تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الانتخابات الأوكرانية.. هل تنتصر المصلحة الوطنية؟!

شؤون سياسية
الأحد 24-1-2010
د. سعيد مسلم

لم تحسم نتائج انتخابات الرئاسة الأوكرانية في دورتها الأولى 17 كانون الثاني الجاري، وصول أي من المرشحين الـ 18 إلى سدة الرئاسة في العاصمة كييف!.

وبذلك توجب على المرشحين الأول والثاني الحائزين على أعلى نسبة أصوات وهما يانوكو فيتش وتيموشنكو، خوض جولة ثانية في السابع من شباط المقبل.‏

وبعيداً عن الخوض في احتمالات الفوز والخسارة ونسبة المشاركة في الانتخابات ومن هو المرشح الذي سيصعد في النهاية فإن الشيء المؤكد هو «الخيار الاستراتيجي للشعب الأوكراني» أو ما يمكن قوله: إعادة أوكرنيا إلى المكان الصحيح.‏

فالبلد السوفييتي السابق والمفصل الأوروبي الروسي معاً، يتوق إلى لعب دور اقتصادي وسياسي مهم في خريطة المنطقة الأوروبية وفي المحيط الروسي الحالي، وقبل كل ذلك يريد الشعب الأوكراني تصحيح الصورة المشوهة التي برز فيها شبان وشابات ورجال ونساء منذ نحو 5 سنوات وهم يلتحفون السماء الملبدة بالغيوم ويتنشقون ريح الزمهرير القارس، ويفترشون الأرض البيضاء في ساحة النصر، أو ميدان الاستقلال الأوكراني.‏

عندما غررت بهم رموز ماعرف بـ«الثورة البرتقالية» وأطلقت الوعود المخملية الأوروبية حيناً والأطلسية أحياناً أخرى، وبشرتهم بالرفاه النرويجي والديمقراطية السويسرية والبذخ الاسكندنافي وغيره وغيره، لتصل بهم الأمور بعد سنوات من عمر البرتقال الخائب على أرض الصقيع الشيوعي، إلى بلاد تكاد تعلن إفلاسها، وبطالة لا تليق بالملايين الخمسين من أبناء العرق السلافي وعقول أوروبا الشرقية أوالدولة السوفييتية المجيدة أولئك الذين كانوا ومازالوا وقود التقدم والإنجاز العلمي والتقني وحراس الخزان الغذائي ولا يجوز بأي حال من الأحوال الكذب عليهم والتغرير بهم على طريقة زرع البرتقال في مناخ الجليد القطبي، لذلك شاهدنا كيف عبّرت 18 فتاة أوكرانية عن حال البلاد وساستها عندما قررن التعري في شوارع العاصمة الأوكرانية وطلب المال والمتاجرة بالجسد إشارة إلى أن جميع المرشحين من صف العاهرات يستخدمون نفس الأساليب.‏

في كل الأحوال نتائج الانتخابات الأوكرانية في جولتها القادمة تتجه إلى أحد الخيارين.‏

1- فوز المرشح يانوكوفيتش الحليف القوي لروسيا وحامل لواء الإصلاح والتصويب، وصاحب القرار في استعادة المكانة اللائقة لأوكرانيا، وإعادتها إلى السكة السلمية الحفاظ على دورها الأوروبي وعلاقاتها المميزة مع روسيا ودول العالم وفتح قنوات الحوار والاستثمار والتنمية ما ينعكس إيجاباً على الاقتصاد الوطني والاستقرار والقوة الإقليمية لتلك البلاد الغنية والمهدورة الثروات.‏

2- فوز المرشحة يولياتيموشنكو وبفارق بسيط جداً و في هذه الحالة قد تجد البلاد نفسها في ظل الحديث عن تزوير أو عدم اعتراف فريق يانوكوفيتش بالنتائج أمام تصويت البرلمان الأوكراني أوعدم التصديق على نتائج الانسحابات مايعني استمرار الأزمة السياسية طيلة الفترة القادمة.‏

وخوض حرب سياسية لن يجلب لأوكرانيا سوى التراجع والاستمرار في الأزمات.‏

إلا أن معظم التقديرات ترجح الخيار الأول وحصول زعيم المعارضة يانوكوفيتش على أكثر من 55٪ من الأصوات في الجولة الثانية باعتبار أن أصوات المرشح تيفيبكو الذي احتل المرتبة الثالثة ستذهب إلى يانوكوفيتش وأن هناك اتفاقاً ضمنياً بين فريق يانوكوفيتش وتيفيبكو بأن يستلم رئاسة الحكومة وذلك بموافقة روسية وتدخل خاص من رئيس الحكومة الروسي بوتن، على أمل أن ينخرط الاثنان في برنامج وطني يعزز الخيار الروسي ضد الخيار الغربي- الأميركي.‏

وعلى هذا الأساس فإن أمام قيادة أوكرانيا الجديدة مهمات صعبة جلها يتجسد في:‏

1- إخراج البلاد من الوضع الاقتصادي الصعب وخاصة تسديد الديون الخارجية التي وصلت إلى أكثر من 35 مليار دولار أي بمعنى أن كل مواطن أوكراني مدين بمبلغ يتجاوز 750 دولار.‏

2- التخلي عن وهم الانضمام إلى حلف الناتو والمؤسسات الأوروبية الأخرى والعودة إلى القيم والتراث والثقافة المتجدرة من الأيام السوفييتية والتي مازالت حاضرة عفوياً في ثقافة وسلوك الشعب الأوكراني.‏

3- قيادة البلاد من خلال تآلف وطني يكون حداً وسطاً بين جماعة الغرب وجماعة موسكو.‏

4- الإسراع في خلق الفضاء الاقتصادي الموحد روسيا -بيلاروسيا- كازاخستان- أوكرانيا ورفع القيود الجمركية وحرية مرور البضائع بين أسواق بلدانه وفي ذلك ضمانة حقيقية لانتعاش الاقتصاد الأوكراني وتجاوب تام مع متطلبات روسيا ودعمها لأوكرانيا وعملاً بهذه الأولويات فإن نتائج الانتخابات الأوكرانية تكون قد حققت معادلة: انتصار أوكرانيا أو الخيار الوطني في مواجهة خيارات الخارج التي لم ولن تريد إلا مصالحها قبل كل شيء ولو على حساب إفقار وهدر ثروات الأوطان برمتها.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية