|
دراسات وقد برز في هذا الصدد المشروع القديم حول شق القناة بين البحر الأحمر والبحر الميت الذي أسقطته المعارضة العربية في عام 2002 في قمة التنمية المستدامة في جوهانسبرغ في جنوب أفريقيا, لذا أصبح من الواجب أن يعرف العرب ما تبيته الصهيونية من هذا المشروع الجبار في السياق التالي: خاض العرب في عقدي السبعينيات والثمانينات معارك سياسية شديدة لتفويت الفرصة على الكيان الصهيوني لتمرير مشروع تيودور هرتزل, الذي عرضه على مؤتمر بال عام ,1897 القاضي بشق قناة بين البحر الأبيض المتوسط والبحر الميت. كانت أهداف الصهيونية من ذلك المشروع الضخم ذات مضامين سياسية واقتصادية وعسكرية هامة, تجلب لإسرائيل الطاقة الكهربائية وفرصة لتحلية المياه من البحر بأرخص التكاليف وتوسع من مساحة البحر الميت ليصبح منشأة سياحية عالمية. وتفتح الطريق لإلغاء عزلة الكيان الصهيوني بالمزيد من الإطلالة على البحر الأحمر لكسر الخصوصية العربية المسيطرة عليه, ومن ثم منافسة قناة السويس. توقف المشروع الصهيوني بين المتوسط والبحر الميت عام 1985 لسببين رئيسين هما: وقوف العالم إلى جانب العرب أولا والتكاليف الباهظة وغير المجدية من الناحيتين البيئىة والاقتصادية. لكن الكيان الصهيوني قفز إلى مشروع آخر بديل, كان حاضرا غائبا في مخططات التوسع الصهيوني. وقد وجد الإسرائيليون ضالتهم في بند من معاهدة وادي عربة مع الأردن عام ,1994 وفي الضائقة الاقتصادية الأردنية المتأزمة وحالة العجز المائي لدى الأردن فاتفقوا معه على عرض المشروع الجديد, في حفر قناة بين خليج العقبة على البحر الأحمر والبحر الميت. لقد كان طرح هذا المشروع من أكثر القضايا صخبا وإثارة للجدل بين العرب في جوهانسبرغ في أيلول /سبتمبر 2002في ظل المشهد العربي القاتم تم الإعلان عن المشروع بشكل خارج عن سياق المؤتمر, بعد مشاورات مشتركة بين الأردن وإسرائيل. وقد تراوحت ردود الفعل العربية, في قمة التنمية المستدامة, بين الرفض التام والرفض المبني على عبثية المشروع مع ما تمارسه إسرائيل في الأراضي المحتلة. ففرض السلام تضيع شيئا فشيئا من خلال المخططات الأميركية الشارونية الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية, ما يجعل تحقيق هذا المشروع كارثة سياسية جديدة في سلسلة الضغوط على العرب. محاولات السيطرة الإسرائيلية على البحر الأحمر: في الوقت الذي يواصل فيه الكيان الصهيوني تنفيذ اعتداءاته اليومية ضد أبناء الشعب الفلسطيني, يسعى في الآن ذاته لتنفيذ مشروع مخططاته التوسعية بالمنطقة وتكشف خططه جانبا من أطماعه التي لاتتوقف عند حد, وبدعم وتواطؤ أميركي مباشر, بعد أن طرح المشروع في قمة جوهانسبرغ. والأمر يتعلق بمخطط إسرائيلي لإقامة مشروع انبوب مشترك أو قناة تؤدي لضخ المياه في البحر الميت من البحر الأحمر لأن منسوب هذا البحر يرتفع عن البحر الميت بمقدار 300م, فالتقارير التي تحدثت عن خلفية الموضوع تفيد أن إسرائيل بدأت في إجراء اتصالات مع عدد من الدول الأفريقية بهدف الحصول على تأييدها لإقامة هذا المشروع, خصوصا أرتيريا, حيث تسعى إسرائيل, عبر هذا المشروع, لخلق تواجد أمني ونقاط ارتكاز لها في 6 من جزر البحر الأحمر تقع بعضها في خليج العقبة... وقد سعت الصهيونية بالفعل إلى الترتيب لمثل هذه القواعد تحت زعم حماية مشروع الانبوب الإسرائيلي الذي سينطلق من البحر الأحمر. حذرت مصر فور علمها بالمخطط الصهيوني من تداعيات مثل هذا المشروع على الأمن القومي العربي, إلا أن الكيان الصهيوني بعث برد إلى القاهرة زعم فيه أن إسرائيل سوف تعمل على الحفاظ على كافة المكتسبات الأمنية في البحر الأحمر, وادعت أن ما يتعلق بمشروع القناة, يهدف أساسا إلى إنقاذ المنطقة من كارثة بيئية محققة تتعلق بجفاف البحر الميت, وانخفاض مناسيب مياهه إلى درجة مخيفة. وزعمت أن هذه الكارثة البيئية ستلحق أضرارا بالبيئة المصرية, داعية مصر إلى التفكير من جديد في كيفية الاستفادة من هذا المشروع والعمل على دعمه سياسيا وفنيا إن أمكن. (جريدة الأسبوع) وأشار الرد إلى أن إسرائيل لاتنوي المساس بالطبيعة الجغرافية للبحر الأحمر, حتى لايفسر ذلك على أنه يمس أمن الدول المجاورة, جملة هذه المزاعم والأكاذيب التي حملها الرد الإسرائيلي لم تقنع الحكومة المصرية التي حذرت من أن يكون هذا المشروع كمينا تنطلق إسرائيل بعده إلى سلسلة من المشروعات الصهيونية المؤجلة كالطاقة والسياحة والتجارة وقناة جديدة منافسة لقناة السويس. وبحسب المعلومات الرائجة فإن إسرائيل لن تكتفي بشق قناة مائية للربط بين البحرين الميت والأحمر, ولكن دراسة الجدوى تضمنت إقامة محطات إسرائيلية أخرى لتنقية المياه, وإنها ستسوق محطات تنقية المياه وتحليتها لكل من اليمن والسعودية, بالإضافة إلى إقامة محطة أخرى خاصة بالأردن صاحبة الامتياز الأول في هذا المشروع, الجانب الأميركي الذي سيتولى توفير الجانب الأساسي من تمويل المشروع سوق المعلومات يبدأ في إجراء سلسلة من الاتصالات التمهيدية مع كل من اليمن والسعودية, التي تعتبر من أكبر الدول العربية, التي تعتمد على تحلية مياه البحر في الوقت الحاضر على الأقل, من أجل قبول العرض الإسرائيلي. وإن بعض الشركات الأميركية في الباطن والظاهر سوف تتدخل في سياق هذا المشروع من أجل رفع الحرج السياسي عن كل من اليمن والسعودية, إذا قررتا رفض التعاون مع إسرائيل لتنفيذ هذا المشروع وغيره. أميركا ترى أن تنفيذ هذا المشروع مع الأردن بالإضافة إلى موافقة كل من اليمن والسعودية سوف يشكلان إنجازا هاما في إطار خطوات تطبيع العلاقات وإقامة المشاريع المشتركة بين إسرائيل والدول العربية. وكانت إسرائيل قد نقلت للأردن ما يزيد على 40 خريطة تشرح آليات تنفيذ هذا المشروع, والأوضاع المحيطة بالأردن في حال اختفاء مياه البحر الميت التي تتراجع سنويا بمقدار متر, حسب الزعم الإسرائيلي, والأوضاع الاستراتيجية الجديدة التي ستترتب على ذلك. إلا أن اتصالات مصرية جرت مع الأردن أكدت فيها القاهرة ان إسرائيل تريد السيطرة الفعلية على 6ممرات بين عدد من جزر خليج العقبة بين ساحليه السعودي والمصري, تعد حيوية جدا للأمن المصري. وبالنظر لأطماع إسرائيل في هذه الجزر ومنها تيران وصنافير.. فقد أثرت مصر أن تبقي الوضع على ماهو عليه من حيث عدم سيطرة أي دولة على هذه الجزر, وأنه تم إبلاغ إسرائيل أن هذه الممرات أو الجزر غير المأهولة لاتعني أن يقوم أي طرف خارجي ببسط السيطرة أو إقامة أي منشآت عسكرية عليها,لأن ذلك يمثل تهديدا واضحا لأمن مصر في جانبها الشرقي, بالإضافة إلى أمن السودان واليمن والسعودية. وأشار تقرير مصري بهذا الصدد إلى أن المشكلة ليست حديثة, بل تعود إلى أواخر السبعينيات وأوائل الثمانينات عندما عرضت إسرائيل على مصر مشروعا تفصيليا لاستغلال الموانىء والممرات الاستراتيجية في البحر الأحمر. لكن مصر رفضت هذا المشروع رغم المحاولات التي بذلها رئيس الوزراء الإسرائيلي مناحيم بيغن آنذاك, حيث اقترح تشكيل لجنة ارتباط مصرية- إسرائيلية لإدارة هذه الممرات الاستراتيجية, وأن تنشىء مصر قواعد عسكرية خاصة بها في خمسة من الممرات التي ستقع تحت سيطرتها على أن تنشىء إسرائيل قواعد عسكرية خاصة بها في الممرات الستة التي ستتبعها. وفي أوائل التسعينيات أعادت إسرائيل مرة أخرى عرض هذا المشروع بصيغة مختلفة, وفي إطار ما يسمى مشروع السوق الشرق أوسطية, وذلك في نطاق إقامة منطقة تكامل تجاري وتكنولوجي بين الجانبين على شواطىء البحر الأحمر, وقد رأت مصر لدى دراستها لهذا المشروع أن إسرائيل تريد التوسع في الممرات الاستراتيجية بالبحر الأحمر, معتبرة أن خطورة التوسع الصهيوني على هذه الممرات الاستراتيجية, تكمن في أنها ستتحكم في إحدى طرق التجارة الدولية العامة, وتسعى لكي تكون هذه الممرات بمثابة البداية للسيطرة على مضيق باب المندب وسيؤول الأمر في تخطيط إسرائيل من خلال تمركزها العسكري في هذه الممرات, إلى أن المنشآت والقوات العسكرية الإسرائيلية ستعمل على تنفيذ إحدى الاستراتيجيات الإسرائيلية الكبرى في أفريقيا من خلال التدخل العسكري في العديد من هذه البلدان. وبحسب المعلومات فإن خط القناة المباشر الذي تقترحه إسرائيل وتعتزم إقامته. يبلغ طوله 300 كيلومتر أو أكثر لتحقيق مزيد من الإشراف الإسرائيلي على مياه خليج العقبة. وفي هذا الشأن بدأت إسرائيل في إجراء اتصالات مع العديد من البلدان الأوروبية لإقناعها بأهمية وجدوى المشروع لأنه سيهدف حسب زعمها إلى دعم الاستقرار والأمن في الشرق الأوسط ما يتيح لأوروبا السوق التجارية والممرات إلى منطقة هامة لإنتاج النفط. يبلغ طول الساحل الإسرائيلي على البحر الأحمر عشرة كيلومترات تمتد عليها مدينة ايلات الصناعية والتجارية والسياحية التي تطورت بالمهاجرين الجدد الذين منحوا امتيازات خاصة تجعل من هذه المدينة مركزا ترفيهيا ومنتجعا شتويا ينافس شرم الشيخ نظرا لوجود شاطىء مرجاني ومنشآت للرياضة البحرية يزورها أكثر من مائة ألف سائح ويتلقى ميناؤها النفط الذي تجره الأنابيب إلى مصفاة حيفا. إن المشروع الإسرائيلي سيتيح لإسرائيل ساحلا بحرياجديدا بطول 300كم وستكون القناة حاجزا مائيا دفاعيا كبيرا وعندما يصل البحر الميت إلى كامل اتساعه سيكون بالإمكان وصله بالبحر الأبيض المتوسط ما يعتبر خطرا كبيرا على مستقبل قناة السويس وعلى السياحة إلى مصر. ومازالت مراكز الأبحاث المعنية في إسرائيل تكتشف المزيد من الفوائد والمميزات لصالح تمكين إسرائيل من السيطرة على منطقة هامة تقع في تجمع الحدود الأردنية المصرية السعودية (بلدانية فلسطين المحتلة لأنيس صايغ) إن الأمر حيوي بالنسبة للصهيونية التوسعية فقد كان وزير الحرب الصهيوني مردخاي يقول إني أشم رائحة خيبر. |
|