|
ايمانيتيه وكان لها معه حديث طويل، سوف ننقله كاملاً، لما لشهادة صحفي إسرائيلي يعيش في قلب الحدث من أهمية في تسليط الأضواء على حقائق تأتي من جانب من يشهدها ويقف على حقيقتها أكثر مصداقية وعمقاً، في البداية ورداً على سؤال طرح عليه يتعلق بذهابه في انتقاد «إسرائيل» إلى حدود أبعد من الحدود المسموح بها للصحفيين الفرنسيين، تطرق ليفي عن اعتذار الصحفي الفرنسي الذي أجرى معه مقابلة على قناة فرنسا الأولى حول عدم بثه المقابلة وأقواله كي يتجنب تهم معادة السامية ومضايقات ستطارده، وبالتالي فهو محظوظ بأن تستقبله صحيفة، وتترك له مطلق الحرية في الحديث والتي كانت تسانده دوماً حتى في حال احتجاج قرائها وإلغاء اشتراكهم بها، ويحكي ليفي عن السبب الذي حدا به إلى اتخاذ هذا الموقف، أي موقف الصحفي الذي يشحذ قلمه لقول الحقيقة عن عدوانية سياسة بلاده إلى جانب القلائل جداً من الصحفيين الإسرائيليين أن هذا الموقف يعود إلى نهاية أعوام الثمانينات خلال أحداث الانتفاضة الأولى، وكان قد بدأ يقوم بزيارات إلى الأراضي المحتلة في الضفة الغربية وفي قطاع غزة وشيئاً فشيئاً بدأ يدرك ويتحقق أن ما يحدث هناك هو كارثة، ولكن كارثة لا يريد أحد في «إسرائيل» أن يسمع عنها ويؤكد أنه لو لم يذهب إلى الأراضي المحتلة، فلم يكن ليتخذ هذا الموقف المناهض لسياسة «إسرائيل»، بل كان سيظل موقفه مثل موقف معظم الصحفيين الإسرائيليين، وتحدث ليفي عن أهله حيث هاجر والده من أوروبا وعاش في «إسرائيل» ستين عاماً، ولم يجد له منها مكاناً، درس الحقوق ولكنه عمل في مزرعة، والدته ممرضة ولكنها لم تمارس عملها، وفي البيت يتكلمون الألمانية ولا يرغبون في التحدث عن الماضي ولا عن السياسة، وقد عانى والده كثيراً من منفاه كما اسماه، كان حلمه منذ الصغر العمل كصحفي وعمل في البداية مراسلاً تلفزيونياً عسكرياً ومن ثم دخل معترك السياسة وعمل لدى شمعون بيريز عندما كان هذا الأخير زعيماً للمعارضة، وكان يثق به... والآن يعتقد ليفي أن بيريز يتحمل وزراً كبيراً في مسألة الاستيطان، وأمور سيئة أخرى، لقد أعطى صورة حسنة عن «إسرائيل» ولكن هذا مجرد خدعة ولم يكن يستحق جائزة نوبل للسلام في رأيه، إذ كيف يمكننا أن نتكلم عن السلام، وفي نفس الوقت نمضي في بناء المستوطنات؟ وهذا ما فعله حتى إنه هو من باشر في ذلك، وكان وزيراً للحربية عندما بنيت أول مستوطنة في اريحا على مرأى من عينه ومن يبني المستوطنات لا يريد السلام ولا يمكن أن يكون رجل سلام. كيف تفسر استمرار بناء المستوطنات بعد اتفاقيات أوسلو التي كان ينبغي أن تقود إلى السلام؟ هذا بسبب عدم وجود أي نص في الاتفاقيات عن الاستيطان وهذا سبب من أسباب فشلها، وأعتقد أن هذا ينطوي على خطأ جسيم يتحمله الجانب الفلسطيني الموقع على الاتفاق وهذا خطأ أتفهمه لأن الجانب الفلسطيني كان يريد التوصل إلى شيء من شأنه بناء الثقة المتبادلة تكون أولى الخطوات إلا أن ذلك كان فيه خطأ تاريخي لأنه وفي تلك الأحيان كان من السهل أكثر تفكيك المستوطنات التي كانت أقل من ذلك ولكن ليست بالنصف. من أين أتاك هذا الحب إلى غزة، الذي أعلنت عنه؟ وهو ضد التيار في «إسرائيل»؟ إن ما أحبه هو الشعب في غزة، شعب أجده عظيماً لأنه يتحمل الكثير منذ أمد طويل شعب عرف ضمن هذا البؤس وهذا الإذلال الذي فرض عليه كيف يحافظ على كرامته وإنسانيته، الغالبية العظمى من سكان غزة هم من لاجئي عام 1948 شهدوا منذ عشرات الأعوام الفظائع والآلام ولم تنكسر شوكتهم. وفي مطلق الأحوال، من يمكنه مواجهة بطش الجيش الإسرائيلي؟ ولكنهم صمدوا في محاولتهم رغم كل ما قاسوه أن يعيشوا حياة طبيعية يعيشون ضمن معسكر الاعتقال الكبير والذي اسمه قطاع غزة فقراء ولكنهم بقوا إنسانيين رقيقي القلب ودودين مغلق عليهم ولكنهم منفتحون على الآخرين. وأنت كيف ترى المستقبل؟ إنني أرى المستقبل أسود وحتى شديد السواد ليس فقط من أجل الفلسطينيين بل من أجلنا نحن الإسرائيليين أيضاً، لا أرى أي أفق للتفاؤل، لأن «إسرائيل» لم تدفع أي ثمن عن احتلال واستيطان الأراضي الفلسطينية، والذي سوف يتواصل نظراً لأن «إسرائيل» لا تخضع لأي ضغوط كافية لكي تغير من سياستها تلك، لا ضغوط داخلية، حيث معسكر السلام فيها يعتريه الضعف، ولا ضغوط خارجية لأن أوباما أخفق في تطويع نتنياهو وأهمل القضية وتبعته أوروبا ولم تفعل شيئاً وهي تتحمل مسؤولية كبيرة عما حصل لغزة واستمرار حصارها الذي يخنق مليون ونصف المليون فلسطيني بعد أن وعدتهم برفع الحصار عنهم ومنحهم الأموال والوسائل لإعادة الاعمار، كله تبخر ودخلت غزة في غياهب النسيان فهل يتعين أن تعمل صواريخ القسام من أجل العودة للاهتمام بها؟ ذلك هو الرهيب. |
|