تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


حروب بالوكالة

شؤون سياسية
الاربعاء 22/11/2006
أحمد حمادة

لاشك أن منطق السلام والأمن والاستقرار في العالم أجمع يقول إن من يرغب في ترسيخ هذا المنطق فإن عليه تحجيم الدعوة إلى التسلح والحروب

لا أن يذهب في الاتجاه الآخر المعاكس أي أن يمد يده للعدوان ويمنح المعتدي كل أسباب القوة الغاشمة ويشجعه على المضي قدماً في جرائمه البشعة.‏

مناسبة هذا الكلام تصريحات الرئيس الأميركي جورج بوش التي أدلى بها أثناء استقباله لرئيس وزراء الكيان الصهيوني ايهود أولمرت في واشنطن والتي حثه فيها على الاستعداد جيداً وتحضير قواته الغازية على ضوء الحرب الأخيرة ضد لبنان كما قال.‏

فهذا الموقف الذي عبر عنه بوش لأولمرت علناً يعد الأخطر من نوعه حيال الوضع القائم في المنطقة لسبب جوهري وهو أن الادارات الأميركية كانت في الماضي تدعم الحكومات العنصرية الصهيونية وتتستر على جرائمها ولكنها كانت تعلن أمام الرأي العام ضرورة الالتزام بخارطة الطريق أو بالمفاوضات مع الفلسطينيين, أما اليوم فإن بوش يطالب أولمرت بالاستعداد للحروب ويؤيده بخصوص رفض فكرة المؤتمر الدولي المطروح أوروبياً للسلام ويحثه على محاربة الإرهاب المزعوم أي القضاء على المقاومة العربية لكيانه العنصري.‏

ترى أي تفسير يمكن أن يقدمه المتابع لهذا الانحياز الأميركي السافر لخطط أولمرت العدوانية?! وإلى متى الاستمرار في هذه الفجوة الواسعة بين ماتنادي به واشنطن من حرصها على الحريات المزعومة للشعوب وبين سياستها المناقضة لأبسط قواعد الحرية والعدالة في العالم?!‏

ليس هناك تفسير لهذا الموقف الذي عبر عنه بوش إلا تفسيراً واحداً وهو أن الإدارة الأميركية راضية تماماً عما تفعله حكومة أولمرت العنصرية من قتل وتدمير وخراب في الأراضي العربية الفلسطينية المحتلة بل هي إدارة شريكة في وضع الخطط واتمامها بما يخدم سياسة الكيان الصهيوني على حساب حقوق الشعب الفلسطيني.‏

إن منطق الحق والعدل والحرية والديمقراطية يقول: إن الإرهابي ايهود أولمرت الملطخة يداه بدماء المئات من سكان غزة وآخرهم شهداء بيت حانون الأبرياء يجب أن يحاكم كمجرم حرب حتى وفقاً للقوانين الأميركية ذاتها لا أن يمد له البيت الأبيض يد المساعدة ويمنحه كل أسباب القوة العسكرية ويحثه على التحضير لعدوان جديد ويشجعه على المضي قدماً في ارتكاب المجازر والجرائم البشعة بحق الفلسطينيين في الأراضي العربية المحتلة.‏

إن الخطورة الكبرى التي تمثلها هذه المواقف أنها لم تعد تكتفي بتقديم الدعم المالي والعسكري والسياسي للكيان الصهيوني بل لأنها بدأت تتجه إلى مستويات جديدة من الانحياز لم يسبق أن شهدها الصراع العربي الإسرائيلي, فهذا الموقف لم يتوقف عند حدود التراجع عن التعهدات السابقة بضرورة احلال السلام والالتزام بالمرجعيات الدولية الناظمة لعملية السلام وعن الدور الأميركي الراعي لهذه العملية لكنه زاد على ذلك بالتأسيس لمرحلة جديدة قوامها الطلب من( إسرائيل) الاستعداد لشن المزيد من الحروب وإلغاء حقوق الشعب الفلسطيني وحث هذه الأخيرة على المزيد من القتل والارهاب.‏

وليس ثمة شك أن هذه السياسة الأميركية التي انتقلت من بند المساعدات السنوية العسكرية والاقتصادية وتقديم الهبات إلى إضافة بند جديد هو القيام بالحروب في المنطقة بالوكالة عن أميركا ستؤكد من جديد أن السلام سيظل الأبعد عن خريطة المنطقة وأن هذه السياسة ستقود المنطقة برمتها إلى مصير مجهول سيضر بمصالح شعوبها وبمصالح أميركا ذاتها ولذلك فإن على الإدارة الأميركية أن تسأل نفسها: كيف يمكن لها أن تحافظ على مصالحها في هذه المنطقة في الوقت الذي تنسف فيه الأساس الذي تقوم عليه هذه المصالح وهو الأمن والاستقرار والسلام?!‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية