تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تشاطر الإسلامويين في إحكام عقدة «الفلول» على عنق مصر

شؤون سياسية
الثلاثاء 27-11-2012
بقلم: علي الصيوان

جدد الرئيس مرسي تقديم أوراق اعتماده أمام واشنطن. هو خاطب جمهرة الإسلاميين (إخوان وسلفيين) المحشودين في 23/11/2012 لتأييده في معركته ضد القضاء, بأنه (يتطلع إلى أن ينتصر الإسلام السياسي في سورية)!.

وهذه رسالة إلى كلينتون وأوباما, مفادها: أنه عند حسن الظن بالتفويض-الإيعاز الذي تلقاه من أوباما 15/11, في الضغط على حماس لإنجاز اتفاق التهدئة مع (إسرائيل).‏

وقد أشرفت كلينتون على حسن سير امتثاله للإيعاز, امتثال نال بموجبه ثناء خالد مشعل على (دور مصر الجديد) المتحصل من (ثورات ربيع) التحالف الإمبريالي-الإسلاموي.‏

مشعل كان قد قال في الخرطوم: إن مصر اليوم (تنهج نهجا جديدا)!!!«, و»ستنهي العربدة الإسرائيلية»!.‏

والمؤدى الملموس لهذه الإطلاقية عند مشعل, هو امتثال إسلامي فلسطيني في كرنفال تقديم أوراق الاعتماد عند المايسترو الأمريكي.‏

ولم يتردد مرسي في البناء على التفويضين: من أوباما ومن مشعل.‏

اذ أنه, في اليوم التالي على تنفيذ ايعاز واشنطن بإنجاز التهدئة, عمد إلى فتح المعركة ضد القضاء المصري, بإصدار (الإعلان الدستوري), الذي وُصِف من قبل الجسم القضائي بأنه خطوة نحو (أسلمة الدولة) و(أخونة مصر), دون أن تأخذ سلطة مرسي في الاعتبار العواقب الوخيمة لمعركة كهذه.‏

بيد أننا في التدقيق نتبين أن تطلع مرسي إلى انتصار إسلاموي في سورية, مشروط بديمومة تهدئة في غزة, وبحسن إدارة في بسط أخونة مصر, كي تتمكن واشنطن من نيل جائزة في ضمان أمن (إسرائيل)؛ بإعادة هيكلة (شرق أوسط جديد), لا يعكره إيصال صواريخ ايرانية-سورية إلى فلسطين.‏

الظواهري كان قد دعا في 27/10, إلى الإسراع في أسلمة مصر, بدعوة الشيخ حازم أبو اسماعيل مرشد حزب النور السلفي إلى معاضدة حكم الإخوان المسلمين, ضمن سياسة أسماها (استعادة الثورة). ودعا الظواهري إلى التحشيد للقتال في سورية.‏

ولذلك تسابق السلفيون والإخوان المسلمون إلى القصر الرئاسي, في تظاهرة تأييد للرئيس مرسي 22/11.‏

لا ينفصل الاهتمام بتهدئة فلسطينية عن الجنوح إلى الأسلمة في مصر, كشرط للقتال في سورية.‏

ثمة مسكوت عنه في هذا الترابط بين مصر وفلسطين وسورية, هو العامل الايراني.‏

ذلك أن ايران كانت في قلب الألق الذي انعقد لبيرق المقاومة, وهي تنال من (إسرائيل) بالصواريخ الايرانية.‏

الإعلام الإمبريالي والعربي التابع واجه, منذ اليوم الأول للعدوان, مهمة التعتيم على الدور الايراني ومعه السوري, في لجم العدوان. وقد كانت المهمة شاقة في مستوى مشقة من يحاول حجب الشمس بغربال.‏

هدف التعتيم كان حرمان دمشق من موازنة دورها في حماية شعب فلسطين, مع دور واشنطن في العدوان الإسرائيلي. وذلك لأن الموازنة بين الدورين تنصرف تلقائيا إلى وصم إسلامويي سورية بالارتباط بمخطط أسلمة المنطقة العربية, الذي تقع غرفة عملياته في واشنطن.‏

وقد ارتفع الصخب في التعتيم على الدور الايراني والسوري إلى حد إنكار أي دور لهما في مناعة شعب غزة.‏

لكن الذين أطلقوا الصواريخ بأيديهم ضد (إسرائيل), نطقوا بالحق. قالوا بأنها ايرانية: خالد البطش من الجهاد الإسلامي, وخالدة جرار من الجبهة الشعبية.‏

أما بعد أن ندد لوران فابيوس ووليم هيغ بإيران في 21/11, لكونها تزود (الارهابيين الفلسطينيين) بالصواريخ, فقد أسقط في يد خالد مشعل, فلم يجد بدا من أن يشكر ايران على تسليح غزة.‏

وانسجاما مع تموضعه في المعسكر الذي يسلح القتلة في سورية, فقد استدرك مشعل, بأنه (يختلف مع ايران في المسألة السورية).‏

وهنا بوابة مهمة أصعب أمام الإسلامويين للنيل من شعب فلسطين, تحت عنوان اتفاق التهدئة, الجاري تزيينه كانتصار لدور مرسي, يعاد فيه إنتاج تهريج السادات في توظيف (حرب العبور) إلى... كامب ديفيد.‏

الصعوبة هنا تتصل بإجابة سؤال: كيف وصل سلاح ايران إلى غزة؟‏

تقف الـC.I.A على رأس المعنيين بجواب محدد. يعاونها جهاز استخبارات مصر, وجهاز بندر بن سلطان, ومن تقع عليهم المساءلة الأمريكية عن التقصير في منع سلاح ايران من وصول غزة, أقله: الإخبار عنه, خصوصا: جعجع والحريري في لبنان, وعيون قطر المنزرعة في غزة نفسها, بالتعاون مع عيون محمد دحلان, بقرينة العملاء الستة الذين أعدمتهم المقاومة يوم 20/11, لتجسسهم لمصلحة (إسرائيل).‏

الـC.I.A معنية مستقبلا بتهدئة طلبها أوباما من مرسي في اتصال الإيعاز 15/11, وعبرت عنها كلينتون في 21/11 بالقول: إنها التي (تحول دون إطلاق الصواريخ مستقبلا), وكما قال بيريز لطوني بلير في 19/11: «إن (إسرائيل) تبحث إيقاف الصواريخ الآن, وضمان عدم إطلاقها مستقبلا».‏

وليس ما يسهل مهمة الـC.I.A, مثل تموضع مشعل في معسكر التحالف الإمبريالي-الإسلاموي, لاستنساخ مهمة الجنرال دايتون في غزة.‏

ثمة شطر صعب أمام مرسي, هو المضي قدما في الحرب على القضاء المصري, وعبره على التقاليد الوطنية المصرية التي تختزن عقيدة أن (إسرائيل) عدو.‏

والملحوظ في هذه المعركة أن التحالف الإخواني-السلفي يلعب بمهارة ورقة (الفلول), أي رجال عهد المخلوع مبارك.‏

مهارة الإسلاميين تجلت أول مرة في استخدام الفلول كفزاعة لتشتيت صف القوى المدنية.‏

الفزاعة قلصت حجم ناخبي الفريق أحمد شفيق في الدورة الثانية من انتخابات الرئاسة, وباعدت البرادعي وعمرو موسى عن حمدين صباحي, وخرقت صفوف المجلس العسكري, إلى أن تمكن مرسي من إقالة المشير طنطاوي والفريق عنان, ومضى إلى أن تمكن من إحالة النائب العام عبد المجيد محمود إلى التقاعد, بعد الخيبة أمام الدستور في عزله.‏

ولم يتردد مرسي, في مجابهة ملايين الغاضبين الذين هاجموا مقار حزب الإخوان في القاهرة والمحافظات, في أن يستخدم ورقة (الفلول) مجددا, لاتهام القوى المدنية المعترضة على أسلمة مصر؛ بأنها (فلول) العهد السابق.‏

هل ينجح هذه المرة؟ وهل يتمكن من توظيف الإطلاقية عند خالد مشعل, المتضمنة في إعلانه أن (مصر ستنهي العربدة الإسرائيلية), لبلوغ مرضاة واشنطن في حصار محكم على غزة, يحول دون أن تتسلم المقاومة أي سلاح ايراني؟‏

يتوقف على فوز مرسي في المعركة مع القضاء, أيّ حصار ينتظر غزة بـ (تهدئة) صممتها واشنطن.‏

Siwan.ali@gmail.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية