تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الثقـــــــافة الســـــــورية

آراء
الخميس 11-2-2010م
هيفاء بيطار

تأتي أهمية الأسبوع الثقافي السوري في الدوحة بمناسبة أن قطر عاصمة الثقافة العربية عام 2010، ليس فقط بالنشاطات الثقافية والفنية المتميزة التي قدمتها وزارة الثقافة السورية،

بل لأن الثقافة هي أهم عامل في تقريب الشعوب، وفي إزالة العزلة الثقافية بينها...‏

أكثر ما لفتني في الأيام التي قضيتها في الدوحة، هي تلك الحميمية الصادقة والحقيقية بين الشعبين، الحفاوة الصادقة التي استقبلنا فيها الجمهور القطري، وحضورهم الكثيف للعروض الفنية والمسرحية والثقافية، والنقاشات التي تدور بعدها، ثم التغطية الإعلامية الممتازة لكل نشاط في الصحف القطرية كلها.‏

النقاشات والحوارات الجانبية كانت الأهم -برأيي- وغالبيتها سياسية، رغم أن النشاط ثقافي، هذا يدل أن السياسة تدخل في تفاصيل حياتنا وأفكارنا. وقد تابعت وشاركت بالعديد من الحوارات مع مثقفين في قطر، ومع العديد من المثقفين العرب هناك من جنسيات مختلفة، وشعرت بأهمية هذه الحوارات، والغنى والتنوع فيها، أحب أن أسميها حوارات كاشفة، لأنها تكشف أعماق كل منا، وتقرب وجهات النظر وتعمق معرفة الآخر‏

إن أساس أي تفاعل بين الشعوب هو معرفة الآخر بشكل صحيح، وتلعب الثقافة وحدها الدور الرائد والحقيقي في هذه المعرفة.... لأن الثقافة وحدها حاضنة الأفكار، وحاضنة تاريخ الشعوب.‏

لم تكن زيارتي لقطر هي الأولى، بل زرتها منذ سنتين للمشاركة في نشاط ثقافي على هامش معرض الدوحة الدولي للكتاب بدعوة من المجلس الأعلى للثقافة والفنون والتراث، وقد أدهشني التنظيم البديع للمعرض، وأناقة عرض الكتب، والندوات القيمة التي رافقته، هذا يدل على إيمان المسؤولين الثقافيين في قطر بدور الثقافة، ولايمكن إغفال أن قطر حصدت جائزة الشفافية في القضاء، وبأنها تلعب دوراً سياسياًَ بارزاً في العالم العربي...وبأنها تصدر العديد من الأعمال الأدبية العالمية وتقدمها بترجمات ممتازة، وبأنها تخصص جائزة عالمية للكتاب...وبأن قناة الجزيرة، فقأت عين إسرائيل المتغطرسة وتحدت العدوان الإسرائيلي وأقلقته، يكفي أن نقرأ في شريط الأخبار أن السلطات الإسرائيلية تمنع بث برامج قناة الجزيرة في السجون الإسرائيلية!.‏

إسرائيل المتغطرسة والتي لا تبالي بكل قرارات الأمم المتحدة، والتي تفننت في أشكال الوحشية والعدوان على الفلسطينيين تحسب حساب قناة الجزيرة وتقلفها برامجها.‏

إن فكرة الاحتفاء بالثقافة وإقامة ندوات ومؤتمرات، وخاصة فكرة أن قطر عاصمة الثقافة العربية، التي تنتقل من دولة إلى دولة، كل هذه الفعاليات هي قنوات اتصال بين الشعوب، كمن يفتح شرايين الحياة التي كانت مسدودة بالعزلة وسوء الفهم والتعصب ورفض الآخر.‏

يسعدني وكثيرين غيري أن نجد أن الثقافة لم تعد كلمة مجردة، ولم تعد مثل شيك بلا رصيد، بل صارت تفعل فعلها التنويري والتثقيفي والحضاري في المجتمع، وهي التي ستعيد الألق لكلمات خبا نورها، مثل العروبة.‏

من مثل الثقافة، ثقافة اللغة العربية والتاريخ المشترك، سيذكرنا نحن العرب المثقلين بألف تحد ومشكلة بأننا شعب واحد...وبأن العروبة ليست كلمة خيالية.‏

أليست الكتب العربية العظيمة مثل روايات نجيب محفوظ، وأشعار محمود درويش وأدونيس، ومسرحيات سعد الله ونوس وتوفيق الحكيم، وغيرهم كثيرون.. أليست هذه الكتب الثقافية العظيمة هي التي تجمع العرب مع بعضهم البعض، وتشعرهم بانتمائهم لوطن عربي واحد، ولغة جميلة حية.‏

نشاطات ثقافية حية ومتميزة مثل الأسبوع الثقافي السوري في الدوحة من 31/1/2010 إلى 8/2/2010 واحد من العوامل الهامة لتقريب الشعوب العربية من بعضها، وضخ الأمل والتفاؤل بمستقبل عربي ومشرق ومؤمن بوحدة العرب. مستقبل العرب القوي الذي يتلخص بعبارة بسيطة «في الاتحاد قوة، وحين تجمعنا الثقافة فنحن نصبح أقوى».‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية