تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


رسالة سورية

معاً على الطريق
الأحد 11/9/2005
د. اسكندر لوقا

ليست ملكة جمال قبرص للعام 2005 الآنسة (إيلينا ياكونو) الوحيدة التي تطلع على الحضارة السورية, وتصرح للثورة : سأنقل إلى العالم رسالة سورية المحبة للسلام.

هي في اعتقادي واحدة ممن زاروا سورية, ممثلين لشرائح مختلفة في أوطانهم, وخرجوا بعد زيارتهم لها بمثل ما خرجت به ياكونو من قناعة .‏

وفي إضافة لها, أشارت ياكونو إلى أنها لم تكن تعلم من خلال ما قرأته في كتب ومقالات تتحدث عن سورية ما تعلمته بالفعل عنها بعد أن زارتها. ونحن بدورنا تعلمنا منها ما كنا نجهله وهو أن ثمة قرية صغيرة في محافظة طرطوس هي قرية (الحميدية) كان يسكنها مواطنون من اليونانيين القدامى .‏

أقول نحن بدورنا ,ولا أعني ,بطبيعة الحال, كل سكان سورية أو قاطني محافظة طرطوس, بل قليلين أو كثيرين منهم, وإن تكن هذه المعلومة ,بحد ذاتها, تثير لدى قارئها ممن سمع أو لم يسمع بها, كم هي سورية غنية بشواهد تاريخية تؤكد أنها كانت وطنا حاضنا لكل شعوب العالم القديم والحديث نسبيا, وذلك بحكم العلاقات التجارية والثقافية, مثلما كانت, في الوقت نفسه, ممرا للغزاة لفترات مختلفة .‏

شهادة ملكة جمال قبرص, قيمتها تنبع من أنها هي نفسها اشبه برسالة متنقلة ستكون مقروءة في أي مكان تزوره مستقبلا بحكم الرحلات المعدة لها وذلك على نحو ما يعد لملكات جمال العالم عادة .‏

وسورية التي هي اقدم حضارة في العالم, قادرة على أن تحتل موقعها في ذاكرة زائريها من مختلف الجنسيات والأعمار, وذلك لاحتوائها شواهد تاريخية قد لا تكون متوافرة في مواطنها الأصلية ,وباعتراف كثيرين ممن زاروا سورية وتشكلت لديهم مثل هذه القناعة, وهذا ما يجعل سورية محط أنظار الراغبين بقراءة تاريخ الحضارات القديمة, وفي مقدمة هذه الحضارات الحضارة السورية .‏

ويبقى على المعني بالقطاع السياحي والثقافي والإعلامي, مواطنا كان أم مسؤولا, أن يتفهم دوره في حماية هذه القطاعات بما ترتبه عليه متطلبات المواطنة, والتعريف بها كل ضمن إمكانياته, ليكون وطننا كما وصفه المؤرخ الأوروبي الشهير كلود شيفر بقوله: كل إنسان متمدن له وطنان الأول موطن ولادته والثاني سورية. وبرر ذلك قائلا: لأن سورية هي منهل المعرفة الإنسانية للشرق والغرب .‏

إن قولا كهذا يصدر عن مؤرخ معاصر بحجم كلود شيفر ,لابد أن يكون له صداه في أرجاء كثيرة من العالم,ومن هنا توق الكثيرين من أبناء العالم لزيارة وطنهم الروحي إن صح التعبير, وذلك من منطلق الإيمان بمصداقية المؤرخ المذكور, وعدم انتفاعه من مثل هذا القول حين صرح به.‏

إن سورية, بالتأكيد,لا تكتسب بعدها الحضاري من خلال التصريحات التي ترد على ألسنة المعجبين أو المعجبات بها,ولكن هذا لا يمنع من القول بأهمية صدورها على نحو ما صدرت عن ملكة جمال قبرص بعد أن زارت سورية مؤخرا . كذلك هذا لا يمنع من القول بأهمية توظيف مثل هذه التصريحات إعلاميا, لما في ذلك من فائدة, وخصوصا لجهة المعنيين بالقطاعات التي سبق أن أشرت إليها, السياحية منها والثقافية, فضلا عن توعية المواطن العادي ودفعه, عن قناعة, لتحصين نفسه ومن هم حوله ضد نوازع الاعتداء على آثار الوطن وكنوزه التاريخية لأي سبب من الأسباب .‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية