|
مجتمع أولاً لو أن عاملات الخياطة في نيويورك اللواتي أضربن عام 1957 واللواتي طالبن بخفض ساعات العمل من أربع عشرة إلى عشر ساعات, لم يضربن? ولو أن نساء مؤتمر كوبنهاغن اللواتي تبنين اقتراح النائبة الاشتراكية في البرلمان الألماني كلارا زايتكين عام 1910 والمولودة عام إضراب نيويورك باعتبار الثامن من آذار يوماً عالميا للمرأة, لم يتبنين هذا الاقتراح? ولو أن الاتحاد النسائي الديمقراطي العالمي والاتحاد السوفييتي ومنظمات النساء في العديد من دول العالم لم يقبلن بهذا اليوم? فما هو اليوم الذي كنا سنتفق عليه نحن النساء? ثانياً: ما هو الهدف من هذا السؤال? والجواب هو : بما أن النساء العربيات يحتفلن مع شعوبهن بيوم الأم فإن هذا اعتراف علني وضمني بأن المرأة التي تستحق الاحتفال هي الأم فقط!! وهذا أيضاً نسيان أو تناس للمرأة التي لم تنجب ولم تمنح نعمة الأمومة, ويقتصر الاحتفال بيوم المرأة في بلداننا العربية على كتابات متفرقة وإشارات في معرض الحديث بأن المرأة تستحق الأفضل أو أفضل مما حصلت عليه, مع الإشارة إلى أن التقارير المحلية والدولية تحفل بعبارات حصلّت المرأة وحصلت ويبدؤون بتعداد ما حصلت عليه من حق الانتخاب وصولاً لحق العمل مروراً بحق الترشيح والانتخاب ويذكروننا ببعض بنود اتفاقية حقوق المرأة وبالتحديد القسم الخاص بحقوق الفتاة (لها الحق في الحياة, وفي الطعام والتعلم والصحة) وكأن الحديث عن مخلوق من قارة لم يتم التعرف عليها بعد, وكي لا أكون متجنية ربما يشار هنا ضمناً لبعض البلدان التي ترى في المرأة من حيث الأهمية دون بعض مستلزمات الحياة فهي التي تستقبل بالإجهاض أو البيع أو الوأد. ثالثاً: ما الذي يعنيه يوم المرأة العالمي للنساء السوريات? قطعاً في سورية الأمور أفضل بالنسبة لحقوق المرأة من كثير من الدول التي تصنف بالمتقدمة, فالمرأة شريك في بعض المجتمعات ويحسب لها حساب ,وهي شريك في بعضها بجهدها دون أن يحسب لهذا الجهد أو لإنتاجها ورأيها أي حساب, فالقوانين السورية والتشريعات , واضحة الرجل والمرأة متساويان كما أنها حظيت باهتمام القيادة السياسية وساندتها آراء الرجال المتنورين في مواقع كثيرة, لكن ما الذي حققته المرأة خارج هذه الخطابات والتجمعات النسائية أو المشتركة أحياناً غير يجب ونريد أن يحصل كذا ونحن وصلنا لكذا وكذا). قطعاً ما أريد الوصول إليه لا يصب في خانة التشكيك بقدراتها أو التشكيك بمشروعية ونبل طموحاتها لكنه سؤال طالما سمعته: ما الذي حققته المرأة بإرادة منفردة,يضيف أو يتجاوز القرار الذي أعطاها تلك الحقوق بمعنى أنها أعطيت كي تقوم بمعالجة ومتابعة قضاياها وأن تضيف إلى النجاحات التي تحققت لا أن تقف مكانها وتتغنى بما حصلت عليه, قد أشار السيد الرئيس بشار الأسد لذلك من باب التحفيز لأن تتعزز مشاركة المرأة بقوله يجب أن تكون مشاركتها بشكل حقيقي لا وهمي. ترى ما أسباب وقوف المرأة عند ما منح لها من القيادة السياسية? قد يكون لذلك أسباب متعددة أهمها, لقد وصل الحال ببعضهن من تضخم الأنا إلى حد الانتفاخ بأعذار متعددة منها أنهن الرائدات وأنهن النخبة. والبعض الآخر رفض العمل في مجتمع النساء, مفضلات العمل بين الرجال لأن الفرص المتاحة أكبر بدعوى أن المرأة هي عدوة المرأة, قد تكون هذه المقولة صحيحة نسبياً لما يلي: - لدى البعض عقدة الاضطهاد التي حكمت المرأة في العصور الماضية أي أن من تصل إلى موقع صنع قرار وهذا ليس تعميماً لا تريد أن تحسب على الفريق الأضعف, أي أنها متميزة ومختلفة في الإمكانات, لذلك هي تتحلى بصفات الجانب الأقوى فتنحاز لمجتمع الرجال, وبهذا تكون قد أخذت موقعاً للنساء, ولا تنحاز لهن إلا في الورقيات والخطابات, وبالتالي لن تضحي بموقف يأخذ معه ما وصلت إليه من مكاسب شخصية. وأمر آخر قد يكون صحيحاً: في ظل النسب التي تحكم تواجد المرأة في مواقع صنع القرار المتعددة فإنها مضطرة لأن تحسب أن الأخرى التي تظهر قد تكون بديلتها, لذلك لا بد من إبعادها والتعتيم على إمكانياتها أو تضخيم مهنة الأمومة لديها وربة المنزل لأنها الأسمى والأنبل من كل المهن, طبعاً هذا لم يكن وارداً في العقود الماضية, لأن عدد النساء اللواتي كن يتدخلن في الشأن العام كان محدوداً, الآن لم تعد المرأة كذلك فالأعداد كثيرة والطموحات كبيرة والعدد ما زال حسب نسبة محدودة كمجلس الشعب مثلاً. بمناسبة اليوم العالمي للمرأة لا بد من التذكير أننا يجب أن نعتمد الأسلوب العلمي منهجاً بدلاً من التنظير الإنشائي ولتدعم الرائدات أجيالاً شابة بدلاً من تغييب القدرات النسائية والتشكيك بإمكانياتهن, ولتكن المنافسة الإيجابية البديل لرصد السلبيات لبعضنا البعض, أو التدافع غير المنظم لنيل المواقع المخصصة للمرأة. يوم المرأة العالمي مجرد ذكرى لنساء تفصلنا عنهن قرون من السنين ,لكننا ما زلنا نعيش ظروف التعب وتعدد المهام والإرهاق بحجة قديمة متجددة يصفنا بها الرجال لقد اختارت المرأة العمل الخارجي إلى جانب دورها الأمومي والأسروي وتحية لكل النساء في عيد المرأة العالمي. |
|