|
كتب لشراء اراضي البطيحة والجولان ورغبة هذه الشركات لاستثمار اراضي سهل العمق...?! وشراء اراضي بجانب مزرعة ( المرانة) التي لا تبعد سوى بضعة كيلومترات عن دمشق وهي تابعة لناحية الكسوة!.
وكان متابعاً دقيقاً لما يكتب في الصحف اليهودية في انكلترا راصداً حركة وزارة الخارجية البريطانية بوعدها الجمعية الصهيونية بالسماح بنقل ثلاثين الف يهودي الى فلسطين, ونقل عشرة آلاف من يهود ( السار) وتخيرهم الحكومة البريطانية بين سورية ولبنان والمغرب الاقصى وتونس والجزائر.. تاركة لهم اختيار المقاطعة التي يريدون الهجرة اليها.. محذراً بالوقت نفسه وعبر اتصالاته الصحفية ومن خلال تقارير المراسلين الصحفيين في تفاصيل التغلغل الصهيوني لقيام وطن قومي آخر لليهود في لبنان ! دعت صحافة جانا وعبر مسيرتها الطويلة للدور الخطير, والمرسوم بعناية لوضع اليد على الاراضي والمصانع توطئة لاستيطان سيحدث انقلابا عصيباً لتخريب الامة وعلى المدى الطويل?! لافتة الى دور القوى الوطنية لتأسيس مشروع كبير للانقاذ انقاذ الاراضي التي تدفع الحاجة او الجهل اربابها الى البيع .. دق( محمد توفيق جانا) ناقوس الخطر وعبر ( افتتاحياته) ان المملكة اليهودية التي ستأتي .. دولة ذات سيادة وجنسية وجواز سفر.. عبر اصلاحات منوي اجراؤها بفلسطين .. ! هذا ما جاء في صحيفة الاستقلال العربي عام 1937 .. مصادره كانت قريبة جدا من اصحاب القرار .. يغطون الاخبار.. ليحذر وينبه .. فهل كان من المستحيل حقا ان لا يكون امام العرب.. اي خيارات ..غير الخضوع والصمت .. كانت -صحافة جانا- المنبر الوطني الاستشرافي الواعي لما يحاك سراً وعلناً - من مؤامرات على منطقتنا . وبالاسماء والارقام , واضعة التفاصيل والوثائق امام الناس والحكومات لانقاذ ليس فقط ما يمكن انقاذه .. بل لسلامة الوطن كاملاً .. حراً متقدما .. لا نتحدث هنا عن ( طلائع صحفية) ولا عن هواة.. ولا عن اصحاب رؤوس اموال ارادوا تحقيق دورة رأس مال سريعة ومربحة.. انما عن اشخاص آمنوا بدور الكلمة كنصل حاد في وجه الاحتلال بأشكاله كلها..وكلمة على جهة اخرى تفضح سماسرة الغلاء والمحتكرين والفاسدين, وترصد الصحوة الفكرية الثقافية منادية بضرورة التفريق بين - ادب الثقافة و..أدب السخافة.. في نقد حقيقي للواقع الثقافي الذي كان سائداً.. جراب الكردي! تأثر محمد توفيق جانا ببروز خط الصحافة الهزلية التي بدأت تنتشر في العالم واخذتها صحافة الدول العربية بعد ان اصدرها كثير من المهاجرين ا لسوريين ولاقت رواجاً كبيراً في مصر خاصة.. واصدر فيها جريدة الفوضى ثم حماة بلدنا التي اغلقتها الرقابة العثمانية,..من اللافت ان عناوين الصحف التي اصدرها جانا ذاع صيتها حتى وصلت الى البرازيل فحملت احدى الصحف في ريودوجانيرو نفس العنوان الذي كان يصدر في بيروت ( جريدة الحمارة) عام .1910 فطن منذ البداية الى ضرورة مخاطبة عامة الناس بكل الوسائل الصحفية من رسوم الزنكوغراف والصور الكاريكاتورية لكبار الشخصيات فأصدر جريدة يومية سياسية اخلاقية فكاهية مصورة تعتمد على شخصية الكردي وهي الشخصية الشعبية البسيطة الوطنية واللماحة الذكية والتي تعلق على الحدث السياسي او الاجتماعي.. انها ضمير عامة الشعب .. المدهش ان يتم عام 1914 في جراب الكردي الاستعانة بعدد كبير من المراسلين في كل المحافظات السورية ليتم الوصول يومها الى ناحية الباب .. في شمال مدينة حلب. والتي بالكاد يسمع الناس بها اليوم.. ويغطي هؤلاء المراسلون.. اخبار البلاد الاخرى طرابلس .. بيروت .. فلسطين .. والى الصين ?!!. في جراب الكردي.. تستطيع ان تحيط باخبار العالم .. كله .. يومها.. وبقيت على اتصالها الوثيق بهموم ا لناس.. ووقفت الى جانبهم ضد المحتكرين .. والغلاء وكانت تقود حملات اعتصام ومقاطعة مثل مقاطعة شركة الترام التي رفعت سعر التذاكر فيها .. فكانت لسان حال المواطن.. ومؤازرته .. ودعمه .. مع كل ما يمكن ان تتعرض له .. من تنكيل وتعذيب.. تعرضت ( صحافة جانا) خاصة الهزلية منها كما غيرها من الصحف تلك للملاحقة والاغلاق , وتعرض صحافيوها للنفي والسجن... من اجل ذلك نفي محمد توفيق جانا الى الهند بعد ان اصدرت الحكومة العثمانية قرارها ذاك.. ومدة النفي تلك كانت ( مائة وسنة. وسنة) ?! بقي في الهند ثماني سنوات .. ليعود ويصدر صحيفة باسم ( حمارة بلدنا ) في بيروت ! يكرر اصدار الصحف بأسماء مختلفة.. تغلق ويسجن.. يخرج ليعود من جديد .. وتستمر هذه الحالة .. الى النهاية 1941 تاريخ وفاته .. ناهضت الصحافة السورية على يد الاستاذ محمد توفيق جانا وأولاده وغيرهم من الاحرار.. السلطات العثمانية والانتداب الفرنسي, وفضحت الاوضاع الداخلية المعيشية والاقتصادية للمواطنين .. في ظل اوضاع دولية اثرت تأثيرا مباشرا في الحياة العامة في بلاد الشام . اختار هذا الصحفي .. الصحافة ضميراً حياً, ناقداً حراً يتحدى الواقع المترهل والاستبداد .. شاهراً ليس فقط قلمه بل جسده وعمره دفاعا عن ا لحقيقة ملتصقا بهموم رجل الشارع. والقوميين والوطنيين. محمد توفيق جانا .. صحفي آمن بأن اي خطر او اذى يلحق بزميل له .. هو أذى عليه.. ويجند قلمه وجريدته للدفاع عنه .. ويرفع صوته عاليا من منبره ليتصدى لقرار الحكومة باغلاق صحيفة.. معتبرا ان هذا القرار هو تعد على حرية الفكر.. مستنكرا الاعتداء (بكل اشكاله) على الصحفيين وصحفهم . أليس هذا ما يسمى ( امتلاءً) ?! حين .. يتمكن المرء من مقدارته الانسانية, والمهنية, لا يسقط عندها في فخ الغيرة من .. بل الغيرة على .. فهل نتعلم .. ونعتبر ?!! الكتاب: صحافة جانا/ دراسة صحفية تاريخية سياسية الكاتب: الدكتور مهيار عدنان الملوحي الناشر: دار الاستقلال- دمشق /6200 |
|