تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


السياسة الأميركية.. ولعبة القوالب الجاهزة!!

دراسات
الخميس 11-2-2010م
محمد عبد الكريم مصطفى

بعد مرور سنة على وجود الرئيس الأميركي «باراك أوباما في البيت الأبيض» وتسلمه صياغة القرارالأميركي الجديد، هل تحققت وعوده التي أطلقها أثناء حملته الانتخابية

ومن ثم في برنامجه السياسي المعلن في خطاب التنصيب؟ هل استطاع إنجاز تغيير شامل في السياسة التي كان يتبعها سلفه «جورج بوش» والتي أضرت بالمصالح الحيوية الأميركية في الداخل الأميركي كما في الخارج أم أن الوعود التي أطلقها الرئيس «أوباما» لم تقنع إلا المصفقين له؟.‏

بعد خطابيه الموجهين إلى الأمة العربية والإسلامية في القاهرة واسطنبول رجحت كفة المتفائلين، حيث أكد على اتباع منهج جديد في العلاقات الدولية من خلال التزامه بحل القضايا الخلافية الكبرى في العالم وفي مقدمتها الصراع العربي الصهيوني وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة القابلة للحياة، والانسحاب من العراق وتحسين صورة أميركا من خلال إعادة تقييم موضوعية لعلاقاتها المتوترة مع العديد من دول العالم كإيران وسورية وغيرهما، وذلك بعد أن تأكد للإدارة الأميركية الجديدة فشل السياسة التي اعتمدتها إدارة بوش، وعجزها عن تحقيق مكاسب سياسية أو مادية من خلال تطبيق مبدأ العقوبات والحصار والعزل الذي أظهرت نتائجه أنه لم يؤدّ إلا إلى عزل أميركا عن مراكز صناعة القرار في منطقتنا وغيرها وتعطيل الدور الأميركي الفاعل الذي يعبر عن موقف الدولة العظمى، ما اضرَّ كثيراً بالمصالح الأميركية بشكل مباشر، وأعطى قوة ونفوذاً لأعداء الإدارة الأميركية اليمينية الذين تسلحوا بالصبر والإيمان بقدرة الشعوب على تحقيق طموحاتها الذاتية من خلال ثقافة المقاومة والثبات على التمسك بالحقوق.‏

فوجئ المهللون للرئيس الجديد «باراك أوباما» بعد أن بدأ يتنصل من الوعود المعسولة التي قطعها على نفسه، وأخذ بتخفيض سقف التفاؤل إلى أدنى مستوى له من خلال العودة إلى نفس الأفكار والسياسة التي تعودنا عليها من الإدارات السابقة التي كانت تدور في إطار من القوالب الجاهزة، وخاصة عندما يتعلق الأمر بإسرائيل، والالتزام بأمنها وسلامتها والانحياز السافر للسياسة العنصرية التي تعتمدها الحكومات الإسرائيلية بغض النظر عن ماهيتها ومخالفتها للقوانين والشرائع الدولية.‏

يجمع المحللون على أن إدارة أوباما لم تجر أي تغيير جوهري على سياسة المحافظين الجدد، بل تم استبدال استخدام القوة الوحشية التي أثبتت عجز الجيش الأميركي عن تحقيق أي انتصار حقيقي على الساحات التي خاضت معاركها عليها، بالقوة الناعمة التي تعتمد الترغيب والترهيب في السياسة للوصول إلى الهدف، وإلا ما معنى الاستمرار في تمديد قوانين العقوبات والمقاطعة التي تطول شعوباً بعينها بغية الوصول إلى نفس الهدف الذي كانت تسعى إليه الإدارة السابقة لكن بأسلوب مختلف.‏

وهنا نستطيع القول: إن تغيير وجه الرئيس الأميركي لم يؤد حتى الآن إلى تحسين صورة أميركا في الخارج ولم يقنع المراقبين بدورها الموعود في ترميم الشرخ الذي أحدثته سياسة الحروب والاحتلال وما أصاب العلاقات الإنسانية في العالم من أضرار نتيجة السياسة الأميركية.‏

هناك من يرى أن الوقت اللازم لتحقيق هذه النقلة النوعية في السياسة الأميركية الموعودة لم ينقضِ بعد، وأن مرور عام واحد لايكفي لترميم الجراح التي أحدثتها سياسة ثماني سنوات متواصلة من الأخطاء، وبالتالي لايجوز التشكيك في نيات الرئيس «أوباما» وبقدراته على تحقيق الوعود، ومن حقه أن يأخذ الوقت الكافي لترتيب أوضاعه الداخلية الآيلة إلى حافة الانهيار نتيجة الأزمة الاقتصادية.‏

مهما يكن الأمر نستطيع أن نؤكد أن لدينا كعرب مثلاً شعبياً يقول: «المكتوب يقرأ من عنوانه» والعنوان الذي نقرؤه في الأجندة السياسية الأميركية لايخرج كثيراً عن الإطار العام الذي تعرفنا عليه على مدى أكثر من نصف قرن مضى من أن السياسة الأميركية منحازة وموالية بشكل كامل للكيان العنصري الصهيوني في كل مواقفه وحروبه الظالمة على العرب، ولانشك في أي لحظة بتغيير هذه السياسة من أي إدارة أميركية مهما تغير لون EMAIL:M-A-MUSTAFA@MAIL.SY">بشرتها!!.‏

EMAIL:M-A-MUSTAFA@MAIL.SY

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية