تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


خانة يك...آدم وحواء والتشريفات

آدم
الاربعاء 22/11/2006
رويدة عفوف

عن أي آدم تتحدث حواؤنا? وفي سبيل أي حواء يعلن آدمنا دائماً استعداده لخوض مغامرة التفاحة من جديد?!.

لا أجد في تعميم آدم وسحبه على جميع الرجال, بحجة التطابق الفيزيولوجي, ولا في تعميم حواء بذات الطريقة, ولذات السبب خلاصاً من المعضلة إياها, معضلة الفارق بين مايريده كل منهما من الآخر, ويخفيه خجلاً أو نفاقاً, وبين ما يريدانه من بعضهما ويعلنانه على الملأ, أي ازدواجية نظرته إليها, ونظرتها إليه, بين لبوس خارجي مزركش وملون, ولب داخلي مشبع بالنوازع والأخيلة.‏

أكثر الرجال يقدم حواءه أو يتحدث عنها. لا كما يرغب هو أن تكون, بل كما يتوجب أن تكون عليه, وبالصورة التي ترضي الآخرين, وتستحوذ إعجابهم, فحواء المثقف مثقفة مثله, تقرأ ما يقرأ وتكتب ما يكتب, وحتى إنها تأكل ما يأكل, وهكذا فزوجة الطبيب طبيبة, داخلية على الأقل إن لم تكن جراحة أو متخصصة, وزوجة المهندس تجيد بناء طابقين على الأقل حتى لو كان زوجها فاشلاً في بناء جدار, وزوجة الصحفي تنظر وتحاضر وتكتب للملايين, ولو لم تنشر ماتكتبه..!!‏

بدورها, حواء تقدم آدمها بالطريقة والمواصفات ذاتها, تقدمه كما تريد أن يراه الآخرون, لا كما هو بالفعل, إنه يجلها ويقدرها ويلثم الأرض من تحت أقدامها, يحاول أن يوازيها في فهم عملها ومهنتها, وأن يجاريها فيما تكنه من حب وحنان لمنزلها وأطفالها, يحب أهلها وأقاربها وأنسباءها, وحتى ناقتها وبعيرها على طريقة الحب العذري عند العرب القدماء..!!‏

ولو أنك وجدت نفسك في واحدة من جلسات التشريفات تلك, التي تحفل بها يومياتنا الاجتماعية في أماكن العمل وفي الزيارات الخاصة والعائلية, لاعتقدت أنك تعيش زمن آدم وحواء قبل أن يلتهما التفاحة إياها. أو أنك ستخرج بعد دقائق لترى نفسك في شارع باريسي أو على ضفاف بحيرة فنلندية, أو في حديقة سويدية, لكنك ما إن تفعل حتى تلطمك الوقائع على وجهك, ويصدمك الفارق بين ماتركته خلفك من كلام, وبين ما تراه أمامك من صور, تبتسم في سرك بخبث وتتساءل: إذاً من أين جاء كل هذا التخلف..??.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية