|
ثقافة
خفيف الظل والأكثر تفاعلاً مع جمهوره ليكون ختام هذه التجربة أمس على مسرح الاستعمالات المتعددة في دار الأسد للثقافة والفنون. وفي تقرير نشرته سانا قالت: لقد اعتمد سلمون في الجزء الثالث من هذه التجربة على حوار استثنائي مع ابنته الصغيرة سوسنة التي أتمت من العمر عامها الأول لكنها مع ذلك أدهشت والدها ذا الثمانية والأربعين عاماً والذي كان يعتقد أنه قطع مراحل متقدمة من المعرفة تؤهله لتعليم الآخرين فإذا به يكتشف أنه تلميذ صغير وبريء بين يدي معلمته الجديدة سوسنة والتي راحت تصحح له مفاهيمه عن الحياة بفلسفتها الخاصة إذ رأت ما رآه في أعوامه الطويلة بعينين أكثر ذكاء واتساعا فأشفقت عليه وراحت تعيد تأهيله نفسيا بحكايات تقصها صباح مساء. واستطاع المخرج والكاتب السوري أن يستغني عن صيغ المونودراما التقليدية في عرضه مستبدلاً صيغة محاورة المخاطب الغائب بجمهور مسرح الاستعمالات المتعددة دامجاً السيرة الشخصية مع مستويات متعددة من الكتابة جاعلاً النص المسرحي مفتوحاً ومفكراً به على نحو مسرح الجمهور الخلاق مشركاً المتفرج في إتمام حبكة الحكاية تلو الأخرى دون إغفال شروط اللعبة التي تنهل بدورها من صيغة مسرح الحكواتي لتصير هذه الشخصية بمثابة لقاء بين أنواع من البوح والاعترافات الحميمة مع طفلته الصغيرة. الفنان نمر سلمون الذي تابع دراسته في المسرح بجامعة السوربون بفرنسا مقدماً بحثين عن عفوية الممثل والدور الإبداعي للجمهور المسرحي ليحصل بعدها على شهادتي الماجستير عام 1992 ودبلوم الدراسات المعمقة في فنون العرض المسرحي عام 1994 حقق تفاعلاً لافتاً على صعيد اللعب عبر لبوس شخصية الحكواتي فصاحب أطروحة الوجه المستتر للمسرح السوري المحتمل يراهن من جديد على بناء نص شديد المرونة خارجاً بذلك على إرث فن المونودراما على الخشبة السورية الذي كاد أن يتحول إلى كوابيس نفسية وهذر لا نهاية له متعمداً الاستغناء عن الالتصاق الأحمق بالنص نحو صياغة عرض تأخذ فيه العفوية قالباً شعبياً مدروساً لتنتقل لغة مسرحية الممثل الواحد من هذيانات التداعي الحر إلى الاعتراف بالحضور المادي والوجداني للجالسين على كراسي الفرجة. وحقق سلمون العائد من إقامة طويلة في أوروبا إلى وطنه سورية سبقاً في مسرح الطفل عبر علاقة عفوية استطاع نقلها من علاقته الشخصية بابنته التي لم تتجاوز عامها الأول إلى حكايات صغيرة ومحاورات تكشف حساسية الطفل العالية تجاه الناس والأشياء والكلمات بعيداً عن أنماط المخاطبة المدرسية الإملائية على الطفل بل عبر إيمان مطلق بقدرة الطفل وصدق مشاعره الفطرية وسليقته الإنسانية نحو كذب الكبار وخداعهم ونفاقهم الاجتماعي لتصير الطفلة سوسنة نمر سلمون أصغر ممثلة سورية على خشبة الأوبرا في وطنها. يذكر أن سلمون أسس فرقة مسرح الجمهور الخلاق بعد تخرجه من المعهد العالي للفنون المسرحية في دمشق عام 1989 والتي قدم من خلالها ما ينوف على أربعين عملاً مسرحياً داخل سورية وخارجها مشاركاً في مهرجانات مختلفة ألقى خلالها العديد من المحاضرات والمقالات حول الأدب والمسرح ولديه خمسة كتب مسرحية منشورة باللغة الإسبانية ومسرحية واحدة بالعربية كما نال الجائزة الذهبية للإبداع لأفضل برنامج للأطفال في مهرجان القاهرة للإعلام عام 2007 واختير محكماً في لجان أدب الأطفال في بعض المسابقات الأدبية العربية. |
|