تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


الجدران ..تبدأ بالعزل وتنتهي بالانعزال

معاً على الطريق
الأحد 24-1-2010م
ديانا جبور

هل تحمي الجدران أحداً؟

هل تزيد السماكة من الحصانة؟‏

هل تقي من رياح التغيير؟‏

يدل التاريخ ولاسيما القريب منه أن الجدران كانت دليل عزلة وبرهان خوف وإشارة دامغة على الوهن.‏

لكن الأهم أن الجدران غالباً ما تتحول إلى أهداف واضحة ورموز جلية تتركز عليها معاول التغيير ومطارق الإدانة الأخلاقية، ليتحول بناة الجدار من حيث لم يحتسبوا إلى محاصرين عالقين‏

في أفخاخ كانوا يريدون نصبها للأخرين.‏

قد يكون جدار برلين أشهر هذه الجدران ، لكنه استخدم بدهاء حوّله إلى أيقونة تختصر كل التجربة الاشتراكية في العالم، فصار تقييمها يمر عبر محاكمة الجدار، وتطابقت التجربة مع النموذج المرذول والمدان والمطلوب نسفه وتسويته بما تحت الأرض .‏

طوال التاريخ كان الإغلاق صنو الانغلاق والركود والاستنقاع الموبوء ، الإغلاق لايحمي ولايقي لا من وحش يتربص بمداخل المدينة ولا من وباء داخلي يفتك بأهلها كما نقلت ملحمة أوديب العبرة منذ القدم.‏

درس طيبة وبرلين عاد وأكده جدار الفصل العنصري الذي بنته إسرائيل لتجويع الشعب الفلسطيني وسرقة مايمكن من الأراضي الفلسطينية ، لكن الجدار تحول من حيث لم يحتسب الطغاة إلى برهان علىانعزاليتهم وحرصهم على العيش في غيتوهات أيقظت الضمير العالمي تجاه مأساة الفلسطينيين .‏

لقد أيقظ الجدار العنصري بتقاطعه مع سابقيه انعطافة فعلية في التعاطي الغربي الأخلاقي مع القضية الفلسطينية.‏

هذه الحقيقة قد تكون وراء استماتة المسؤولين في الأجهزة الإسرائيلية لدفع صفة الجدار كتهمة واستبدالها بصفة السياج لأسوار جديدة يبنونها لإطباق كماشة الحصار على غزة .‏

هي الجدران على طول الأزمان تبشير بهزيمة تتضح ملامحها رغم غبار الإسمنت أو برادة الحديد والفولاذ. dianajabbour@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية