|
حوادث
وفي محضر الكشف الطبي الشرعي على جثة المغدور تبين أن سبب الوفاة يعود للاختناق الناجم عن رباط مطاطي لعجلة دراجة هوائية وأن زمن الوفاة يعود إلى 3-5 أيام من تاريخ اكتشاف الجثة. هذا وقد أشار بعض شهود عيان إلى تردد امرأة بشكل مستمر على بسطة المغدور حيث شوهدت لأكثر من مرة وهي تعاونه في عمله بإعداد وبيع الشاي، ولدى مثول تلك المرأة (كشاهدة) أمام قاضي التحقيق بدمشق أفادت أنها على معرفة بالمغدور كونه «ابن عمتها» وقد سبق أن تزوجت منه لمدة ستة أشهر بعقد عرفي ثم طلقها وتم تمزيق هذا العقد، إلا أنها بقيت تتردد عليه بحكم القرابة حيث كان ينام في بعض الأحيان في مدينة تشرين، وأحياناً وراء أكشاك مشفى المواساة في منزل مهجور ومرات في المنزل العربي العائد لوزارة السياحة. وأضافت أن المغدور كان يصاحب النساء ويتناول المشروبات الروحية وليس له أصدقاء باستثناء صديق واحد.. أحد أصحاب الأكشاك أفاد من جهته أنه قد سأله أحد الأشخاص مرة عن المنزل الذي كان ينام فيه المغدور وبالتوسع في التحقيقات اعترف المدعو (أكثم) بالحضور إلى هذا المنزل بعد السؤال عنه والاستدلال عليه وبأنه قد خنقه بواسطة الإطار المطاطي الداخلي لدراجته الهوائية بدافع الغيرة كونه قد تعرف على قريبته التي سبق أن تزوج المغدور منها بعقد عرفي، وقد حصلت هذه المعرفة أثناء عمله ببيع مادة (غزل البنات) على دراجة هوائية في محلة جسر الزاهرة. وخلال فترة تعارفهما قد اصطحب قريبة المغدور عدة مرات إلى منزله في الحجر الأسود حيث كان يقيم مع أشقائه ثم فكر بالزواج منها فوافقت وانفصل عن سكنه مع أشقائه واستأجر منزلاً آخر ليقيما به معاً بعد الزواج، ولكنه لاحظ خلال تلك الفترة ورود اتصالات على جوال من اختارها للزواج فسألها عن هوية المتصل فأخبرته أنه ابن عمتها وطليقها من زواج سابق وأنهاتعطف عليه بسبب ضعفه ،ثم أخذت تتردد عليه متذرعة بأنها تساعده في عمله على البسطة بإعداد وبيع الشاي.. ما أثار غيرته وغضبه فراح ينهاها عن التكلم معه أو التردد على بسطته ولكنها لم تمتثل لأوامره، فراح يهددها بأنه إذا حصل شيء لابن عمتها فستكون هي السبب ومن شدة تعلقه بها، نفذ تهديده فعلاً حيث ذهب إلى المزة في اليوم الذي سبق مقتل المغدور عمار وتعرف على مكان سكنه ثم عاد إلى منزله ليأخذ (شمبرييل) دراجته الهوائية ويذهب عند الثالثة فجراً إلى المنزل المهجور الذي كان يقيم غريمه فيه حيث وجده جالساً على الأرض وهو بحالة سكر، فاقترب منه من الخلف ولف الإطار المطاطي على رقبته وراح يشده حتى فارق المغدور (الذي لم يقوَ على مقاومته بسبب كونه ثملاً) الحياة, ومن المفارقة أن يتهم الجاني أكثم قريبة المغدور بأنها هي من حرضته على قتل ابن عمتها عمار.. وباستجواب المذكورة للمرة الثانية أمام قاضي التحقيق أنكرت الأمر وادعت بأن هذا من تحريض شقيق المغدور، واعترفت أنها بعد طلاقها من المغدور لجأت إلى شقيقته التي تعمل بالدعارة وقد عملت معها لمدة شهرين فقط ثم تركتها لتتعرف على المتهم /أكثم/الذي اتفقت معه على الزواج ولم تحرضه أبداً على قتل ابن عمتها.. وأضافت: إن المذكور قد سبق وأعلمها بعد ورود اتصالات من المغدور على جوالها وترددها عليه، بأنه سيقوم (بضرب) المغدور وقال لها مرة (لأنك بتروحي لعند عمار، بدي اقتله وسيكون ذلك على يدي) وقد فوجئت بعودته إلى المنزل في تاريخ وقوع الحادثة وآثار الغبار على ثيابه التي طلب منها أن تنظفها دون أن يخبرها بأنه قد قتله حقيقة. كما أشارت إلى حيازة المتهم سكيناً وعندما عرفت بأن المغدور خنق بواسطة إطار دراجة هوائية ولم يقتل بسكين قالت: إنها تشك بأن المتهم -أكثم- هو الذي خنقه لأنه يملك دراجة هوائية وهي لاتعرف غيره يملك دراجة. اللافت تراجع -المتهم- الذي اعترف بداية في ضبط فرع الأمن الجنائي بدمشق رقم 3214 بخنق المغدور عن أقواله واعترافاته الأولية التي زعم أنها انتزعت منه بالإكراه والشدة والخوف حيث أنكر أمام القضاء معرفته بالمغدور أو التهديد بقتله، مشيراً إلى استهداف المغدور من قبل جماعة يريدون قتله وبأن سبب الاشتباه به كونه على علاقة مع قريبته. جاء ذلك بعد اعتراف المتهم أمام الأمن الجنائي بأنه في صباح اليوم الذي قرر فيه القتل اشترى موس (كباس) لحماية نفسه حين تنفيذ عملية القتل.. هيئة محكمة الجنايات الثانية بدمشق لم تقتنع بأقوال المتهم، ومالت لإدانته في القرار رقم 26 في الدعوى أساس 49 لعام 2010 بجناية القتل القصد، تبديلاً للوصف الجرمي المسند إليه من قبل قاضي الإحالة وهي جناية القتل العمد وذلك بالاستناد إلى أنه لم تجد في ملف هذه القضية مايشير إلى أن المتهم قد بدأ بالتحضير لعملية القتل قبل مدة طويلة، بل إن الثابت من التحقيقات الأولية وماتلاها من التحقيقات القضائية أنه هيأ أدواته قبل يوم أو يومين سابقين لارتكابه الجرم.. كما ثبت أن حالة الاضطراب التي اعترت المتهم قد لازمته لحين قتله المجني عليه، وكانت قد سيطرت عليه مشاعر الاستياء والغضب بشكل كلي وأن هذه المشاعر لم تفارقه ولم تسمح له بالتفكير بروية وتأنٍ بل إنه تصرف، تصرف الإنسان الفاقد للتركيز والمنفعل والمتوتر... الأمر الذي اقتضى مساءلته بجناية القتل القصد ومعاقبته بوضعه في سجن الأشغال الشاقة المؤقتة مدة خمس عشرة سنة... |
|