغة التدريس الأساسية غير أن معظم السكان يتحدثون بلهجاتهم العرقية ويتحدث أكثر من 85% لغة الهوسا التي تشكل لغة التعامل الأساسية في المعاملات التجارية، وتحتل لغة الديجرما- صبغي المرتبة الثانية في الانتشار إضافة إلى أن بعض أبناء النيجر يتحدثون العربية.‏‏

ورغم وقوع النيجر في قلب الصحراء الكبرى القاحلة, إلا أن الآثار التاريخية الموجودة فيها وفقا لعلماء الآثار, تؤكد أن هذه الأراضي كانت خصبة قبل خمسة آلاف سنة، يدل على ذلك ما تركه الرعاة الذين سكنوا تلك الأرض من رسومات ونقوش خلفوها وراءهم تمثل الحياة البرية واستئناس الحيوانات بالإضافة إلى صور وأثار لعربات تجرها الخيول وثقافة أصيلة تمتد إلى عشرة آلاف سنة قبل الميلاد. وقد ازدهرت الحضارة في هذه المنطقة في الصحراء الكبرى بالقرب من بحيرة تشاد الواقعة في الجنوب الشرقي للبلاد وعرفت باسم حضارة قانم- بورنو.‏‏

في القرن الخامس عشر أقام الطوارق وهم من قبائل عربية سلطنة اجاديز التي سادت شمال البلاد وفي القرن السابع أقامت قبائل الجرما إمبراطورية على شاطئ النهر في الجنوب الغربي وقد وصل الأوروبيون إليها وسيطرت فرنسا على أجزاء من غرب افريقية بناء على اتفاقيات بين القوى الأوروبية الاستعمارية المختلفة خلال الفترة ما بين 1885_1890 م وبحلول 1900 سيطرت فرنسا على معظم أجزاء النيجر والتي أصبحت فيما بعد مستعمرة فرنسية فيما وراء البحار وقد نالت النيجر استقلالها في 3 آب 1960م.‏‏

والنيجر إحدى الدول الإفريقية التي تصنف في عداد الدول الأكثر فقراً في العالم. وقد تعرضت لموجات متلاحقة من الجفاف، كان لها أثر بالغ في تدمير اقتصاديات البلاد من خلال التأثير على معدلات الإنتاج الزراعي والحيواني.‏‏

ويعتبر اليورانيوم من أهم مواردها الاقتصادية وخاصة مع اكتشاف منجمين كبيرين، إذ تعتبر هذه البلاد ثالث أكبر بلدان العالم إنتاجاً وتصديراً لليورانيوم بعد كندا واستراليا. هذا إلى جانب مجموعة أخرى من المعادن كخام الحديد، والفوسفات، والفحم والقصدير، والتنغستين، والنطرون، والملح. وتشير التقارير إلى اكتشاف احتياط كبير من الذهب والنفط.‏‏

أما الزراعة والرعي فيعتمد عليها نحو 90% من السكان في معيشتهم.‏‏

وتشمل الصادرات الزراعية القطن، والفول السوداني. كما تصدر النيجر المواشي واللحوم والجلود. وأهم المحاصيل التي يعتمد عليها المزارعون فهي الفاصوليا، والمنيهوت، والدخن، والبازلاء، والأرز، والذرة إضافة لتربية الحيوانات، كالأبقار والثيران والمعز والجمال، فضلا عن أن بعضها يوفر لهم وسائل للنقل،وتشكل حاصلات بيع الدواجن والثروة الحيوانية ثاني أكبر مصدر للدخل القومي، ويعتمد الاقتصاد الزراعي للنيجر بشكل كبير على السوق الداخلية والزراعة الموسمية وتصدير المواد الخام كالغذائية والماشية لدول الجوار.‏‏

لقد كان لضعف وسائل النقل أثر سلبي في التنمية الاقتصادية في النيجر؛ فالبلاد تفتقر إلى خطوط السكك الحديدية. كما أن أغلب طرقها البرية غير معبدة، ويمتلك أقل من 1% من إجمالي سكان البلاد سيارات خاصة. وتستخدم الشاحنات في نقل السلع والبضائع. كما أن هنالك وسائل للنقل الجماعي. وتوفر النيجر خدمات النقل الجويّ عبر مطار نيامي الدولي.كما أن نهر النيجر لايصلح للنقل النهري الثقيل حيث يفتقر للعمق المناسب الذي لا يسمح لسفن الشحن الكبيرة بالملاحة.‏‏

أما أهم صناعاتها فهي تعدين اليورانيوم والاسمنت والطرب والصابون والمنسوجات وتجهيز الأغذية، والكيماويات والمسالخ.‏‏

ورغم ذلك تظل النيجر بحاجة للتعاون مع جيرانها للنهوض بنفسها اقتصادياً واجتماعياً, بسبب موقعها كدولة لا شواطئ لها وافتقارها للبنية التحتية المناسبة وضعف حالة القطاع الصحي وانحسار مستوى التعليم والظروف البيئية..‏‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية