|
علوم
وقد قدم الجيولوجيون في القطر العربي السوري جهوداً كبيرة ومخلصة في تطوير هذا العلم,وحققوا الكثير من الاكتشافات الهامة,التي ساهمت بشكل فعال في دعم اقتصاد البلد ودعم مسيرة تطوره,ولإلقاء مزيد من الضوء على هذا الموضوع التقت (الثورة) الدكتور عامر علي غبرة عضو الهيئة التدريسية في قسم الجيولوجيا في جامعة دمشق,والمسؤول الثقافي في الجمعية الجيولوجية السورية,وكان لنا معه هذا الحديث: > بداية نرجو أن تحدثنا عن أهمية علم الجيولوجيا. >> اسمح لي أولاً أن أتقدم بالشكر لجريدة الثورة لاهتمامها بهذا الموضوع المهم,وإتاحتها الفرصة لإلقاء الضوء على علم الجيولوجيا بشكل عام,وعلى الجيولوجيا والجيولوجيين في القطر العربي السوري بشكل خاص,فبكل بساطة وبشكل مختصر نقول:إن الجيولوجيا (أو علم الأرض):علم يهتم بدراسة كوكب الأرض من حيث بنيته,ونشأته,وتطوره,والمواد التي يتكون منها,والمنتجات التي يمكن الحصول عليها من هذه المواد,والظواهر الطبيعية التي تحدث فيه,والآثار التي يمكن أن تنتج عن هذه الظواهر.من هنا نجد أنه بالإضافة إلى الأهمية العلمية النظرية التي يتميز بها علم الجيولوجيا,والتي تتمثل بمحاولة الحصول على تفسيرات واضحة لكثير من المسائل التي شغلت العقل البشري منذ القدم,كمعرفة كيفية نشوء الأرض نفسها,وكيفية نشوء الحياة عليها,ومراحل تطورها,وأسباب الكثير من الظواهر الطبيعية التي تحدث فيها,أو تتأثر بها,فإن الجيولوجيا تتميز أيضاً بجانبها التطبيقي الهام,الذي يتمثل بالكشف عن الثروات الباطنية واستخراجها والاستفادة منها,وذلك كالنفط, والغاز, والمياه, والفوسفات, والحديد, والذهب, والملح, وغيرها من الثروات التي يعتمد عليها بشكل رئيس اقتصاد معظم -إن لم نقل جميع دول العالم,وكذلك دراسة الظواهر الطبيعية كالزلازل والبراكين والتنبؤ بها,والتقليل من مخاطرها,وذلك بالإضافة إلى الدراسات الجيولوجية التفصيلية للأماكن المقترحة لإقامة المنشآت الهامة,كالسدود,والأبنية الكبيرة,وغيرها وبالتالي اختيار الأماكن المناسبة لتشييد هذه المنشآت,أو إجراء المعالجة اللازمة قبل إقامتها,وهو ما يجنب حدوث كوارث كبيرة يمكن أن تكون سبباً في وقوع خسائر بشرية,واقتصادية فادحة,وذلك كانهيارات السدود,وانزلاقات الأبنية. > ما الدور الذي أدته الجيولوجيا في القطر العربي السوري? >> يتميز بلدنا بوجود عدد من الثروات الطبيعية الهامة التي تشكل جزءاً هاماً ورئيساً من اقتصاده,وقد أثبت الجيولوجيون في القطر العربي السوري كفاءة عالية في التعامل مع هذه الثروات اعتباراً من الدراسات الاستكشافية حتى مراحل الاستخراج والاستثمار,وقد عمل الجيولوجيون السوريون بكل إخلاص وتفان وشعور بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم غير آبهين بحرارة الصحراء الملتهبة صيفاً ولا برودة الشتاء القاسية,بعيدين عن أماكن سكن أسرهم,أم قريبين منها,طامحين دوماً إلى اكتشافات جديدة,واستثمارات أفضل,وقد نجحوا في معظم الحالات في تحقيق أهدافهم المرجوة في ذلك,مثبتين أنه يمكن للكادر الوطني عندما تتوفر له الظروف المناسبة أن يؤدي دوراً مماثلاً للدور الذي تؤديه الكوادر الأجنبية في بعض البلدان المتطورة,أو حتى يمكن أن يتفوق عليه في كثير من الحالات,فكثير من الاكتشافات النفطية والغازية على سبيل المثال قد تحققت بجهود وتفاني الجيولوجيين السوريين,ولا بد لنا ونحن نتحدث في هذا الإطار أن نشيد بالجهود التي قدمتها أقسام الجيولوجيا في الجامعات السورية,وعلى رأسها قسم الجيولوجيا في جامعة دمشق,التي استطاعت على مدى عشرات السنوات أن تخرج أجيالاً من الجيولوجيين,الذين أثبتوا كفاءاتهم سواء أكان في ميادين العمل المباشر,أم من خلال متابعتهم لتحصيلهم العلمي والحصول على شهادات عليا من جامعات وأكاديميات ومعاهد متخصصة في مختلف الدول المتطورة. > الآن لو سمحت أن تحدثنا عن الجمعية الجيولوجية السورية وأهدافها. >> لقد تطلبت المهام الجسيمة الملقاة على عاتق الجيولوجيين,والدور الهام الذي يؤدونه في خدمة اقتصاد بلدانهم أن ينتظموا في نقابات مهنية جيولوجية تعمل على تنسيق جهودهم العلمية والعملية,ما يعزز ويقوي دورهم في خدمة البلدان التي ينتمون إليها,ويشعرهم بنوع من الطمأنينة بوجود هذه النقابات التي ترعى مصالحهم وتشجعهم على تقديم أفضل ما لديهم.أما بالنسبة للجمعية الجيولوجية السورية,التي تعد من أقدم الجمعيات العلمية في القطر العربي السوري حيث تأسست عام 1957م أي منذ ما يقارب نصف القرن,عندما كان عدد الجيولوجيين في القطر لا يتجاوز العشرات فقط,وكان من أول أهدافها إحداث نهضة جيولوجية في مختلف فروع الجيولوجيا والعمل على دعم كل ما من شأنه رفع مستوى الجيولوجيا والجيولوجيين في البلاد,وبالفعل فقد عمل جيولوجيو القطر العربي السوري خلال هذا الزمن الطويل بكل جد وإخلاص على تحقيق كل ما من شأنه خدمة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في بلدنا الحبيب,وذلك من خلال ما أجروه من دراسات استكشافية وتحريات لازمة لخدمة المشاريع الإنتاجية,وترشيد استثمار الموارد ودرء المخاطر الطبيعية,وقد قدمت الجمعية الجيولوجية خلال تاريخها الطويل عشرات المحاضرات العلمية التخصصية,أو العامة في مختلف المجالات الجيولوجية وشملت نشاطاتها مختلف المدن السورية,وتصدر عن الجمعية الجيولوجية السورية مجلة علمية متخصصة تعتبر من المجلات العلمية الجيولوجية الرائدة على مستوى الوطن العربي. وباختصار فإن كانت الأعمال التي قدمها الجيولوجيون السوريون من خارج أو من داخل الجمعية الجيولوجية السورية يمكن أن تتلخص بأسطر قليلة,فإن تنفيذها قد احتاج إلى تضافر جهود الجيولوجيين المخلصين لخدمة الوطن عشرات السنين. > ما الذي تطمح إليه الجمعية الجيولوجية السورية والجيولوجيون السوريون في الوقت الراهن? >> إن الجيولوجيين السوريين يطمحون دوماً إلى تقديم أفضل ما لديهم لخدمة هذا الوطن,وهم يرون أن من حقهم,ومن حق الوطن عليهم أيضاً أن تكون لهم نقابتهم الخاصة,هذا الحلم الذي ما زال يراودهم منذ زمن طويل,إنهم يرون أن من حقهم إقامة نقابة جيولوجية تساهم في رفع شأن مهنة الجيولوجيا في الوطن وتعزز دورها العلمي والتطبيقي في مختلف الميادين وتعمل على توظيف إمكاناتهم وتشجيع ودعم مبادراتهم الفردية والجماعية ورفع سويتهم العلمية والتنظيمية لكي يستطيعوا أن يقدموا أفضل ما لديهم في عصر العلم والمعلوماتية والتنافس الاقتصادي,وإذا كان عدد الجيولوجيين عند تأسيس الجمعية الجيولوجية السورية لم يتجاوز العشرات,فإن عددهم اليوم يقدر بأكثر من خمسة آلاف جيولوجي من حملة الإجازات الجامعية, والماجستير, والدكتوراه, وهم يشكلون شريحة هامة متخصصة يقع على كاهلها مسؤوليات جسام,ويعملون في مختلف القطاعات الإنتاجية والخدمية والتعليمية.إن إحداث نقابة للجيولوجيين في القطر العربي السوري أسوة بالنقابات الجيولوجية الموجودة في الدول الأخرى سيشكل بالإضافة إلى كونه ضرورة موضوعية حافزاً هاماً,ومؤثراً إيجابياً للجيولوجيين السوريين,الذين أثبتوا جدارتهم وإخلاصهم في كافة مجالات العمل الجيولوجي,وشكلت إنجازاتهم على مر العقود الماضية,وستشكل دوماً دعامة أساسية من دعائم الاقتصاد الوطني. |
|