|
ثقافة في جميع مناحي الحياة, فهي الرابط الذي يجمع أبناء الأمة, توحد المشاعر وتجمع الفكر في بوتقة اللقاء والتفاهم, تحافظ على الهوية من الضياع, لاسيما وأنها القلعة الحصينة للدفاع عن الهوية والوحدة القومية . إنّ لغة اختارها الله تعالى لكتابه القرآن الكريم لا شك أنها لغة تتربع على عرش الألسنة واللغات وهذه مفخرة لنا، فاللغة والفكر وجهان لعملة واحدة, إذ إننا لا يمكن أن نتصور لغة من غير فكر ولا فكراً من غير لغة, ووظيفة اللغة تتمثل في التفكير والتواصل والتعبير.. ويقول الدكتور طه حسين : (نحن نشعر بوجودنا وبحاجاتنا المختلفة وعواطفنا المتباينة وميولنا المتناقضة حين نفكر، ومعنى ذلك أننا لا نفهم أنفسنا إلا بالتفكير، نحن لا نفكر في الهواء، ولا نستطيع أن نفرض الأشياء على أنفسنا إلا مصوّرة في هذه الألفاظ التي نقدرها ونديرها في رؤوسنا، ونُظهر منها للناس ما نريد، ونحتفظ منها لأنفسنا بما نريد, فنحن نفكر باللغة، ونحن لا نغلو إذا قلنا: إنها ليست أداة للتعامل والتعاون الاجتماعيين فحسب، وإنما هي أداة للتفكير والحس والشعور) كما قال جبران خليل جبران عن اللغة : (إن مستقبل اللغة العربية يتوقف على مستقبل الفكر المبدع الكائن أو غير الكائن في مجموع الأمم التي تتكلم اللغة العربية فإن كان ذلك الفكر موجوداً كان مستقبل اللغة عظيماً، وإن كان غير موجود فمستقبلها سيكون كحاضر شقيقتيها السريانية والعبرية). ومن هنا لابد من التركيز على أهمية التوعية اللغوية والإحساس بالدور الذي تؤديه اللغة الأم ..اللغة الوطنية.. اللغة الموحدة.. والنهوض بها في هذه المرحلة التي يتعرض فيها وجودنا لمحاولات طمس هويته ومكوناته . وفي هذا الصدد صدر كتيب تحت عنوان (خطة عمل وطنية ) لتمكين اللغة العربية والحفاظ عليها والاهتمام بإتقانها والارتقاء بها , إعداد لجنة التمكين للغة العربية المركزية برئاسة الدكتور محمود السيد .. وتشتمل هذه الخطة على أربعة أقسام : يتناول أولها :المسوّغات التي دعت لوضعها وترجع هذه المسوغات إلى أهمية اللغة عامة في حياة الفرد والمجتمع, وأهمية لغتنا العربية في الحفاظ على هويتنا وذاتيتنا الثقافية وأمننا الثقافي ووجودنا الحضاري وإلى خطر ماتتعرض له من تحديات تستهدف تهميشها وإبعادها عن استئناف دورها الحضاري , ويتناول القسم الثاني : الواقع اللغوي والعوامل المؤثرة فيه, ويقف القسم الثالث: على سبل المواجهة, ويركز القسم الرابع والأخير: على القضايا الملحّة التي تتطلب المعالجة السريعة . (سبل المواجهة) مادامت لغتنا العربية الفصيحة هي اللغة الأم, ومادامت الأم ترعى أبناءها وتحتضنهم, وتحنو عليهم, كان على الأبناء جميعاً أن يكونوا مسؤولين عن أمهم وفاءً والتزاماً, إذ ليس ثمة شيء أقسى وأمر من عقوق الابن لأمه, ومن هنا كانت المسؤولية ملقاة على كاهل الأبناء جميعاً وتتطلب العمل على جبهات متعددة, ومادامت التحديات التي تعترض اللغة العربية قد سبقت الإشارة إليها من قبل كانت سبل المواجهة المقترحة على النحو التالي : تعزيز الانتماء .. فالحفاظ على الهوية والذاتية الثقافية للأمة واجب مقدس في عصر العولمة, ولغتنا العربية هي رمز كياننا القومي وعنوان شخصيتنا العربية وهويتنا, وأن الوعي اللغوي أمر مهم جداً في عملية الحفاظ على الهوية تخليصاً للجيل من عقدة التصاغر تجاه اللغات الأجنبية وثقافتها . الحرص على السّلامة اللغوية في الكتب والمراسلات بين الوزارات والمؤسسات التابعة لها وفي دور النشر والطباعة وسائر الجهات المعنية, ولابد من تخصيص مُدقق لغوي في كل منها . ضرورة إتقان الناشئة جميعاً أساسيات لغتهم, على أن يخضع الحائزون الشهادة الثانوية والملتحقون بالكليات الجامعية والمعاهد لاختبارات لغوية تقيس مدى إتقانهم تلك الأساسيات, وعلى أن يُطبق ذلك على المتسابقين للتعين في وظائف الدولة, كما يُطبق على المرشحين للترفيه في وظائفهم . اعتماد دليل تصحيح الأغلاط الشائعة وقواعد تيسير الإملاء الصادرين عن مجمع اللغة العربية بدمشق وتوزيعها على المؤسسات التربوية والثقافية والإعلامية. تطبيق التشريعات والقرارات الملزمة لحماية اللغة العربية من خطر استعمال اللهجات العامية واللغات الأجنبية . أيضاً من سبل المواجهة الخاصة بجهات معينة فيجب إجراء دورات تدريبية لمربيات الأطفال على استخدام العربية المبسطة في رياض الأطفال, التزام جميع العاملين وفي مراحل التعليم كافة باستخدام اللغة العربية في العملية التعليمية التعلمية, تدريب معلمي اللغة على أساليب تعليم اللغة العربية وطرائق تدريسها, والعناية بالتعليم الذاتي والمطالعة الحرة, إعادة النظر في مضمون المناهج ولغتها لتكون لغة للحياة النابضة الزاخرة, التركيز على النحو الوظيفي وعلى التعبير الوظيفي في المناهج اللغوية , التركيز على القوالب والبنى اللغوية في عملية تعليم اللغة في المراحل الأولى قبل الدخول في المصطلحات النحوية, تجنب استعمال المصطلحات النحوية في المراحل المبكرة من التعليم , التدريب المستمر على الكشف في المعاجم, إنتاج كتب الكترونية مبسطة بالعربية , تصميم دروس العربية بالحاسوب والشابكة , إجراء بحوث علمية لمعالجة المشكلات اللغوية في العملية التعليمية التعلمية , العناية بالمكتبات المدرسية وتزويدها بدوائر المعارف والمعاجم وأمّهات الكتب والكتب الالكترونية والسلاسل المتنوعة على أن تكون اللغة المستخدمة فيها سليمة لغوياً, إغناء البيئة التعليمية بمصادر التعلم المختلفة من كتب وصحف ومجلات ووثائق , تفعيل المسرح المدرسي والإكثار من عرض المسرحيات الناطقة بالعربية الفصيحة المبسطة , الإشراف الفعال على المدارس الخاصة والارتقاء بواقع اللغة العربية فيها , التركيز على اللغة العربية السليمة والشائقة في البرامج التعليمية التلفزية . |
|