تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


في برنامج (د.فيل)..تقديم حلول..أم تحوير وقائع!?

فضائيات
الأحد 9 / 3 / 2008
لميس علي

ليس خافياً على أحد محاولة الولايات المتحدة الاميركية غزو العالم سينمائياً.رغبةً منها بأن يسود النموذج الاميركي .

ولأجل هذا تعمل على إظهار نموذجها ذاك بهيئة البطل المخلّص,الرجل الخير المحب للسلام ,ودائماً هو من يقف في وجه الأشرار أعداء الإنسانية..لدرجة تكاد هذه الحيلة السينمائية تنطلي على الكبار الراشدين منا قبل الصغار,لا لسبب إلا لأنهم يتقنون إخراجها بالشكل الأمثل والأكثر جذباً ..‏

ولكن..هل يشذ الإعلام الاميركي عن هذا النسق?!‏

بمعنى ..هل يهدف ذاك الإعلام اظهار الحقيقة فقط,حتى لو كانت ضد المصلحة الاميركية (كما يدّعون),أم إنه يسعى هو الآخر لإعطاء صورة حسنة,مشذبة ومبهرة عن اميركا?!‏

ضمن هذا السياق لربما لفت الانتباه برنامج(د.فيل-mbc4)وهو برنامج يُعنى بالدرجة الأولى بالشؤون الأسرية المجتمعية.‏

ويجيد الدكتور فيل ميغرو طريقة استعراض المشكلة (موضوع الحلقة) عن طريقة استضافة كل الأطراف المعنية,وأناس اختصاصيين وصولا,ً قدر المستطاع,للحل الأمثل.‏

في إحدى الحلقات تعرض د.فيل لقضية كثيراً ما ,يتم التعتيم عليها في وسائل الإعلام الاميركية الموجهة إلى الخارج,هي قضية التمييز العنصري الذي تدَّعي اميركا أنها تخلصت منه.تتلخص المشكلة(كما قدمها د.فيل) والتي حدثت ببلدة (جينا) في ولاية لويزيانا, بأن فتية بيضاً علقوا على شجرة أنشوطة (مشنقة) منعاً لزملائهم السود من الجلوس تحتها..فكان أن اعتدى بعض السود على أحد البيض (جاستن ) وضربوه ضرباً مبرحاً افقده الوعي.‏

بسبب أن تعليق الأنشوطة يحمل الكثير من معاني الإهانة والإذلال,ولأن جاستن ذاك شتمهم بألفاظ عنصرية نابية.‏

ادعى أهل المعتدى عليه ضد الفتية السود,ووجهت لهم تهمة الشروع بالقتل..إذ ذاك تشعبت القضية وتظاهر (50) ألف أسود يطالبون بإخراج أحد الفتية السود الذي بقي محتجزاً في سجن للبالغين,بينما خرج الآخرون بكفالة.‏

وانقسم سكان(جينا) بشكل ظاهر إلى سود وبيض وعلانيةً,ذلك أنه في الوقت الذي يؤكد البيض أن بلدتهم تتمتع بإنصافها للسود,وأن المعاملة واحدة بين العرقين,ولا ازدواجية في المعايير,يرى السود أنهم لايتمتعون بنفس حقوق البيض.‏

في استوديو (د.فيل) الذي يستضيف فيه جميع الأطراف,ركزت أسئلته على اظهار الجانب الخفي الجيد لدى كلا الطرفين تجاه الطرف الآخر.‏

كأن يسأل القس الأسود الذي حضر بصفته أحد سكان (جينا) السود,يسأله:هل توافق على أسلوب الاعتداء الذي تعرض له (جاستن),ليجيب القس:إنه لا يوجد سبب يستدعي استخدام العنف,ولكنه يرغب في معرفة الأسباب التي دفعت أولئك السود لاستخدام العنف,مشيراً ومؤكداً أن هناك معاملة سيئة يتعرض لها جميع السود في بلدة (جينا)..‏

إلى هنا تبدو طريقة عرض (فيل) للمشكلة مثالية في غالبيتها,ولكنه حينما يستضيف شخصاً أبيض (ريتشارد باريت)معروفاً بعنصريته,أقحم نفسه بالمشكلة وغرر بآل باركر على أنه محامٍ,ليأخذ منهم تفاصيل القضية ويقوم بعرضها على موقع عنصري على شبكة الانترنيت بطريقة تظهر آل باركر بصورة عنصرية بشعة,ما أثار حفيظتهم,وجعلهم ينكرون معرفتهم هوية هذا الرجل (باريت) الذي تبجح: يكفي السود نعيماً أنهم يحييون في الولايات المتحدة وغيرها من أقوال تنم عن حقد أعمى للسود.‏

عند هذا القول يرفع (د.فيل) صوته مخاطباً السيد باريت ومؤكداً:(إن اميركا لا تقف وراءك سيد باريت),وعند هذه النقطة بالذات يمكننا كشف ما تشتمل عليه هكذا برامج من ازدواجية في الرسالة الإعلامية,الرسالة (الهدف) الذي تسعى وراءه.‏

فلو كانت اميركا (كما قال فيل) لا تقف وراء ذاك الرجل العنصري..إذاً لماذا لم يحاكم ذاك الفتى الأسود في محكمة للأحداث وهو ابن السادسة عشرة..ولماذا منع من سداد كفالته التي تمكنه الخروج من السجن بدلاً من بقائه محتجزاً في سجن للبالغين..‏

بقول (د.فيل) تلك العبارة الاستعراضية بدا وكأنه أحد أبطال السينما الاميركية يسعى إلى لم الماء الذي سُفح أرضاً قبل أن يستمر في الانتشار,إذ لا فائدة من محاولة تحسين صورة اميركا العنصرية هي محاولة بائسة وفاشلة, تبتغي تجميل هيئة الإعلام الاميركي,والأفضل للدكتور فيل أن يبقى ضمن دائرة برامجه الاجتماعية المبهرجة وفقط.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية