|
دراسات علما أن الرئيس الأميركي ومن حوله وأيضا الأوساط الإسرائيلية لم تشر من قريب أو بعيد إلى أي شيء من هذا الذي يتصوره البعض ويحظى ببرامج إعلامية في محطات عربية ودولية مشهورة. السؤال الذي يطرح نفسه على خلفية ذلك هو من المستفيد الأول والأخير في فبركة هذا الخلاف الصوري? وهل هناك من يدفع بوسائل الإعلام لتضخيمه وتصويره في بعض الأحيان بأنه سيؤثر على علاقة بوش بشارون? بالتأكيد لن يكون الفلسطينيون المستفيدين من ابتداع هذا الخلاف بدليل أن إسرائيل لم تتراجع عن قرارها ببناء آلاف الوحدات الاستيطانية في مستوطنة معالي آدوميم بل قررت بعد عودة شارون من الولايات المتحدة بناء عشرات الوحدات الاستيطانية في مستوطنة أخرى بالضفة الغربية لتبرهن أن التباين الذي تحدث عنه الناطق باسم البيت الأبيض بين شارون وبوش لم يكن موضوعه الاستيطان في المستوطنات التي شملتها تعهدات بوش لشارون المعروفة. وكذلك ليس العرب بالمستفيدين من اختراع هذا الخلاف بدليل أن الرئيس بوش ومستشاريه وطاقمه الحكومي لم يغيروا من سياستهم إزاء الدول العربية التي يعتبرونها معتدلة أو صديقة وصعدوا من ضغوطهم واتهاماتهم للدول التي يرونها عقبة بوجه المشروع الأميركي (لدمقرطة) المنطقة وفقا للمصالح الاسرائيلية. منذ إقامة إسرائيل في العام 1948 لم يتمخض أي لقاء إسرائيلي- أميركي عن نتائج تضر بإسرائيل بل على العكس تماما, ففي كل اللقاءات كسبت إسرائيل وخسر العرب وما يثبت ذلك أن الحقوق الفلسطينية تعرضت للهضم بشكل متزايد وأن إسرائيل تضغط لتفاوض اليوم على نسبة 20% من مساحة فلسطين العربية وهذه النسبة قابلة للتناقص بشكل مضطرد مع كل لقاء أميركي- إسرائيلي وبدون هذا اللقاء. في حقيقة الأمر هناك من يعمل في الكواليس لإقناع العرب عموما والفلسطينيين بوجود خلاف بين شارون وبوش حول وضع الاستيطان في الضفة للتغطية على خطوات إسرائيلية متسارعة على الأرض من جانب واحد بهدف تكريس واقع يحدد الحدود الإسرائيلية في الضفة الغربية بما يتلاءم والاستراتيجية الإسرائيلية القاضية بمنع قيام دولة فلسطينية بالمعنى الحقيقي للدولة المتعارف عليه في الأمم المتحدة والقانون الدولي. فما سربته صحيفة ( الواشنطن بوست ) بهذا الخصوص مؤخرا لا يمكن أن يكون من نسج الخيال حيث أوضحت بأن إسرائيل تستبق الزمن لرسم حدود تتوافق مع استراتيجيتها لمستقبل الحل مع الفلسطينيين وبما يتوافق مع ما أسماه الرئيس بوش في لقائه الأخير مع شارون (بالوقائع الثابتة على الأرض) فسياسة تحويل الأنظار عن هذه الممارسات الإسرائيلية بدأت قبل أسابيع من الاعلان عن زيارة بوش لواشنطن بتسريبات إسرائيلية عن تخطيط آلاف المستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى احتجاجا للانسحاب من قطاع غزة وتم تداول هذا الخبر في وسائل الإعلام لدرجة أنه غطى على الإجراءات الإسرائيلية في الضفة, ولكن مع تجاوز الزمن الذي حددته الشرطة الإسرائيلية لاقتحام الأقصى كان لا بد من مسرحية جديدة وقضية يتداولها الاعلام, فكانت قصة الخلاف بين شارون وبوش حول الاستيطان في الضفة وما يؤكد أن هذه الرواية مفبركة وغير حقيقية. ترويج الخلاف في إطار السير بين الرجلين حفاظا على العلاقات الإسرائيلية- الأميركية!! كما يحاول البعض الإيحاء بذلك. في الواقع لا ندري كيف سيستثمر بعض العرب هذا الخلاف المزعوم بين شارون وبوش حول تقسيم وهضم حقوق الفلسطينيين..? هل سيحاولون إقناع الرئيس الأميركي بوش القيام بهذه القسمة ظنا منهم بأنه سيكون أرحم بالفلسطينيين من شارون? أم أن الموضوع برمته سيكون موضوع نقاش وتفاوض بينهم وبين بوش وشارون حول مقايضات ووعود ثمنها حقوق الفلسطينيين كما حدث في الماضي..?. إنها أسئلة مشروعة والجواب لن يكون بيد هؤلاء العرب وإنما القرار في جيوب أعدائهم الذين يحددون تفاصيل هذه الأجوبة بعيدا عن التفكير الضيق والرؤية المحدودة لأطراف عربية تدعي الحرص على الحقوق الفلسطينية. كان على الكثير ممن صدقوا رواية الخلاف الأميركي- الإسرائيلي حول الاستيطان أن يسألوا أنفسهم متى أعلنت إسرائيل والولايات المتحدة في السابق عن خلافات حقيقية أو جوهرية فيما بينهما? وإن حصل ذلك فيبقى طي الكتمان ويكون المتسبب إسرائيل وكذلك كان المفترض بهؤلاء أن يسألوا أيضا متى كانت إسرائيل تعلن عن خطط المستوطنين لاقتحام المسجد الأقصى? فإذا كان شارون بنفسه ودنس هذا المسجد قبل خمس سنوات وجاء إلى سدة السلطة بعد ذلك, فهل من المعقول أن يقف بوجه مئات متطرفة ويمثلها وتريد تقليده أو السير على دربه..?. |
|