|
نوفوستي علماً أن «الإرهابيين» هبوا لمساعدة أصدقائهم في اليمن. ولكن كل ذلك مازال مجرد تصريحات، فالرئيس باراك أوباما عبّر عن ذلك غير مرة للصحافة الأميركية ووسائل الإعلام، ولكن تصريحاته ترافقت «بحقنة عسكرية ديمقراطية» وصعدت واشنطن تحذيراتها من مخاطر الوضع في اليمن، معتبرة أن حربه ضد الإرهاب أصعب حرب بالنسبة للولايات المتحدة، فسارعت للإعلان عن تقديم المساعدات العاجلة لنظامه، فقررت تقديم 130 مليون دولار في السنة وستقدم مساعدات بأشكال مختلفة، بما في ذلك تجهيز الشرطة المحلية، وهذا بطبيعة الحال أفضل من قذف القنابل والصواريخ التي ستترك أثراً سيئاً على مجموع منطقة القرن الإفريقي، ولكن يجب عدم التباطؤ في ترتيب الأوضاع في اليمن.،ومن الأفضل فوراً كما يقول أوباما. ولم يتوان أوباما في تحضير ماهو ضروري لترتيب هذه الأوضاع بالسرعة الكلية، ومن المدهش أن يقدم له مثل هذه الخدمة الإفريقي عمر فاروق عبد المطلب المتهم بمحاولة تفجير الطائرة الأميركية المتجهة من أمستردام إلى ديترويت، والذي تدرب- حسب الرواية الأميركية- في أحد مواقع «القاعدة» في اليمن والمكلف من قبلها بتفجير الطائرة الأميركية وعقب ذلك فقد دعا السيناتور الأميركي الديمقراطي الأقرب للجمهوريين جون ليبرمان والذي يدّعي أنه ديمقراطي مستقل ولكنه دعم المرشح الجمهوري جون ماكين في انتخابات عام 2008، دعا أوباما لتوجيه ضربة عسكرية لليمن. من المحتمل أن أميركا تعلمت قليلاً من دروسها القاسية في احتلال العراق وأفغانستان، ومن الممكن أنها لم تتعلم جيداً من تلك الدروس، فالوقت فقط سيظهر ذلك، فأوباما يعتبر الإرهابيين اليمنيين الأكثر خطورة، ولكنه لايمتلك خططاً لإرسال الجزمات العسكرية الأميركية في تلك المنطقة، ويعني بكلامه ليس فقط اليمن بل والصومال، رغم أنه لايوجد كلام لدى الرؤساء- كما هي العادة- مئة بالمئة أو بشكل قاطع وحاسم، ومن غير المعتاد أن يحشر الرئيس نفسه في الزاوية الضيقة ويقطع على نفسه أي وعد بشكل نهائي وإلا كيف يمكن تفسير كلامه بأنه لن يتدخل مادامت الحكومة اليمنية تقوم بواجبها بشكل مقبول مع الإرهابيين؟! وهذه العبارة الأخيرة من كلامه تثير الشكوك، فكل من يعرف الوضع الراهن في اليمن يدرك أنه بلد من أفقر بلدان الشرق العربي، والحكومة الحالية فيه لاتسيطر بشكل كامل وملموس إلا على 40٪ بالمئة من مساحته، والمناطق التي تتمركز فيها القاعدة يتفشى فيها الفساد والشمال يعيش حالة من الحرب الأهلية، ومن الصعب تصديق الحديث عن وضع مقبول بالنسبة للحكومة في محاربتها «للإرهاب». أما مايتعلق بالصومال فمن الصعب الحديث عن حكومة قادرة على إدارة أي شيء، حتى في العاصمة نفسها وضعها ليس على مايرام. ويمكن فقط الشعور بمتاهة التخمينات حول ماقاله أوباما، ولاسيما أنه متورط في حرب لانهائية وغير مرئية النهاية ضد مايسميه «الإرهاب» في العراق وأفغانستان ويخوض حرباً حتى الآن سياسية ودبلوماسية ضد الملف النووي الإيراني، فكيف يمكنه فتح جبهة رابعة في اليمن؟! أليس مثل هذا التفكير أكثر من أحمق وغير معقول وهو يعلم على الأغلب أن فتح جبهة أخرى في اليمن بمساحته البالغة 528 كيلو متراً مربعاً، أي مساحة أكبر بقليل من العراق وأفغانستان الذي يشكل مساحة أكبر بمرتين من هولندا؟ إن جميع المحللين الأميركيين توصلوا إلى رأي بأن التدخل في بلد كاليمن الذي لم تستطع أي قوة أن تسيطر عليه في التاريخ إضافة إلى أن تدخله في اليمن سيثير غضب ومقاومة العالم الإسلامي برمته تقريباً، وبكل بساطة ليست لدى أميركا الآن القوة الكافية لارتكاب مثل هذه الحماقة. وإذا ما أقدم على عمل كما فعل أسلافه في أفغانستان والعراق فإنه لن يحصد سوى الفشل، لأن جميع القبائل اليمنية وهي مسلحة لن تنظر إلى القاعدة كعدوة لها، بل إلى الاحتلال الأميركي بوصفه الشر العالمي، وإذا ما ارتكبت هذه الحماقة لا أحد يعرف كيف ستدبر الأمور في مساحة تقترب من مساحة أوروبا إذا أضفنا الصومال واليمن إلى أفغانستان والعراق، وعندئذ سيهب العالم الإسلامي ضد أميركا ربما في كل مكان، والنتيجة ستكون كارثية عليها. |
|