تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الرضـا عن الــذات خطــوة أولــى للطمأنينـة

مجتمع
الأحد 24-1-2010
أنيسة أبوغليون

يشعرالإنسان من وقت لآخر بأنه مستاء من أمر ما من دون سبب منطقي أوبديهي أومعروف لديه...يرى أطباء النفس إن ذلك نابع من شعوره العميق وغير الواعي بعدم الرضا عن الذات ....

فهل أنت راض عن نفسك؟ الإجابة في التحقيق التالي:‏

أنا مظلومة‏

- منى عاملة غير راضية عن نفسها وتعتبر نفسها مظلومة ترملت وهي صغيرة في العمر فشقت حياتها بصعوبة وحيدة تنظر لنفسها فيصيبها انهيار نفسي لايداويه إلا ابنتها الوحيدة: « هي أملي في هذه الحياة » توفي زوج منى بعد عامين من زواجهما تاركاً لها طفلة لم تكمل الشهرين ...تتابع قولها : قررت أن أتابع عملي لأرعى وأربي ابنتي حتى تكبر ... تبحث منى عن الرضا فلاتجده إلا وفي وجه ابنتها الصغيرة ....فالقهر الذي أعيشه يحول دوني والشعور بالرضا ...فأنا غير راضية عن شيء في حياتي الأشبه بالجحيم ولايخفف من نيرانه إلا وجود ابنتي ...فهي أملي....‏

الظروف تعاكسني‏

- يبدأ محمد كلامه ساخراً: كيف أرضى عن نفسي وأجري ينتهي مع انتهاء الأسبوع الأول من كل شهر ....محمد يعمل «دهان » ومتزوج ولديه ثلاثة أطفال يؤلمه أنه عامل عادي وهذا يجعله يخاف على أسرته من المستقبل لأنه عاجز عن تأمين الحياة التي رسمها لأسرته ويضيف: زوجتي تعمل بعمل خاص «عملها مضن وشاق» عليها أن تعمل أكثر من ثماني ساعات يومياً ... أكتئب عندماأراها تعود متعبة ولاأستطيع أن أريحها من عملها لأنها تساعدني في تلبية متطلبات الأولاد والبيت...الأيام تركض مسرعة وصحتنا على المحك ولاأعرف متى تخوننا فنمرض ...ربما يجب أن آمل خيراً لكيلا أحبط نفسي أكثر ،لكن الظروف تعاكسني .‏

طموح وحدود‏

هاجس آخر يشغل بال لينا ربة منزل فتقول : حياتي كلها لزوجي أي أنني امرأة محدودة وأبعادي وحدودي تنتهي عند نقطة اهتمامي بزوجي ...ليس عيباً أن تكرس المرأة القسم الأكبر من وقتها لزوجها ولكن أن تكرس حياتها كلها فهذا أمر جائر بحقها وبحقه أيضاً لأنها سوف تتحول إلى امرأة منكمشة ومنغلقة على نفسها مكتئبة ومحبطة.. لذلك تتمنى لينا أن تعود إلى مقاعد الدراسة لتكمل دراستها الجامعية وبسبب ذلك تعترف بأن نفسيتها متعبة وأعاني من الضغط النفسي بسبب القلق الذي يرافق استعدادي للدراسة لذلك تزداد عصبيتي وألوم زوجي كونه لايساعدني كثيراً في تجاوز هذه المرحلة بسبب انشغاله بعمله المضني.‏

المهم والأهم‏

تصرح سمر فتقول: لست راضية عن نفسي لأنني لاأفعل أمراً واحداً مهماً في هذه الحياة إلا تربية ابني الوحيد أي أنني كنت أودأن أملأ الفراغ الذي أشعر به بأمر يخصني كأن أعمل أو أدرس أو أنجز عملاً كبيراً ومفيداً لكي أشعر بأنني منتجة ولاأعيش على الهامش...لذا فهذه الهواجس تضغط على صدري بين الحين والآخر فأصاب باكتئاب ولاأعود أطيق نفسي ورغم ذلك أنتبه لحالتي وأحاول تجاوزها لكيلا تؤثر بعلاقتي بزوجي خصوصاً أنه متفهم إلى أبعد الحدود ولديه طرق مختلفة يعتمدها لإخراجي من الأجواء التي تزعجني وتؤثر في مزاجي.‏

الملل والاحباط‏

ويصل عدم الرضا إلى سلام أيضاً موظفة متزوجة منذ خمسة أعوام تبادر بالقول:‏

لست راضيةعن نفسي فعملي يجعلني أراوح بمكاني على الرغم من أن أحلامي كبيرة وتطلعاتي تتجاوز هذا العمل ... الملل يزداد في نفسيتي وأعترف أن الإنسان بطبعه طماع ولايرضى بشيء وأنامن الذين يطمحون للكثير وحين لا أصل لمبتغاي يصيبني الملل والاكتئاب ماينعكس سلباً على زوجي وأطفالي الذين لاذنب لهم في مشاعر الإحباط التي تصيبني.... لذا المطالعة والنزهات هما الملاذ لي لأهرب من هذه المشاعرالمحبطة .‏

رضا وسعادة‏

نعم أنا راض عن نفسي يستهل لؤي - موظف- كلامه ويسأل :‏

لماذا لاأرضى عن نفسي وصحتي بألف خير وأهلي وعائلتي بخير وبجانبي لاأطمع في أكثر من هذا فأنا أشعر بالاكتفاء الكبير وأنا مثل كثيرين قدأكون غير راض عن البيت الذي أسكنه لأن إيجاره مرتفع ولايتسع لأسرتي ورغم ذلك لاأتشاءم كوني إنساناً عملياً ...أبسط المسائل ولاأعقدها لذلك أنا سعيدفي حياتي ولو كنت مشاكساً أونكدياً صعب الأرضاء لتحولت حياتي لجحيم .‏

- بدوره يؤكد حسان مهندس أنه راض عن نفسه بقوله :‏

أنا سعيد جداً في حياتي وأرى أن كل شيء يسير بحسب ماأخطط له ....يأمل حسان أن ينعم الآخرون بالرضا فينصحهم « أدعو غير الراضين عن أنفسهم إلى عدم ايقاف حياتهم عند الفشل » إن الإنسان لاينجح بالبكاء والندب بل بالتعب والكد والاجتهاد حينها فقط ينهض من كبوته ويستمر وينجح وبالتالي ينال الرضا الكامل الذي يصله بالاكتفاء الذاتي.‏

رأي المختصين‏

- يؤكد المختصون بهذا المجال أن رضا النفس يختلف من شخص إلى آخر فهناك من يضع هدفاً أمامه ولايصل إليه فيجد نفسه غير راض وهناك من يصل إلى مآربه ومع ذلك لايرضى ويطمح ويطمع في الأكثر ... فالرضا مسألة داخلية تخص كل فرد على حدة ....‏

والشعور بعدم الرضا هو تقديم معياري يختلف بين فرد وآخر بين موضوع وآخر فبعض الأمور تجعل من الفرد غير راض عن نفسه إلى درجة مؤثرة فعلياً في مزاجه النفسي والبعض الآخر لاترقى حالتهم إلى تلك الدرجة ....‏

إذن تبقى المسألة مرتبطة بمستوى الأهمية للموضوع الذي يجعل الفرد غير راض عن نفسه ....ومن الممكن أن يتحول الأمر إلىحالة نفسيه مشخصة وهذا مايحصل عندما يتفاقم الشعور داخل صاحبه إلى حالة من الاحتقان من دون حصول حلحلة له من خلال الوعي الفردي بمعنى آخر هو لايكون مؤهلاً للخروج من نفق الشعور السلبي الذي يجتاحه ....‏

ويشعر المرء بالرضا عن نفسه من خلال شعوره بالانسجام مع مايفكر فيه من مقدمات سابقة أدت إلى نتائج يتطلع إليها فأهمية شعور الإنسان بالرضا عن الذات يعد الخطوة الأولى للطمأنينة والاسترخاء الفردي ولأنه ضرورة تخص الصورة التي يريدالفرد أن يكون عليها التي من خلالها ينجح ويسعد ويشعر بالاستقرار.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية