|
الانترنت - الموقع- رسالة من اسرائيل يتعرض لهجوم اسرائيلي مستمر ومهلك يقتل فيه كل يوم العديد من الفلسطينيين ويجرح أعداد لا حصر لها. ومع تدمير لبنان بملايين القنابل لم يهتم أحد بغزة, ولاحقاً للهزيمة الاسرائيلية في لبنان, يقوم الجيش المحبط الآن بالأخذ بثأره من سكان غزة وذلك عن طريق طاقات تدميرية متجددة. غزة تحت الحصار الكامل, حيث الفقر بنسبة 75% مع انعدام الكهرباء, هذا إذا لم نتحدث عن العناية الصحية المناسبة. هذا الوضع المزري يصوره لنا بعض الاسرائيليين بعكس ذلك ويدعون أن هناك من يهتم بسكان غزة, إنه يراهم ككائنات بشرية تستحق الطعام والمأوى والحرية والكرامة, أحزر من هي هذه الأم تيريزا الجديدة?? الجواب.. إنه الجيش الاسرائيلي وعلى الأقل هذا هو الجواب الذي ستجده في موقع (ynet) الأكثر شعبية والتابع لصحيفة (يديعوت أحرونوت) الاسرائيلية اليومية الأكثر مبيعاً. وتقرأ في الموقع:(أنشأ جيش الدفاع الاسرائيلي مركز اعتقال مؤقت قرب الحدود مع قطاع غزة, حيث يتم استجواب العشرات من الرجال الفلسطينيين المعتقلين من قبل جنود يعملون في القطاع الساحلي الصغير). كل شيء حسن حتى الآن (أو ليس حسناً) وقد يتساءل المرء ما التالي? هل سيكون هناك عدد قليل من الأسئلة المحرجة? أو تعليق قصير حول عدم شرعية هذا الإجراء? ففي النهاية القانون الدولي يحظر وبوضوح اختطاف أشخاص عبر حدود منطقة محتلة. لذا فكل الاسرائيليين المرتبطين بمركز الاعتقال هذا يمكن أن يتهموا بجرائم حرب. وفي حال لم يأخذوا القانون الدولي بالحسبان, ماذا عن القانون الاسرائيلي? ووفقاً لأية مادة يعتقل هؤلاء الأشخاص القاطنون في منطقة أعلنت اسرائيل انسحابها منها? هل ستعقد مقارنة صغيرة بين عدد الاسرائيليين الذين اختطفوا من قبل الفلسطينيين (الجنود: واحد, المدنيين: صفر, الأطفال: صفر) وبين الأعداد الكبيرة للفلسطينيين المختطفين من قبل اسرائيل? ليس تماماً. هل سنعيش لنرى على الأقل من هم المحتجزون? ما هي قصصهم? حسناً دعونا نتابع ما جاء في الموقع: (قال الجيش: إن الجنود تلقوا تعليمات بمعاملة المعتقلين بطريقة انسانية, وأكد على إطلاق سراح معظمهم بعد الخضوع للاستجواب, الفلسطينيون المطلق سراحهم منحوا رزمة من الطعام الأساسي مثل السكر والزيت والطحين. ويقول جنود احتياط يعملون في المركز: (نستطيع أن نفخر بمعاملة جيش الدفاع الاسرائيلي للفلسطينيين) و هناك جندي قال ل (ynet) :(منذ البارحة والمعتقلون يتدفقون للمركز, بعد الظهر وصل عدد من الفلسطينيين يتفاوتون بين مراهقين في الخامسة عشرة وراشدين في الخامسة والأربعين. لقد بذلنا كل جهد لمنح الفلسطينيين شعوراً جيداً, نصبنا الطاولات والمقاعد الطويلة, بل وحتى أنشأنا ظلالاً كي لا يتوجب عليهم الوقوف تحت الشمس). ويقول جنود:(لم يبد المعتقلون أنهم خائفون بل بعضهم كان يضحك. معظم الفلسطينيين الذين وصلوا للمركز لم يكونوا معصوبي الأعين ولا مقيدي الأيدي, وكان كل واحد منهم يؤخذ إلى خيمة للاستجواب, وأولئك الذين يرتبطون (بجماعات ارهابية) ينقلون بالباص إلى مكان آخر ويطلق سراح البقية إلى غزة خلال ساعات). وقال جنود احتياط: (تلقينا أوامر بتقديم وجبات ساخنة لهم وقام اللواء بنصب موائد مع خبز وشوكولا وقدموا لهم الشراب, لقد شعرنا بفخر كبير بهذه المعاملة, معاملة الفلسطينيين باحترام, حتى أولئك المشتبه بقيامهم بنشاطات ارهابية). إذن الآن أصبحنا نعرف كل شيء, فما يقال عن مركز الاعتقال ما هو إلا افتراء اليسار وما يديره الاسرائيليون عند غزة ما هو في الحقيقة إلا فندق ترفيهي مع طعام كامل, حيث يعمل الجنود في خدمة الغرف, مانحين الفلسطينيين استراحة قصيرة من الوضع الرهيب في غزة, حيث يحصلون في الفندق على ماء, ظل, طعام, شوكولا, وجبات ساخنة بل وحتى الضحك. وليس الكبار وحدهم من يتمتع بخدمات الفندق, فحتى الصغار سيندهشون من الجنود الاسرائيليون الرحماء الذين سيخلصونهم من أسرتهم البائسة عند منتصف الليل, وينقلوهم في دبابات وناقلات مصفحة إلى تلك الواحة التي يديرها الجيش, حيث سيسألونهم عما يشعرون به (استجواب) وسيفسدونهم من فرط الخدمات الممتازة في الفندق, ومن ثم سيطلقونهم وهم مزودون جيداً بحقائب مليئة بالأشياء اللذيذة. ويقول الجنود أيضاً إن معظم الفلسطينيين لا يكونوا معصوبي الأعين أو مقيدي الأيدي, وهو أمر يصعب تأكيده من خلال الصور الثلاث التي ترافق الموضوع, وفيها يبدو وبوضوح اثنا عشر, من بين دزينة فلسطينيين, وهم معصوبو الأعين (وعلى الأرجح مقيدو الأيدي أيضاً) ولكن هذا الأمر يمكن فهمه, فالشائعة تزعم أنه في حال معرفة الموقع الدقيق لفندق جيش الدفاع الترفيهي, فإن مئات الآلاف من الفلسطينيين المتضورين جوعاً سينكبون عليه, على الأقل لأجل نوم وفطور مجاني, فبالتأكيد يستطيع المرء أن ينصح أياً كان بهذا المركز الاستجوابي..!! تقرير (ynet) هذا مقال نموذجي للتيار الرئيس في التغطية الإعلامية الإسرائيلية على شرور وجرائم حرب الاحتلال. إن الكثير (وليس الكل) من المعلومات مكشوف ومتوفر, وكل اسرائيلي يستطيع معرفة أن اسرائيل تدير معسكر اعتقال قرب غزة التي تزعم أنها لم تعد محتلة,مع وجود أعداد كبيرة من الفلسطينيين, بما فيهم أطفال, تم اختطافهم من القطاع واعتقالهم هناك لفترات زمنية غير معروفة, بعضهم أطلق سراحه والبعض نقل (لإجراءات) أبعد. وهذه القطعة الإخبارية من (ynet) مشبعة بأكثر من مائتي كلمة من (البروباغاندا) الصافية. وكما في أيام الدكتاتوريات السوداء صيغت الأخبار بطريقة آمنة لتخمد سلفاً أي تفكير أو سؤال انتقادي. والانطباع الذي يتكون لدى القارئ هو وجود معسكر يعامل فيه الفلسطينيون بطريقة أكثر من عادلة. وبطريقة نموذجية سجلت (البروباغاندا) أقوال طرف واحد وهو الجيش والجنود, بكلمة أخرى, مرتكبو الأعمال الرديئة. ولم يتم أي لقاء مع ضحية, إننا لا نعلم تحت أي ظرف تم اختطافهم, لانعلم إن كانت كلمة واحدة مما قالها الجنود صحيحة, لا نعلم ما الذي دفعه المعتقلون مقابل إطلاق سراحهم (تعاون مع العدو كالعادة)? وحتى حقيقة أن أطفالاً اختطفوا لم تخلق أي تساؤل من جهة الصحفيين أو رؤوساء تحريرهم في الصحافة الحرة. وإليك كيف تكتب المقارنة المشوهة بين الضحية ومرتكبي الأعمال الرديئة:( من المحزن أنه وفي الجانب الآخر لا يوجد احترام كهذا للحياة الانسانية, مع استخدامها للأطفال كدروع بشرية وبقاء السكان الأبرياء تحت تهديد مستمر بسبب جماعات الإرهاب). لم يعط أي دليل, وماذا يتوقع المرء من (بروباغاندا). ولكن بقراءة ردات فعل القراء على هذه المعلومات يستطيع المرء أن يرى عمل الديمقراطية الاسرائيلية. اعترض قراء وانتقدوا بشدة سلوك الجيش. بحيث اقترحوا طريقة أخرى وقالوا:(لماذا الاعتقال? اقتلوهم) وآخرون قالوا:(لماذا نعطيهم الشوكولا? عذبوهم لنجد الجندي المخطوف) قارئ اسرائيلي آخر قدم عظة بقوله:(نحن ندفع حياتنا ثمناً لأخلاقنا, إن الإرهابيين نفاية الانسانية. من بين مائة وعشرين تعليقاً أقل من خمسة بالمائة تساءل عن صحة هذا التقرير البروباغاندي الرخيص, وهذا يعني إما أن صياغة التقرير كانت ممتازة أو أن محرري الموقع أتموا عملهم حين قاموا بانتقاء مناسب للتعليقات.. |
|