|
آراء على قومه يستغنى عنه ويذمم) الجيران قوم حبٌّ وحياة مشتركة واختلاطات راقية إلّا حين يصيرون جوراً واختلالاً. (وقولا لها ليس الضلال أجارنا ولكننا جرنا لنلقاكم عمدا) وقال جار شاعر: وكنت إذا جاري دعا لمضوفة أشمّر حتى ينصف الساق مئزري) والجار من المجاورة والملاصقة.. والجيران لهم حقّ الجوار والقرابة وحقّ الحبّ والإيمان.. (هم جيرة الأحياء أمّا جوارهم فدانٍ وأمّا الملتقى فبعيدُ) تقطعت أوصال القرابات، وابتعد الجيران، وأصحاب الفضل صاروا بخلاء على أقوامهم، إلا القليلين.. ولعل الكرام قليلون في كل زمان ومكان، لكن الزحمة والضجة وحالات الجشع تسرق الكرام من كرمهم، وتترك النفوس بائسة ومشوهة. جار أبي تمام وصديقه، بل الإنسان الذي يحبه، ويرصد سجاياه له ماله من القيم والظلال والرؤى الصافية والحياة الراقية.. (أبو عليّ أخلاقه زهرٌ غبّ سماءٍ وروحه قدسُ أيامنا في ظلاله أبداً فصل ربيع ودهرنا عرسُ لا كأناسٍ قد أصبحوا صدأ العيش كأنّ الدنيا بهم حبسُ القرب منهم بعدٌ عن الروح والوحشة من قربهم هي الإنسُ) وأبو عليّ، في حياتنا ومجتمعنا والقرية والمدينة هو الشجاع والشهم والأريحيّ.. وهو الذي (يشتاقه من سما له غده ويكثر الوجد نحوه الأمسُ) وهو الذي يمدّ ظلاله ليستظلّ بها الأقرباء والأصدقاء والجيران.. أما الأناس الذين هم صدأ العيش بشعون والدنيا معهم وبهم حبسٌ وبؤسٌ وما أكثرهم لسوء الحظّ ولعل القرابات والأقدار الطيبة والجيرة الحنونة تنعم على أيام الناس في الحارات والقرى والمدن والبلدات بأبي عليّ من النوع الندي والراقي وظلاله فصل ربيع للأقرباء والجيران والأصدقاء..يهبط من الأعلى، أو يجيء من السهل.. هو حكمة حب وعطاء.. والمال الذي عنده لخير الناس لا للصدأ... مطبعة الجنس البشري توزع وتنشر نسخاً عديدة من البشر الصدئين، الذين يشبهون الحبس.. فلا بأس على دور نشر الأقدار الجميلة أن تمنّ علينا بالبشر الجميلين، كأبي عليّ، الذي لا يبخل بفضله على قومه، والذي لا يستغنى عنه ولايذمم، والذي ينشر الظلال الجميلة والخير في أقربائه وقومه. التحية البكرُ للجيران الذين نلقاهم عمداً كرامة للحب والتآخي.. والتحية لسخاء النفوس الحقيقية، غير المصابة بداء صداء العيش والجوع الأبدي والبخل.. (وللنفس أخلاقٌ تدلّ على الفتى أكان سخاءً ما أتى به أم تساخيا) أبو عليّ أخلاقه زهرٌ.. وأيامنا في ظلاله فصل ربيع..هذب في جنسه، ونال المدى بنفسه..فهو وحده جنس. |
|