|
شؤون سياسية ولم يتوان كثير من الخبراء الماليين والاقتصاديين عن إطلاق تسمية (البطة العرجاء) على حالة إدارة بوش بعد توقيعه على خطة الإنقاذ المالي المعدلة التي أقرها مجلس النواب الأميركي, حيث بقيت أجواء الحذر والترقب والضبابية هي الطاغية على الأسواق المالية التي تشكك في جدوى هذه الخطة لحل المشكلات الاقتصادية الأميركية.. وبالرغم من أجواء التفاؤل والإيجابية التي تحاول إدارة بوش ترويجها حول الجدوى من ضخ قرابة 700 مليار دولار في الأسواق المالية إلا أن أوساطاً أخرى ترى أن الخطة تتعامل مع الأزمة بشكل آني ولا تقدم حلولاً ناجعة لمشكلة الرهون العقارية ومشكلات تراجع الاستهلاك.. وإن الشهرين القادمين سيكونان من الفترات العصيبة في تاريخ الولايات المتحدة وقد لاتحقق الخطة الإنقاذية جدواها في نهاية المطاف بسبب أجواء عدم الثقة التي تطغى عليها, الرئيس الاستراتيجي لأسواق المال الأميركية رأى أن الافترض القائل إن الخطة سوف تنجح ليس هو المؤكد وقال: (لسوء الحظ عندما نركز على مبادئها الأساسية فإننا نراها غير صالحة بالقياس مع حالة الأسواق السيئة) وبالرغم من وعود البنك المركزي ووزارة الخزانة الأميركية بالانتقال فوراً إلى مرحلة التطبيق العملي للخطة إلا أن شكوكا كثيرة تلف تفاصيله وخاصة مع استمرار الأجور العالية لمديري الشركات الأميركية في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من أزمة مالية خانقة.. حيث أظهر مؤشر ستاندرد أند بورز أن أجور مديري المؤسسات بلغت 10,5 ملايين دولار في المتوسط أي مايعادل أكثر من 344 مرة مقارنة بأجر العامل الأميركي العادي, وتأتي الخطة أيضاً في الوقت الذي بدأت فيه خزائن الولايات الأميركية تئن تحت وطأة الإفلاس والتي كان أولها ولاية كاليفورنيا التي حذرت من أنها ستطلب مساعدة عاجلة بقيمة سبعة مليارات دولار لتسديد فواتيرها المتراكمة بسبب الأزمة المالية التي تهز البلاد. كما لاقت الخطة ردود فعل متفاوتة على الأسواق المالية العالمية وسارعت معظم البلدان إلى زج مبالغ مالية ضخمة حماية لأسواقها وخاصة في اليابان وروسيا ودول الاتحاد الأوروبي.. ورأى كيفن رود رئيس الوزراء الاسترالي بأنها مجرد خطوة لإعادة الاستقرار لنظام المصارف العالمي ولكن لايزال هناك الكثير من العمل للوصول إلى مرحلة الاستقرار, ذلك يعني أن الرئيس الأميركي بوش قد أورث الأميركيين ودول العالم في نهاية حقبته إخفاقاً جديداً, يضاف إلى سلسلة كوارثه التي لم تطل سمعة الشعب الأميركي بل وصلت أيضاً إلى جيوبهم ومدخراتهم وأملاكهم العقارية وأصبح النمو الاقتصادي الأميركي كله في مهب الريح!. وبعد الولايات المتحدة, الدول الأوروبية ممثلة بفرنسا وألمانيا وإيطاليا وبريطانيا تعلن سلسلة من الإجراءات لمواجهة الأزمة المالية العالمية إثر قمة مصغرة جمعت قادة هذه الدول في باريس مؤخراً حيث تعهدوا بضمان متانة واستقرار النظام المصرفي والمالي الأوروبي والتعاون والتنسيق داخل الاتحاد الأوروبي ومع الشركاء الأوروبيين ودعم القرارات التي اتخذها منذ بداية الأزمة في البنك المركزي الأوروبي وبقية المصارف الأوروبية, الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي قال: «إنه يجب أن يتم التنظيم والإشراف على كل المؤسسات في الأسواق المالية وليس فقط المصارف التجارية ووكالات الائتمان ومصارف الاستثمار والاعتمادات المجمدة), كما تضمن البيان الختامي للقمة التأكيد على المؤسسات المالية لتنفيذ توصيات مجلس وزراء مالية الاتحاد الأوروبي حول شفافية عملياتها والمخاطر التي تواجهها بفعل تداخلاتها مع الأزمة المالية الأميركية, وضرورة أن تواصل المفوضية الأوروبية التحرك بسرعة والليونة في قراراتها بشأن المساعدات التي تقدمها للدول المتضررة, خوسيه مانويل باروسو رئيس المفوضية الأوروبية رأى ضرورة الاستمرار في دعم الاستقرار وتقديم الإعانات للدول المتضررة وإصدار القوانين المتممة لذلك مع المرونة في حالة الطوارىء) وفي الوقت الذي توصل فيه زعماء القمة إلى ضرورة دعم المصارف المتعثرة والترحيب بقرار بنك الاستثمار الأوروبي تخصيص ثلاثين مليار يورو لمساعدة الشركات والبنوك الأوروبية حتى تم الإعلان عن قضية مصرف «هيبوريل ايستيت» الألماني المهدد بالإفلاس بعد فشل خطة لإنقاذه بقيمة 35 مليار يورو, الأمر الذي دعى أنجيلا ميركل المستشارة الألمانية لأخذ الدروس من هذه الأزمة وضرورة محاسبة المسؤولين عنها بالدرجة الأولى وإيجاد قوانين وأنظمة لتفادي مثل هذه الأزمة مستقبلاً.. سلسلة من الإجراءات التي دعت إليها القمة الأوروبية المصغرة طالت أيضاً اتخاذ تدابير لتغيير تصنيف القيمة الحسابية للأسهم.. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه: هل ذلك يكفي في ضوء الانقسامات الأوروبية و الفروقات الاقتصادية بين بلدانه?. وهل يمكن تطبيق دعوة المستشارة الألمانية ميركل بمحاسبة المسؤولين عن هذه الأزمة, أي إدارة بوش التي وصلت أزماتها إلى أعز أصدقائها في القارة الأوروبية مهددة نموها الاقتصادي بالانهيار ولقمة العيش للمواطنين فيها.. ويخشى المراقبون والمنظمات الإنسانية من انعكاس هذه الأزمة على قضايا التنمية في دول العالم وخاصة الفقيرة من خلال خفض الدول المانحة للمساعدات المقدمة لها والبالغة /104/ مليارات دولار سنوياً وهذا ما سيزيد عدد الفقراء والأمراض كشلل الأطفال والملاريا والسل والإيدز وستكون الأزمة مبرراً للقوى المهيمنة كي تدير الظهر لكل المحتاجين في العالم. |
|