تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في استذكار المسيو بيكو

بيروت
معاً على الطريق
الأربعاء 27/4/2005م
غسان الشامي

لاتشبه صورة خروج القوات السورية من لبنان أبداً تلك الصورة التي ارتسمت في عيون الذين استقبلوها قبل ثلاثين سنة إلاّ قليلاً وهم ينثرون الأرز والورد على طلائع الجنود ودباباتهم ,

فيما كان البلد وقتها يمعن في عد الايام السود وتلافي المرور على حواجز القتل على الهوية.‏

الفرق شاسع بين استقبال حار و وداع فاتر , إن لم يكن بارداً و..رسمياً, حيث تقفل بوابة الثلث قرن وخطها العسكري , ففي ذلك الوقت كتب البعض أشعاراً وأغاني في مديح سورية التي خلصتهم من أياد كانت تصر على ان الطريق الى القدس تمر عبر جونيه ومن عضلات محلية لهذه الايدي , لكن سرعان ما انقلبت الحافلة وانحاز من انحاز الى الطرف النقيض.‏

انها السياسة والمصالح .. لارب لهما , لكن ماحصل خلال هذه الاعوام الطويلة يستفز الاسئلة ومنها ماذا فعلنا بأنفسنا وببلادنا , أين الوحدة والحرية والعروبة بما ان البلدان الاشتراكية فقدت معسكرها , أين التضامن واللاءات الثلاث والصراع مع العدو الصهيوني وثورة حتى النصر , ومحاربة الاستعمار وإلغاء الطائفية والشرشحة العائلية والاقطاعية وحسم الانتماء الى الوطن? . أين الأحلام والوطن المرتجى الأخضر الحلم الطالع من رماد الفينيق ? . أين الشهداء والجرحى والأمهات اللاتي زغردن لأشلاء أبنائهن, وأين العدالة والحرية وتكافؤ الفرص? ماذا فعلت سورية في لبنان وماذا فعل اللبنانيون بسورية وبأنفسهم , وأين نحن الآن وماذا سنفعل?.‏

طبعاً هذه الأسئلة تحتاج الى أكثر من (معاً على الطريق) .. تحتاج الى طريق طويل نكون فيه( معاً ) , فالزمن زمن انهيارات وتبديل مواقع وتخبئة رؤوس وانتقال ألسنة واقفية , وإذا اردتم إثباتا ً فراقبوا بعض المداحين في مجلس النواب اللبناني وعلى رأي الدكتور عزمي بشارة راقبوا ماذا يقول الانتهازي تعرفون اتجاه الريح .‏

لقد تكلم الكثيرون من اللبنانيين عن عنجر , ولا أقصد البلدة التاريخية الاموية بل مركز الامن السوري جيد, لكن ماذا الآن عن عوكر , وهي مكان لاتاريخ أموياً له ولا حتى مملوكياً , بل تتربع فيه سفارة المس رايس.‏

الزمان زمان تحولات , لكن ابحثوا عن رائحة الروكفور, عن الفرنسي الحنون , فالمسيو بيكو لايزال يحب المنطقة الملونة,حصته التي تقاسمها ذات حرب مع المستر سايكس , وها هو يمد اصابعه من جديد بيد ان هذه ( الازمان) كلها افتراضية اذا اردنا ان نكون حقيقيين فحركة التاريخ يمسك بها الناس وقد جربنا ذلك مرة عام .2000‏

لم ينته العالم , ولايزال هناك أثداء ترضع حليباً محلياً , يخجل منه الذين تربوا على ( بودرة) الاجنبي , الذين يعطسون عند المنعطف , أيها المسيو بيكو , ستبقى الجغرافيا رغم أنف أمك , وسيبقى الناس , وسيبقى التاريخ, للذين يريدون أن يصنعونه طبعاً‏

وسيبقى لبنان ¯ وستبقى سورية ¯‏

لعل الذكرى...‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية