|
ثقافة الهكسوس.. والحثيون.. والفراعنة والفرس والروم والبيزنطيون كلهم جاثوا هذه الأرض.. لكن الكنعاني بقي في أرضه يفلح بيد ويقاتل بأخرى.. بالحجر بالسيف بالسكين.. والقبضات.. وهو رغم الهول يعشق ويغني ويبدع ويهب الحياة ألقها وجدارتها، وحينما تظمأ الأرض يهبها دمه. إن الفلسطيني الكنعاني العربي قدرة نادرة، لقد كسر منذ زمن طويل رهاب العدو واستنفر روحه وجسده وقيمه لمعركته الدائمة للحفاظ على هذا المكان الأرض المقدسة.. وهو لا يتعب ولا يتراجع وقد ضرب عبر التاريخ أمثولات نادرة في عشق الحياة والأرض.. وهو ما يفتأ يطلق «ناياته» في جبال الجليل.. ومرج ابن عامر وجبال النار.. تحت أسوار عكا تكسرت رايات ريتشارد الانجليزي وملوك الفرنجة وعلى أسوار القدس سال العبير الأحمر غزيراً دهراً وراء دهر دفاعاً عن أمثولة «الناصري» عليه السلام.. من أجل الاخاء والحب والسلام والانصاف. منذ دهور «والإلياذة الفلسطينية» في لجة الصراع الملحمي في قلبه وعينيه.. والأجيال جيلاً وراء جيل .. تدافع عن الهواء والموج والجبال والزيتون والحبق والزعتر البري وقطعان الأغنام.. وعن الحق والحرية. تلك هي القيم التي تطرحها في «الإلياذة الكنعانية» التي كنا منذ سنوات نفكر في انجازها.. بعدما أنجزنا عدة أعمال مسرحية منها: «رايات العودة»، «طوق الياسمين»، «الخيل والهيل»، «الملاذ». أما الإلياذة الكنعانية الفلسطينية فهي أمر آخر.. إنها حكاية شعب فلسطيني عبر التاريخ إلى زمننا.. حكاية كنعان وأحفاد كنعان الصامدون الواقفون تحت الشمس.. يزرعون ويفلحون ويبحرون ويغنون.. يقاتلون ويستشهدون، يسقطون وينهضون.. يرددون نشيدهم: الفرح في مواسمهم.. الحميم في العشق.. الساطع في الحرب.. الصابر في المأساة.. الحالم بالحرية.. والعمل مسرحية غنائية شعرية ملحمية درامية تعتمد الأداء الاستعراضي التمثيلي الغنائي.. لأن الملحمة الفلسطينية تقتضي «الدراما» التمثيل والحركة الجماعية الغنائية الاستعراضية.. فهي الأقرب إلى روحها وقيمها ورمزيتها.. إن الغاية من هذا العمل هو تقديم عمل ملحمي يبقى في الذاكرة الشعبية برؤية معاصرة تعرف بالقضية الفلسطينية وقد سمي العمل «الإلياذة الكنعانية».. فلكل شعب «إلياذته» تمجد وتروي صمود هذا الشعب الذي وقف منذ حوالي ثلاثة آلاف عام في حمى صراع، لا يتوقف من أجل الأرض والحياة والسلام والحرية وهي «ملحمة» لم يخضها شعب في التاريخ بهذه الديمومة والصبر والاصرار والبطولة وفوق ذلك يملأ قلب خصومه بالغيظ المميت. ولسوف تكون مادة الملحمة هي الحكاية الفلسطينية التي تعرض في اطار درامي تمزج في مشهدية متناسقة معتمدة على التراث الفلكلوري والشعري الخصب منذ أناشيد الكنعانيين القديمة إلى أشعار محمود درويش. |
|