|
دراسات يبلغ فكليسوف ال 90 من العمر وما زال على قيد الحياة ويعيش حياة هادئة في وطنه روسيا, وقلد بطلاً للاتحاد السوفيتي وروسيا نظراً لخدماته الجليلة لوطنه وللإنسانية. كان عقيداً في جهاز الاستخبارات الخارجية السوفيتية وكل بمهام كبيرة وخطيرة خارج الاتحاد السوفيتي أبرزها معرفة النشاط البريطاني والأميركي في مجال صنع القنبلة الذرية. لقد لفت فكليسوف اهتمام أجهزة المخابرات السوفيتية منذ أن كان طالباً في معهد مهندسي الاتصالات بموسكو, وعندما أصبح في السنة الأخيرة في المعهد, توجه في بعثته الأولى كرجل للمخابرات إلى الولايات المتحدة, فوصل إلى نيويورك في 27 شباط عام .1941 وكانت إحدى المهام المطروحة أمام رجال الاستخبارات السوفيتية آنذاك والمتواجدين في ما وراء المحيط, تتمثل في العمل للحيلولة دون إقدام الأميركيين على توقيع اتفاقية منفردة مع المانيا النازية ضد الاتحاد السوفيتي. وكلف فكليسوف بمهمة جمع المعلومات العلمية والتكنولوجية الخاصة بالمستجدات في مجال القوى الجوية العسكرية والتقنيات الالكترونية والرادارات وأنظمة التسديد. ولكن دور فكليسوف الشاب الأكثر أهمية كان في كشف الخطط الأميركية والبريطانية السرية لصنع أكثر الاسلحة تدميراً وفتكاً السلاح النووي والهيدروجيني. وأصبح الحصول على المعلومات عن خطط علماء الذرة الأميركيين والانكليز ونتائج بحوثهم العلمية والعملية واحدة من أولويات أجهزة الاستخبارات السوفيتية. واستطاع فكليسوف تقديم خدمات لا تقدر بثمن للمخابرات السوفيتية في إطار مهمته, بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية عام 1945 وانتصار جبهة الحلفاء على المانيا النازية وهزيمة هتلر والدول الحليفة له. بدأت تظهر ملامح ( الحرب الباردة) بين حلفاء الأمس الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة والمعسكر الغربي عموماً. ما فرض على المخابرات السوفيتية استمرار النشاط لمعرفة خطط الغرب في مجال السلاح النووي. واعتباراً من أيلول عام 1947 انتقل فكليسوف إلى لندن, حيث كلف بمهمة احياء الصلات مع عالم الفيزياء كلاوس فوكس الذي عاد من الولايات المتحدة بعد الحرب. وفي أول لقاء بينهما أبلغه فوكس أن زميليه في جامعة شيكاغوتيلر وفيرمي قد بدءا بصنع قنبلة هيدروجينية وشرح له مبدأ تركيبها (ويتميز فكليسوف بقدرته الفائقة على حفظ كل شيء عن ظهر قلب) وحينئذ بالذات حصل من فوكس على معلومات حول عمل البريطانيين أيضاًفي صنع سلاح ذري خاص بهم. في أوج ما يسمى (الحرب الباردة) حصلت الاستخبارات السوفيتية على وثائق تكشف مخططات الأميركيين لاستخدام السلاح الذري ضد الاتحاد السوفيتي. وتم إعداد تلك المخططات في واشنطن اعتماداً على تجربة القصف النووي لمدينتي هيروشيما وناغازاكي اليابانيتين في نهاية الحرب العالمية الثانية عام .1945 وتتضمن المخططات النووية الأميركية تلك قصفاً ذرياً لأهم مناطق الاتحاد السوفيتي وفي مقدمتها موسكو (العاصمة) ومنطقة باكو والأورال والمواقع الأساسية لانتشار القوات السوفيتية, وكان الهدف الاستراتيجي من تلك المخططات هو القضاء على الاتحاد السوفيتي كدولة. وبالمناسبة لقد كان علماء الذرة السوفييت قد عكفوا منذ معرفتهم بصنع السلاح الذري في أميركا على صنع هذا السلاح ومن ثم صنعوا القنبلة الهيدروجينية. وفي نفس الوقت كان من الواضح بالنسبة للسوفييت أن صنعهم لهذا السلاح كان لتوازن الردع, ويدركون أن استخدامه من جانب واحد أمر متعذر وبالتالي يعتبر وسيلة لحفظ السلام. وكان العلماء الغربيون الذين وافقوا على التعاون مع الاستخبارات السوفيتية ينطلقون من نفس هذا المفهوم. وتشهد الوثائق والدلائل العديدة بأن هؤلاء العلماء لم يستلموا أي مكافآت مالية لقاء إفشاء المعلومات السرية وقد لاحظ العالم السوفيتي إيغور كورتشاتوف ذات مرة, أن المعلومات التي حصلت عليها أجهزة الاستخبارات العلمية والتكنولوجية السوفيتية أتاحت تقليص مدة صنع السلاح الذري السوفيتي إلى حد كبير وسبق الولايات المتحدة في صنع القنبلة الهيدروجينية. ويشاطره الكسندر فكليسوف هذا الرأي حيث قال: (إن سلاحنا النووي هو وليد جهود العلماء والمهندسين والعمال لا رجال المخابرات, فقد تمكنوا في ظروف صعبة للغاية وخلال فترة وجيزة من الزمن من صنع درع نووي لوطنهم, أما المعلومات التي جاء بها رجال الاستخبارات فقد ساعدت على تعجيل هذا العمل). في عام 1956 تولى فكليسوف منصب رئيس قسم الولايات المتحدة في جهاز الاستخبارات الخارجية السوفيتية ثم في فترة أعوام 1960-1964 رأس شبكة الاستخبارات السوفيتية في واشنطن. وشارك بصورة مباشرة في تسوية أزمة بحر الكاريبي الصاروخية - النووية,وبمناسبة بلوغه التسعين من العمر أصدر رئيس جمهورية روسيا الاتحادية قراراً بمنح الكسندر فكليسوف مع ستة آخرين من رجال الاستخبارات السوفيتية وسام بطل روسيا تقديراً لمساهمتهم في حل (المسألة النووية) في الاتحاد السوفيتي. واليوم يعيش فكليسوف ويتذكر حياته التي كانت زاخرة بالنضال والتفاني في خدمة وطنه وشعبه, وبطبيعة الحال لن ينساه شعبه ووطنه. |
|