|
إضاءات كل من يدافع عن أرضه ضد مغتصبها أو مغتصب حق له يدعى في المنطق والمفهوم العام ثائراً. الثائر ذاك الرافض للعنف الممارس ضده من قبل مغتصبي أرضه وحقوقه، في ذاكرتنا الكثير من أسماء الثائرين ضد المغتصب الأوربي وريث الدولة العثمانية الرجل المريض كما دعي في التاريخ المحجور عليه لتوزيع تركته بين المستعمرين. وامتدت وشائج الثورات من الجزائر إلى أقصى الشرق العربي مجال حديثنا الذي نهتم به، واختلف تعداد سنوات الاحتلال التي كان أقلها في سورية وأطولها ما زال ممتداً في فلسطين المحتلة المصابة بتطهير عرقي يزداد في أيامنا هذه بصورة أكبر. ولأجل استدامة الاحتلال والعمل على ترسيخه وتناسي مناطحته، أثير ما يدعى ثورات الربيع العربي لتحصينه بطوق أمني يحفظ كيانه من الخضات، خاصة بعد هزيمته في جنوب لبنان من قبل المقاومة التي امتدت مساحتها حتى أصبحت ثقافة. سخَّر المتآمرون شباب الشارع العربي لتنفيذ الأجندة التي يرغبون لضرب المقاومة والدول التي تتبنى مواجهة العدو الصهيوني. لذا لا بد من العبث بالأمة العربية، اشتروا أصحاب النفوس الضعيفة، عشاق المال والثروة، فأغرقوهم بوحل المال العار نشروا العتمة في النفوس وتركوا المال يتسلل عبر ثقب فيها على أنه بصيص نور، يجعل من ألسنتهم سياطاً تلذع الحرية الحقيقية، لأجل حرية مزيفة، زخرفها الدولار الذي يزيغ الأبصار، استشاط العبث في الشارع العربي آخذاً به لرحلة خرافية. منذ البدايات قرأ العقلاء هدف القابعين في الفنادق متعددة النجوم، ويعبثون بالمال الذي لم يتعبوا لجنيه، وألسنتهم تلفظ السم الزعاف، تزج بالصارخين بغير وعي ومن خربوا وكسروا ودمروا وقتلوا بوحشية، إنها مؤامرة، لا ثورة كما يدعون. ذات المشهد ينطبق على بعض من ادعوا أنهم قادة فلسطينيون يدافعون عن القضية ويعملون لتحرير فلسطين، إن من داخل الأرض المحتلة أم خارجها، لو أحصيت ثروات هؤلاء المدَّعين، وصرفت على الجيوش العربية أو على المناضلين الشرفاء الذين نذروا دماءهم لتحرير أرضهم، ويستشهدون بعدد الساعات والأيام، لتحررت. كثير ممن دعوا قادة فلسطينيين في داخل الأرض المحتلة؛ كشف الستار عن ثرائهم بسبب شراكاتهم مع بعض الصهاينة في تجارة عقارات وأراضٍ. أما القضية؟؟ لا يهم!! عندما تكدس المال في جيوب من ادعوا أنهم قيادات للثورات المزعومة في ربيعهم الصهيوني، انسحب البعض، وسرق البعض مال الثورة وغادر من البوابة الخلفية، فأي ثورات هذه التي ضحيتها شباب في عمر الورود، دماؤهم ثمن ثروات قادتها. عندما كنا شباباً كان غيفارا قدوة للثائرين ضد كل مغتصب، وكاسترو نموذج القائد الصامد، واليوم سورية أمثولة الشعب المقاوم، الثائر لشهدائه الأبرار المؤمن بغد لا يخلف ميعاده في تحرير كامل أرضه والقضاء على كل مدنس لتربه الطهور. الثروة تعمي الأبصار، وتصحِّر القلوب، حتى لتجدب النفوس، وتفقد إنسانيتها، فيستعر حيتان الثروة محدثي النعمة، تجار الثورة المبطنين بروائز تخفي حقائقهم حيث همهم جمع المال أكثر، حتى لو كان على حساب لقمة الجائعين وتجويعهم. لا يمكن للثروة أن تقترن بالثورة الحقيقية، ببساطة لأن أهل المثل غلبونا حين قالوا (الفلوس تفسد النفوس) فكم من طامع بالمال غير المشروع فسد ونشر الفساد وعلَّمه. |
|