|
اقتصاد أقل نتائجه الرجوع بنا إلى شريعة الغاب التي طالما ناضلناو نناضل ضدها فكراً وممارسة. فالإرهاب الذي أضرم النار وسط لندن بالأمس القريب لا يختلف بحالٍ من الأ حوال عن إرهاب الدولة الذي تمارسه ( إسرائيل) بشكل يومي, من تدمير منازل وقتل أطفال فلسطين فالمجرم شارون مثل أولئك المجرمين الذين ضربوا مدينة الضباب, بل يتفوق عليهم بإجرامه, كونه يتحمل مسؤولية قانونية وأخلاقية أكثر منهم, على اعتبار أنه رجل ( دولة) على الأقل. - مع ذلك كله لا يمكننا تجاهل المقدمات التي أفرزت تلك النتائج بالرغم من النفي المستمر الذي يمارسه رئىس الوزراء البريطاني توني بلير عن علاقة غزو العراق, بما جرى في أنفاق وشوارع لندن. وبإمكاننا تسجيل بعض النقاط فيما يتعلق بذلك: 1- توني بلير زعم قبل الحرب على العراق أن نظام صدام حسين يستطيع تهديد بريطانيا بأسلحة دمار شامل خلال 45 دقيقة, وأضاف أن الخطر حقيقي ومتزايد ويختلف في طبيعته عن أي تهديد لأمننا واجهته بريطانيا من قبل. 2- لقد تزايدت العمليات الانتحارية بشكل واسع وكبير بعد الحرب على العراق بحيث تجاوز العدد عشر العمليات في بعض الأيام وهذا واضح وضوح الشمس في يوم صيفي. 3- عدم الاعتراف بالخطأ في غزو العراق, والكذب المستمر بهذا الخصوص أفرز وضعاً نتج عنه الإرهاب. فقد نقلت صحيفة التايمز عن الاستخبارات الداخلية البريطانية أم. إي. 5 أن العراق شكل حافزاً إضافياً للإرهابيين في بريطانيا وأوروبا. 4- استمرار العناد والمكابرة في نفي العلاقة بين الإرهاب وغزو العراق سيزيد الأمور تعقيداً, بينما الاعتراف بهذه العلاقة ووضع الأمور بنصابها, يشكل بداية للحل, والقضاء على الإرهاب بمعالجة مسبباته. 5- إن هؤلاء الذين تم استهدافهم في أنفاق وشوارع لندن هم من فقراء بريطانيا من العمال وصغار الموظفين,ليس فيهم أي سياسي أو نافذ, ويشكلون طيفاً من أبناء مدينة أوروبية حشدت الكثير من أبنائها لمناهضة حرب العراق التي ثبت عدم جدواها قبل عدم شرعيتها. 6- خروج جورج دبليو بوش وتوني بلير عن القانون الدولي, وابتعادهم عن العدل لا يبرر لأحد أياً كان أن يمارس نفس الفعل تحت ذريعة رد الفعل, لأن أي مبررات قد تعطى لمثل هؤلاء القتلة تشكل إمتهاناً لآدميتنا وأخلاقنا وإنسانيتنا. وقد يكون من المفيد العودة بالذاكرة قليلاً إلى الوراء للأيام الأخيرة للانتخابات الرئاسية الأميركية, لنتوقف عند توقيت إطلالة زعيم القاعدة أسامة بن لادن علينا. بخطبة مقتضبة مدروسة, دفعت بجورج دبليو بوش للولاية الثانية, وقد رأى فيها كبار المحللين السياسيين والاستراتيجيين جرعة دعم لبوش كان أحوج ما يكون إليها, من أجل البقاء في كرسيه لفترة رئاسية ثانية, وفي الضفة الأخرى أطل علينا أصحاب النوايا الطيبة, التي لا مجال لها في معرض ما نحن فيه, ليقولوا إن ابن لادن ساعد بوش على الصعود ثانية بهدف إبقائه على رأس أميركا, من أجل محاربته نداً لند, أسامة مقابل بوش!!.. - ما يؤكد أن هذه الحجج والذرائع واهية ولا أساس لها من الصحة أننا لا حظنا في الأسابيع الأخيرة تراجع شعبية بوش تراجعاً حاداً. قد وجه بنقد لاذع على المستويين الرسمي والشعبي, إن كان في صفوف أبناء حزبه الجمهوريين أو منافسيهم الديمقراطيين, وقد بات المتابع يرى أن الجمهوريين ليسوا في وارد المجازفة بمستقبل حزبهم مقابل الحفاظ على الرئيس بوش. - وفي هذه الحال تكتمل الصورة, حرب خاطئة, قادت لنتائج خاطئة, جعلت من غزو العراق تحت بطانة الحرب على الإرهاب كمسوغ نكتة سمجة لم يعد يتقبلها أحد في العالم حتى الأميركيين أنفسهم, وبدلاً من إصلاح الخطأ بعد الاعتراف به. تم التمادي في الخطأ, وقام الأميركيون بإنشاء دائرة في البنتاغون لصناعة مزيد من التضليل والكذب المبرمج والمنسوج بدقة عالية, سموها دائرة التضليل, لتكون النتيجة زيادة الطين بلة كما يقال. وبالعودة إلى الموضوع الأساس نجد أن العمل الإجرامي الذي زلزل عاصمة الضباب, ضرب العقول قبل النفوس وجعل من ( غزوة) لندن مبرراً آخر للاستمرار في الخطأ والزيادة فيه, بصرف النظر عن أدوات التنفيذ. ما يدلل على قرب ذلك من الحقيقة كلام الرئيس بوش نفسه في أعقاب هجمات لندن, حين قال: إن تفجيرات لندن تستهدف العالم ( المتحضر) وأفضل وسيلة لحماية أميركا هي استمرارها في موقف هجومي. - برأينا أن سلسلة الإرهاب التي لا تتوقف وهي الوجه الاخر لسياسة ( الفوضى الخلاقة) التي تنتجها الولايات المتحدة الأميركية كمعيار قيمي وحيد لإعادة تشكيل العالم وصياغة التاريخ. |
|