|
أروقة محلية ومن المؤسف أن سورية وعلى الرغم من اهتمامها الكبير بالتشجير - بعد الاستقلال - ولا سيما في السبعينيات من القرن الماضي، عندما تقرر تشجير عشرة آلاف هكتار كل عام ثم في الثمانينيات من القرن ذاته على يد اللجنة العليا للتشجير عندما ارتفع الرقم إلى تشجير ٢٤ ألف هكتار كل عام بثلاثين مليون شجرة. وأثمرت تلك الجهود الخيرة غابات اصطناعية فاقت مساحتها مساحة غاباتنا الطبيعية، ووصلنا في زمن ما قبل الحرب الظالمة على سورية إلى غابات تغطي ٣% من مساحة سورية (٥١٤ ألف هكتار تقريباً)، وجرى تشجير جانبي كثير من الطرقات الدولية والمحلية وأرصفة شوارع المدن، لم يكن ما وصلنا إليه هو طموحنا، فلقد كان ٣٠% من سورية غابات قبل الاحتلال العثماني، الذي أباد ثروتنا الشجرية، ولا سيما أثناء الحرب العالمية الأولى، لتسيير القطارات البخارية. كنّا نطمح إلى مزيد من التشجير، فإذا بحرب العام ٢٠١١ التي لا تزال مستمرة علينا، تقضي على أجزاء كبيرة من غاباتنا وأشجارنا أينما وجدت سواء بسبب القطع الجائر أم بسبب الفوضى والبرد والفقر وكل هذه العوامل من تداعيات الحرب الجائرة على سورية. وفي هذه السنة فجعنا بحرائق كثيرة، لم تقتصر على الغابات الحراجية بل شملت الأشجار المثمرة في الأراضي الزراعية، التى تعرضت إبان الحرب الى تعديات فادحة ولا سيما لجهة البناء السكني والصناعي عليها. (يجب ألا ننسى أنه حسب دراسة للدكتور أحمد ياغي من هيئة الاستشعار عن بعد فإن ١٧٠٠ كم٢ من أصل ٢٠٠٠كم٢ من الأبنية قد شيدت على أراض زراعية في الفترة ما بين (العام ٢٠٠٠ والعام ٢٠١٥).!! وفِي مواجهة هذه الصورة القاتمة لحالنا مع الأشجار، تشهد سورية عمليات تشجير واسعة، حراجية ومثمرة، لا تقتصر على وزارة الزراعة بل تشمل عدة وزارات وجهات عامة وخاصة، ومن العلامات الفارقة في هذه السنة حملة وزارة التربية: سورية خضراء من جديد. صحيح أنها ستغرس بضعة آلاف من الشجيرات لكنها ستزرع سلوكاً بيئياً حميداً لدى التلاميذ والطلاب وهذا ما نحتاج إليه للحفاظ على الأشجار وإكثارها، فهي دواء للهواء تغنيه بالأوكسجين وتصفيه من الغبار والأوساخ والسموم، وتوفر للإنسان غذاء لا مصدر له إلا هي وحدها (السكريات والنشويات)، ومشهداً مبهراً ينعش الروح ويثريها بالحيوية والفرح. |
|