|
معاً على الطريق هل تزيد السماكة من الحصانة؟ هل تقي من رياح التغيير؟ يدل التاريخ ولاسيما القريب منه أن الجدران كانت دليل عزلة وبرهان خوف وإشارة دامغة على الوهن. لكن الأهم أن الجدران غالباً ما تتحول إلى أهداف واضحة ورموز جلية تتركز عليها معاول التغيير ومطارق الإدانة الأخلاقية، ليتحول بناة الجدار من حيث لم يحتسبوا إلى محاصرين عالقين في أفخاخ كانوا يريدون نصبها للأخرين. قد يكون جدار برلين أشهر هذه الجدران ، لكنه استخدم بدهاء حوّله إلى أيقونة تختصر كل التجربة الاشتراكية في العالم، فصار تقييمها يمر عبر محاكمة الجدار، وتطابقت التجربة مع النموذج المرذول والمدان والمطلوب نسفه وتسويته بما تحت الأرض . طوال التاريخ كان الإغلاق صنو الانغلاق والركود والاستنقاع الموبوء ، الإغلاق لايحمي ولايقي لا من وحش يتربص بمداخل المدينة ولا من وباء داخلي يفتك بأهلها كما نقلت ملحمة أوديب العبرة منذ القدم. درس طيبة وبرلين عاد وأكده جدار الفصل العنصري الذي بنته إسرائيل لتجويع الشعب الفلسطيني وسرقة مايمكن من الأراضي الفلسطينية ، لكن الجدار تحول من حيث لم يحتسب الطغاة إلى برهان علىانعزاليتهم وحرصهم على العيش في غيتوهات أيقظت الضمير العالمي تجاه مأساة الفلسطينيين . لقد أيقظ الجدار العنصري بتقاطعه مع سابقيه انعطافة فعلية في التعاطي الغربي الأخلاقي مع القضية الفلسطينية. هذه الحقيقة قد تكون وراء استماتة المسؤولين في الأجهزة الإسرائيلية لدفع صفة الجدار كتهمة واستبدالها بصفة السياج لأسوار جديدة يبنونها لإطباق كماشة الحصار على غزة . هي الجدران على طول الأزمان تبشير بهزيمة تتضح ملامحها رغم غبار الإسمنت أو برادة الحديد والفولاذ. dianajabbour@yahoo.com |
|