تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


غوارب الحياة

معاً على الطريق
الخميس 11-2-2010م
عبد النبي حجازي

في إحدى ثانويات عروس الجزيرة (القامشلي) أواخر الستينات كنا ننزوي أثناء الفرص في قاعة المدرسين أنا واثنان من الزملاء نمازح الآخرين ونتحرش بهم، وفي أحد أيام شباط الباردة

كهذه الأيام دخل شاب طويل القامة متين البنية مفتول العضلات يرتدي قميصاً قطنياً بنصف كم وبنطالاً صيفياً دعوناه أن يجلس معنا فقدم نفسه: مدرس تربية بدنية(رياضة) كان يعيش مع أهله في القاهرة حتى هذا العام، فبادره سعيد قائلاً: يبدو أنك مصارع «وأشار إلي قائلا: ما رأيك أن تتبارز معه؟ فقال متهللاً «عظيم موش لاقي حد أتدرب معاه »وأخرج من محفظته شهادة تثبت أنه بطل النادي الأهلي في مصر بالمصارعة الحرة، وشهادة أخرى أنه نال بطولة مصر المفتوحة في أحد الأعوام، قلت أنا أتبارز معك ولكن من بعيد بمجرد اللسان فقال متحدياً: أنتم مدرسو لغة عربية، ما رأيكم أن أتبارى معكم بالشعر؟ وهي أن يلقي المتباري بيتاً فيرد عليه المنافس ببيت يبدأ بحرف الروي الذي تبنى عليه القافية كحرف الهاء في كلمة( يسقيها) وبدأنا المباراة بين الجد والمزاح ومازال يقارعنا ثلاثتنا البيت بالبيت طيلة الفرص الاربعة حتى يجعلنا نخجل من أنفسنا.‏

أن تركب حمارة عرجاء خير من أن تركب حصاناً مطهماً شموساً يعض صاحبه ويرفسه.‏

منذ أعوام قليلة اشتريت بالتقسيط سيارة كورية(مستعملة) فقيل لي بحدة: أما كان الأفضل أن تشتريها يابانية( تويوتا أوهوندا) قلت« هذه إمكاناتي» وأخيراً عندما فوجىء العالم أن تلك السيارات معطوبة تسترد من مشترياتها في سائر أنحاء العالم ابتهجت بضعف إمكاناتي.‏

عرضت القناة الفضائية السورية منذ أيام برنامجاً عن المطربة الراحلة ذات الصوت الرائع(ربا الجمال) أعد البرنامج وقدمه عدنان بكرو ورغم أن مضمونه كان وافياً لكنه قدمه وكأنه ينقل مباراة بكرة القدم، أما الآخرون فكان كلامهم عاماً على طريقة اذكروا محاسن موتاكم، ولفت نظري الملحن( سراج الدين) بتواضعه وتهذيبه فيما اعتد المؤلف الملحن( ماجد زين العابدين) وألقى خمس أغنيات كتبها لها( باللهجة المصرية!) وهي لمامات من الأغاني المصرية الشائعة.‏

يقال«يؤتى الحذر من مكمنه» كنت أحارب المروجين لطب الأعشاب وأغلبهم أميون أو أشباه أميين حتى تابعت عرضاً محطة تلفزيونية لبنانية(محترمة!) قدمت برنامجاً لطبيب يعرض علاجاً يقضي على (تضخم البروستات) بالأعشاب يتناولها المريض ثلاث مرات في اليوم، وحددت المحطة‏

موقعاً إلكترونياً رجعت إليه فبين أن الدواء له اسم عالمي مأخوذ عن وكالة أدوية أمريكية.‏

سارعت باندفاع وابتهاج واشتريت علبة وما إن بدأت بتناول الدواء حتى أخذت أعاني من آلام بدأت محتملة فتصورت أنها عارضة لكنها ما لبثت أن أصبحت كوقع السكين حرمتني من النوم طوال الليل فاستنجدت بطبيب مختص أنقذني بدواء قضى على الألم، و أعلمني أن ثمة الكثيرين مثلي ممن غرر بهم.‏

وإني لأستغرب كيف حنث ذاك الطبيب( بقسم أبقراط) أم أنه طبيب مزعوم والمحطة التي قدمته هي التي حنثت برسالة الإعلام وخانت مشاهديها!!؟‏

anhijazi@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية