تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


إعلان الحرب وفق الامتياز الملكي ..!

دراسات- ترجمة
الأحد 11/9/2005
بقلم: مارتن كيتل - ترجمة: دعد السليمان

لائحة كلير شورت ستحدث تضارباً بالقانون بالاتفاق مع العالم المعاصر.

يدون تيلور في كتابه الذي يتحدث فيه عن تاريخ انكلترا من عام 1914 حتى عام 1945 وبدقة أنه تم الإعلان عن مشاركة بريطانيا في الحرب العالمية الأولى عندما كان الملك جورج الخامس لا يزال متمتعاً بامتيازات واسعة من الملك هنري الثامن, لكن لم تكن هذه سوى البداية في عالم الحروب.‏

يستطرد تيلور قائلاً:(عند الساعة العاشرة والنصف في اليوم الرابع من شهر آب عام 1914 عقد الملك اجتماعاً سرياً في قصر باكنغهام الذي حضره وزير فقط واثنان من موظفي القضاء, أما مجلس الوزراء فلم يكن لديه أي دور يذكر ليقر في أمر يجنب الدولة مخاطر الحرب, بل كان على الحياد تماماً ولم يخول للبت في أمر الحرب سلباً أم إيجاباً, أما البرلمان في المملكة المتحدة وعلى الرغم من اطلاعه على الأحداث فلم يقدم أي موافقة رسمية على تصرفات الحكومة حتى وافق على اعتماد مالي قدره مئة مليون دولار في السادس من آب.‏

ولم تكن هذه نهاية النفوذ وحقوق الامتياز فالحكومات والمجالس النيابية للسياسات البريطانية لم تستشر أيضاً بقرار كهذا حيث أعلن كل قائد حاكم الحرب على سلطاته الخاصة باستثناء كندا التي أعلن برلمانها موافقته.‏

وهكذا تورط أكثر من 300 مليون إفريقي وآسيوي عبر العالم وبدون استشارة أحد منهم (تورطوا في حرب لم يدرك أولئك الذين أعلنوها أي شيء عن طبيعة العدو). كما يشير تيلور.‏

التاريخ يعيد نفسه ويبدو اليوم من المستحيل أن تتخيل أشياء كثيرة عن الحرب العالمية الأولى تحدث في أي مكان بالطريقة نفسها, على سبيل المثال معاناة الجبهات الغربية لن تستمر مدة أسبوع في عصر الهاتف المحمول والمطالبة بالحقوق الإنسانية لكن امتلاك حق الامتياز وإقحام الأمة في حرب دموية, فلم يطرأ عليه أي تعديل وكأن شيئاً لم يتغير منذ عهود القرون الوسطى, بالطبع هنالك مبالغة في استعمال وصف كهذا فقد كان استخدام النفوذ والحق, بالامتياز الملكي رسمي في عام 1914 لكنه الآن يبدو أكثر رسمية, على الأقل في الأنظمة الديمقراطية بقدر ما يتطلبه قانون الحقوق الإنسانية لم تحول السياق السياسي إلى قرار تلعب به كيفما تشاء لشن حرب تعتقد بصحتها ومع الاستمرار بمزاولة المهنة تستخدم الحكومة نفوذها بالنيابة عن العرش الملكي وبالممارسة ستفعل هذا وتتصرف بالسلطة فقط عندما لا يبدي البرلمان أي معارضة ومن حيث المبدأ إن لم يكن بالممارسة أيضاً سيقحم رئيس الوزراء شعبه في حرب خاسرة دون اعتبار لموافقة أو رأي البرلمان.‏

إنه يحسن استعمال سلطة نظرية ببراعة سيعترف بها كل من يؤمن بالحقوق الإلهية الملكية, وبقيت هذه السلطات المؤلهة تشكل أمراً غير قابل للجدل في كل مكان من القرن العشرين وبدون أي منافسين أو بوادر شكوكية حولها, ومع ذلك فإن تلك السلطات لا تزال تعتبر أن أسلوبها هو القاعدة الأساسية في فن الحرب, ففي أيلول عام 1939 ينتقل تشامبرلين بتصريحه للحرب إلى البرلمان على أنه حقيقة منجزة بشكل بارع ولم تتح الفرصة ل M.P.S للتصويت على الاقتراحات بشأن الحرب الكورية عام 1950 وحرب الخليج عام 1991 إلا بعد أن نشرت القوات العسكرية وكانت الحرب العدوانية قد بدأت وانتهى الأمر.‏

عام 2003 سارت الحرب على العراق في مشروع دستوري جديد وقد أتاحت بريطانيا ولأول مرة الفرصة ل M.P.S للتصويت بشكل حقيقي على حرب قبل البدء بشنها, في الحقيقة هذا الأسلوب هو نوع من الاستجابة التكتيكية لضعف الحكومات لكن أيضاً استجابة لإحساس متنام ضمن الإصلاحات الدستورية بأن ممارسة الحكومة لامتيازاتها يكمن الآن تحت ظل قضية عظيمة.‏

قبل ثلاثة أشهر من وقوع الحرب ناقش بلير هذه القضية مع لجنة العلاقات العامة واتفق مع ال M.P.S على ضرورة تصويت البرلمان والحكومة من أجل الحرب, حتى إنه أخبر اللجنة قبل الشروع بأي إجراء قانوني أنه من المناسب أن تجري عملية التصويت..(والمسألة هذه تطرح نفسها, هل تتخذ هذه الخطوة الإضافية ونتخلص من الامتياز الملكي لكنني لا أرى أي مبرر لتغييرها وأعتقد بأن قضية كهذه نظرية أكثر منها واقعية).‏

قال بلير: (بالممارسة لا أستطيع أن أفكر بالظروف التي يمكن للحكومة أن تشن من خلالها الحرب من دون موافقة ودعم البرلمان), وجدلاً كانت تلك القضية مثار النقاش دوماً وعلى الرغم من أهمية أن تدرك أن طبيعة الحرب الحديثة تزيد من واقعية ما أفاد به بلير, يبدو من الصعوبة بمكان التنبؤ بشكل التهديد الحاصل للشعب الذي تعتقد حكومات بلير أنها قد واجهته عام 1805 - 1914 - 1939 فالحروب التي من المحتمل أن تشنها بريطانيا في القرن الواحد والعشرين من المرجح أن تقتصر على القوى المحترفة كجزء من التحالف باسم النظام الدولي أكثر من اقتصارها على المصالح الوطنية وضمن تغطية إعلامية بالوقت الفعلي على كلا الجانبين وفي ظروف تحدث عرقلة في الحياة اليومية.‏

إن ضمانة شورت ستلهم البعض وتستفز البعض الآخر لكن من التفاهة أن تعتبر اللائحة كاعتذار عن إعادة المناقشات بشأن العراق لأن هذا الإجراء هو بأفضل معنى يشير إلى معيار معاصر ويتطلب منا أن نجمع ما بين قانون الحرب ونظام المسؤولية العامة عن قرار الحرب جنباً إلى جنب مع الحقائق المعاصرة, كما تضع اللائحة البرلمان ضمن مسؤولية عن معظم القرارات المهمة التي يمكن أن تتخذها أي دولة.‏

من المحتمل أن تشمل اللائحة بعض الأخطاء لكن يمكن حلها عن طريق النقاش ضمن لجنة معنية.‏

والقراءة الثانية لللائحة في تشرين الأول ستعطي للكلمات معنى أدق بالنسبة لجميع أعضاء ال M.P.S الذين يدعون الحداثة وقد سبق وأيد هذه اللائحة أسماء كبيرة في جميع الأحزاب السياسية ومن بينها الراحل روبن كوك, وإن كانت هذه الأتاوات تعني شيئاً لروبن كوك, فالتصويت الذي سيجري في تشرين الأول سيكون فرصة لترجمة هذه الكلمات إلى واقع.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية