|
بيئة
هذا ما أكده للثورة في اتصال هاتفي السيد محمد الحلبي الذي أكد أهمية تدخل الصحافة لإنقاذ دمشق القديمة وللحفاظ عليها بيئياً كونها تراثاً عالمياً وأقدم مدينة في العالم لا تزال مأهولة بالسكان. وأضاف الحلبي أن تحرك محافظة دمشق ومديرية المرور والمدارس بطيء جداً لحل مشكلاتهم التي باتت معروفة نتيجة طبيعة الاسواق التقليدية القديمة المغطاة التي تفتقر الى التهوية وتنفث فيه السيارات غازات سامة ولا سيما باصات المدارس المهترئة والتي تعرقل المرور ما يؤدي الى خنق هواء السوق وبالتالي استمرار الامراض الصحية والنفسية للسكان ولأصحاب المحال. وقال: ان المشكلة ستتفاقم مع مرور الزمن وتهدد المباني الاثرية نتيجة الاهتزازات جراء حركة السيارات الكثيفة عدا عن تخريب الاحجار المبني منها تلك المباني نتيجة انبعاث غاز الكربون الذي يؤدي الى تآكل الحجر وتفتته لأنه كلسي. يوم القيامة! وقامت صحيفة الثورة بجولة في احياء دمشق القديمة اعتباراً من سوق مدحت باشا الذي شعرنا من خلال حركته الجنونية ان يوم القيامة قد جاء, خصوصاً ونحن في مطلع شهر رمضان الفضيل.. انه سوق غير عادي ابداً ويكاد ينفرد عالمياً بصخبه وضيقه وتلاحم الناس المارين فيه والبائعين والسياح والمتسوقين وسكانه من جهة, وفوضى سيارات السوزوكي الصغيرة المحملة بالبضائع من والى السوق والدخان الذي يتصاعد منها والسيارات الخاصة والتكسي والدراجات وعربات النقل اليدوي من جهة ثانية, وكل ذلك يدل على الفوضى المستمرة التي تنعكس مرضاً صحياً ونفسياً على كل من حظه سيء كأن يكون حرفياً او عاملاً في احدى محال السوق او ان يكون احد سكانه او مجاوراً له. وهذ الحركة والمشاهد لسوق مدحت باشا وهو من أقدم أسواق دمشق, باتت منظراً مرعباً في سوق ضيق مسقوف لا يستطيع الإنسان فيه إلا أن يتنفس مرغماً روائح البنزين والمازوت ممزوجة بروائح التوابل والبن والعطور ولا خيار في أحيان كثيرة إلا في سلوك هذا الطريق الضيق لأنه المحور الرئيسي الذي يربط شرق المدينة بغربها بدءاً من باب الجابي وانتهاءاً بباب شرقي . وطبيعي أن يكون طريق السوق ضيقا لأنه عندما أشيد قبل أكثر من مئة سنة لم يكن هناك سيارات وكانت وسائل النقل الدواب والحنتور وكان عدد الناس قليلاً, لكن غير الطبيعي ألا نجد وسائل نقل بديلة وناجعة تجعله آمنا ويحقق الغاية منه عبر تنظيم حركة السير وتقليل كثافتها الى أدنى حد ممكن وإيجاد بديل حضاري .. باصات المدارس .. وما يزيد الطين بلة هو وقوف السيارات على جانبي الطريق وإذا كانت بعض السيارات مدعومة او تعرف الثمن لوقوفها فإن اللافت للنظر أن بعض السيارات استغلت اللصاقة التي رخصتها محافظة دمشق وكتب عليها (يسمح لها بالتوقف والمرور في المدينة القديمة ) لكن صاحبها لا يريد أن يعرف أنها تشترط عدم عرقلة السير..!! ومن جانبهم اصحاب المحال بادروا الى اشغال الرصيف والتعدي على الشارع الضيق بوضع بضائع او دراجات أو ما تيسر لهم بحجة منع السيارات من التوقف امام محالهم, وعندما سألنا أحدهم أليس من حقنا الطريق فلماذا تضعون بضائعكم , اجاب: إنه فقط لرمضان ورمضان كريم يا أستاذ ولحقنا بحبة سكاكر .. غير أن المشكلة الأهم في خنق سوق مدحت باشا هي باصات المدارس الشهيرة التي تتوضع في قلب السوق حيث تتوقف هذه الباصات, وهي النوعيات الكبيرة والقديمة, في السوق لتمنع رؤية المحال وتشل حركة المرور وبعضها تبقى محركاتها تعمل وبالتالي دخانها يصعد لأكثر من عشر دقائق ريثما ينصرف الطلاب . وقال السيد سمير الزيات صاحب محل شرقيات: والله ياأخي مرضنا من رائحة مازوت باصات مدارس اليوسفية والمحسنية وصار معي وجع رأس دائم وأخرج من جيبه الدواء قائلا:لا استطيع أن أعيش بلا دواء . فهل يرضي ذلك أصحاب المدارس وهل سيدفعون لنا الضرر الذي يقصر اعمارنا, وإذا رفعنا دعوى ضدهم بمساعدة جمعيات البيئة فعندها قد يستجيبون..!! وتدخل السيد أحمد برادعي صاحب محل عطورات قائلا: المشكلات الصحية لم يسلم منها احد في السوق نتيجة السخام والشحار الاسود الذي يلوث وجوهنا وأجسامنا ويخرب جهازنا التنفسي وكلنا نشكي من البلعوم والأمراض الصدرية والتنفسية والضجيج الذي يجعلنا قلقين . وقال: المشكلة ان الباصات قديمة جدا وتعمل بدون (اشطمانات) وتقف امام محلاتنا وتغلقها لأكثر من ساعة وعندما نطلب منهم على الاقل إطفاء المحرك: يقولون البطارية ضعيفة و (روح اشتكي) . وذكر السيد غيث سعيد صاحب محل تصليح هواتف أن المنطقة سياحية وتحتاج الى اهتمام أكبر والكثير من المارة لاسيما من السياح وكبار السن ينحشرون عنوة على الرصيف الضيق وقد يسقطون على الارض, وهناك أيضا إضافة للخسائر الصحية خسائر اقتصادية نتيجة بطء حركة السير فعداد التكسي يزيد بحدود 40 ليرة نتيجة عرقلة حركة المرور والكثير من السائقين يرفضون اصلا الدخول للسوق رغم وجود الكثير من كبار السن والنساء والمرضى الذين يحتاجون الى التنقل يوميا . وهكذا تبدو مشكلة باصات المدارس مشكلة مستعصية حيث توجد عدة مدارس شهيرة هي المحسنية واليوسفية والآسية والحياة ولها أكثر من ثلاثين باصاً وميكرو لنقل الطلاب الى مختلف احياء دمشق والحل هو نقل مقرات هذه المدارس خارج دمشق القديمة والابقاء فقط على طلاب الاحياء المجاورة فيها وقد اعطيت حسب معلوماتنا مهلة ثلاث سنوات تنتهي هذا العام. وتوجهنا الى السيد محمد نظام مدير ثانوية المحسنية الذي لم ينف المشكلة وقال: بالفعل نحن نشعر بمعاناة الجوار وأصحاب المحلات ونسعى جديا لحل المشكلة منذ عدة سنوات وقد خففنا منها بنسبة 80% حيث أصبحت باصاتنا تتوقف خارج المدينة القديمة في دوار المطار لجميع طلاب الإعدادي والثانوي ومن أصل 18 باصا لم يعد يتوقف أمام المدرسة سوى بضعة ميكروباصات مخصصة للطلاب الصغار فقط من الصف الأول وحتى الرابع. وأما الحل الدائم فهو إيجاد فروع لمدرستنا ولباقي المدارس خارج المدينة القديمة وتم اختيار أراض على طريق السيدة زينب وطريق المطار وجرمانا. حارة أيمن رضا وفي محطة ثانية من جولتنا في حي مأذنة الشحم زرنا بالصدفة حارة الفنان أيمن رضا حيث التقيناه مع مجموعة من شبان الحارة المؤدية إلى بيت نظام ولاحظنا المبادرة الرائعة بتنظيف الشارع ووضع أحواض الزهور على جانبيه وتجميل أحد المحلات بالاستفادة من البيئة المحلية من أشجار وأحجار إضافة إلى دهان الساحة الصغيرة في مدخل الشارع التي تطل على دورة مياه عامة وبناء لخزان كهرباء. وقال الفنان أيمن رضا: نريد أن يتعاون أهل شارع بيت نظام ليكون شارعنا بيئيا نموذجيا يشجع سكان دمشق القديمة على تحسين ظروف حياتهم ونأمل من محافظة دمشق ومديرية الكهرباء أن يتعاونوا معنا لاستكمال الشارع بزرع الأشجار والورود والنظافة. ونأمل من مديرية بيئة دمشق تشجيع هذه المبادرة خصوصا وأنها قد طرحت منذ أكثر من عام فكرة شارع بيئي في المدينة القديمة وهي حارة الزيتون من خلال تحسين البنية التحتية له من شبكات كهرباء وماء وصرف صحي وإعادة رصفه باللبون عوضا عن الاسفلت وتحسين واجهات البيوت والمحلات التجارية وتجميلها بأحواض الورد, فهل تطبق هذه الدراسة أيضا على حارة الفنان أيمن رضا.. وليتم تعميمها تدريجيا على باقي الحارات والساحات والمهم أن نبدأ.. طوفان القيمرية.. ومحطتنا الأخيرة كانت في حي القيمرية- حارة الشهبندر والتقينا عدداً من المواطنين ومنهم حسان صقال ويعمل حدادة, وعماد ابراهيم وهو موظف وجميعهم أكدوا أن المشكلة الأهم هي الصرف الصحي الذي يفيض بين فترة وأخرى ويحول حياتهم إلى جحيم. وقد فوجئنا عندما اصطحبونا إلى حارة مجاورة حيث شاهدنا مدخنة ضخمة لأحد المطاعم وهي تغلق الحارة تماما وتصدر صوتاً هادراً ورائحة مزعجة ومنظراً غير لائق واستغربنا هذا السكوت عنه رغم الشكاوى المتكررة. وقالوا: نحن لسنا ضد المطاعم لأنها ساهمت في بث الحياة في المدينة وانتعاشها لكننا مع ضرورة ضبطها بالآداب العامة وحماية البيئة لا سيما في رمي مخلفاتها على الصرف الصحي الذي لم يعد يحتمل خصوصا ونحن مقبلون على فصل Al-baridi@mail.sy ">الشتاء. Al-baridi@mail.sy |
|