|
شؤون ثقا فية إذا ما علمنا أن عدد المشتغلين في هذا النوع من الفكر والفن والأدب قلّة تحكمهم جملة من العوامل والظروف المادية والتقنية, في حين أن عدد المتلقين لهذا النوع من الكتب هم كثر, إضافة الى الروتين والصعوبات التي تواجهها المديرية كغيرها من المديريات مع الهيئة العامة للكتاب. حول مجمل هذه الظروف وغيرها التقت الثورة الدكتور /علي القيم / معاون وزير الثقافة مدير مديرية إحياء التراث الشعبي ليحدثنا عن ذلك. * بدأت المديرية بإحياء التراث الشعبي بجهود فردية ما الذي تحقق حتى الآن? ** هذه الجهود ليست فردية وإنما هي ضمن خطة وزارة الثقافة منذ الستينيات وحتى وقتنا الراهن, فنشر كتب التراث وتحقيقها والتعريف بها بالنسبة للجيل الجديد وحتى القديم مهمة اساسية من أساسيات العمل في الوزارة التي احدثت عام 1959 زمن الوحدة بين سورية ومصر ومما لا شك فيه ان العمل في التراث العربي وكنوزه التي غيبها الزمن في غفلة منه, ونحن نعيد إليها الألق والحيوية لتكون بمثابة الشاهد الحي على حضارة العرب وعلى تطورهم الرائع في زمن الازدهار والحضارة والتطور والرقي العربي . فهذه المخطوطات موزعة في أماكن ومكتبات شتى من العالم , والمهمة كانت صعبة في البداية لأن المعنيين بتحقيق ودراسة كتب التراث العربي قلّة, ليس في سورية فقط وإنما في شتى أرجاء الوطن العربي . بدأت المديرية بجمع صور عن هذه المخطوطات وعن طريق المايكروفيلم أو عن طريق النسخ والتصوير أو عن طريق التبادل بيننا وبين بعض المكتبات المعروفة في العالم , كما ان الكثيرين من الغيورين على التراث ممن لديهم مخطوطات في مكتباتهم الخاصة قدموها بكل محبة وتقدير . وهكذا بدأت المسيرة حيث اننا قمنا بطباعة وتحقيق مئات المخطوطات الى الآن ومجمل الكتب التي نشرت عنها شبه مفقودة نظراً للمحتوى الجيد الذي تضمنته وللسعر المتواضع الذي تقدمه الوزارة للقارئ العربي وقمنا باصدار سلسلة للقارئ العادي غير المتخصص والهدف منها تقديم لمحة عن أهم الكتب التراثية باختصار مع الاشارة الى اسم مؤلفها جاءت بعنوان ( المختار من التراث العربي ) واصدرنا عنها ما يزيد عن (150) عنواناً. وبالتالي نرى ان مهمة إحياء التراث العربي ونشره مهمة جليلة وتلاقي اقبالاً في سورية والوطن العربي فأكثر ما يعرض في أجنحة معارض الكتاب في أي بلد هو كتب التراث, وهذا يحملنا مسؤولية أكبر وبذل جهود لتكون السلسلة المقدمة على مستوى الطموح ومستوى الكنوز الموجودة في هذه المخطوطات . * ما هي الصعوبات التي تواجهكم عند إعادة طباعة وتحقيق المخطوطات ? ** الصعوبة الأولى التي نعانيها كما اسلفت هي قلة عدد العاملين في قراءة ودراسة هذه المخطوطات نظراً لطبيعة خطوطها واوراقها المهترئة وضعف الاجور التي تدفع للمحققين, فهذه الاجور البخسة والتي رفضت وزارة المالية تعديلها ورفعها تقف عائقا امام تشجيع الباحثين فنحن ندفع 1050 ل.س على الملزمة بينما يدفع القطاع الخاص 5000 ل.س على الملزمة وبالتالي نجد أن اغلب الباحثين يفضلون العمل مع القطاع الخاص. والصعوبة الثانية التي نعانيها هو عدم قدرتنا على دفع المكافآت بالعملة الصعبة ما يجعل المحققين العرب يحجمون عن التعامل مع المديرية والصعوبة الثالثة تكمن في كون توزيع كتاب وزارة الثقافة خارج سورية ما زال محدودا ويكون فقط عبر المشاركة في المعارض العربية المقامة في معظم العواصم , وهذا يحدّ من انتشار كتابنا وتوزيعه. * ما هي الشروط الواجب توفرها في المحقق او الباحث (المعد للمخطوط) ? ** يجب ان يكون اختصاصياً في مجال عمله بالدرجة الأولى ومشهود له بالدقة والنزاهة العلمية والمعرفة بكنوز التراث العربي ومخطوطاته وان يكون ملماً إلماماً جيدا باللغة العربية وخطوطها والتاريخ الفكري والمعرفي المرتبط بتاريخها وان يكون له تجربة مقنعة في مجال عمله سواء بالقراءة والتمحيص أو بنشر المخطوطات, ولذلك نعاني من قلة نادرة من الكتاب والباحثين الذين يتعاملون مع هذا النوع من الادب والفكر والمعرفة. * مخطوطاتنا داخل القطر هل تجد من يهتم بها ويتابعها ? ** نعم بكل تأكيد تجد من يهتم بها بدليل ان كتب التراث العربي في معرض مكتبة الأسد حقق ويحقق أعلى نسبة مبيعات وهذه النسبة أيضا يحققها في المعارض العربية والمشاركات الدولية فهنالك من يترصده ويرسله الى كبريات مكتبات العالم, وتأتينا كتب شكر من هذه المؤسسات والجامعات العالمية , ولو كانت قدرة مطبعة الوزارة على تنفيذ اعمالنا أكثر مما هو في وقتنا الراهن لكان حجم الطلب والانتاج ضعف ما هو عليه , ولكن الامكانيات البشرية والتقنية تحد كثيراً من مقدراتنا على تحقيق طموحنا ونأمل ان نتجاوز هذا الواقع مع انتشار نمط وجود المطبعة الحديثة ودخول تقنيات جديدة تساعد على اختصار الزمن مع دقة في الانتاج. * كيف تعمل مديرية احياء التراث بعد تأسيس الهيئة العامة للكتاب هل تجدون صعوبات...? ** مديرية احياء التراث وفق النظام الداخلي للهيئة العامة للكتاب هي مديرية من المديريات التابعة لها, واقولها بصراحة لقد ناضلنا وعملنا كثيرا منذ سنوات لتكون هذه الهيئة على غرار الهيئة العامة المصرية للكتاب ومما لا شك فيه ان صدور مرسوم احداثها من سنتين نقلة نوعية وعملية من أجل تطوير صناعة الكتاب ونشره وتوزيعه في سورية وبكل أسف حتى الآن لم تحقق هذه الهيئة شيئاً, فالروتين قضى على كثير من الطموحات كما أن آلية العمل المقيتة حدت من آفاق التطوير والتحديث وصرنا نترحم على الايام التي كانت هنالك مديرية المطبوعات والنشر ومديرية إحياء التراث ومديرية التأليف والترجمة وإدارة المطبعة, فقد كانت هذه المديريات منفصلة لها من الحرية في العمل ما جعلها تقدم في الماضي للقارئ أكثر بكثير مما تقدمه الآن الهيئة العامة السورية للكتاب , وسبب ذلك باعتقادي يعود الى ان النظام الداخلي لم يقدم دراسة كافية, فقد أخذناه عن النظام الداخلي للهيئة المصرية للكتاب وتذر عنا كثيراً في اصداره فوقعنا في اشكاليات , والرأي ان نعيد النظر في هذا النظام فتجربة مصر تجربة عريقة ومرت في مراحل عديدة حتى وصلت الى ما وصلت اليه من تطور وازدهار وعملية, في حين تجربتنا مازالت متواضعة وليس العيب فينا نحن وانما العيب ان نستمر بها دون تطوير أو دراسة وفق التجربة الواقعية التي مررنا بها وأنا هنا لا أشتكي من الاشخاص فكلنا الى زوال والمهم ان تغتني التجربة ونستفيد من الاخطاء. وبالنسبة لمديرية التراث فلا توجد أي مشكلات مع الهيئة العامة فقط ان طموحنا اكبر من الواقع المتاح لنا , فأنا اتمنى انجاز خطتنا التي تقضي بطباعة اكثر من 60 عنوانا في العام لكن واقع الهيئة لا يمكن ان يعطيني أكثر من 40 عنوانا . كما أننا مازلنا في نوع من الروتين في عملية التواصل بين الكتاب والقارئ ففي انتاج الكتاب المطبوع مازلنا نعمل في آلية أكل ا لزمان عليها وشرب كما أنه لدينا طموح كما حدث في كثير من الدول العربية ان يكون للكتاب الرقمي دور في القفزات التقنية التي حدثت في عالم الكتاب ورغم ان الامكانيات لا تسمح بذلك إلا أننا قمنا بتجارب في هذا المجال فكنت أول من فكر بطباعة كتاب الكتروني في الوزارة فمنذ ثلاث سنوات أنجزنا كتاب (سورية وعمقها الثقافي) وأتبعته بكتاب آخر عن الشاعر والاديب الراحل محمد الماغوط بعنوان (العاشق المتمرد) وكتاب ثالث (زوربا العربي ) عن الاديب الراحل ممدوح عدوان . * نشرت وزارة الثقافة كتباً تراثية هامة لماذا لا تعاد طباعتها مثل (معجم الكليات) او غيره? ** هذا الموضوع نفذناه في بعض الكتب التراثية التي أصدرتها الوزارة والتي تتعلق بتاريخ اعلام مدينة حلب بمناسبة احتفالية حلب عاصمة للثقافة الاسلامية 2006 وكانت تجربة ناجحة. وهذا الموضوع قيد الدرس رغم أننا نفضل ان نقوم بطباعة مخطوط جديد أفضل من طباعة القديم, ونظام النشر في الوزارة لا يفضل اعادة الطبع لأنها تكرار , وبما ان امكانياتنا متواضعة نسبياً فمجمل مطبوعاتنا /150-200/ كتاب في العام الواحد لذا اذا كنا سنعيد طباعة بعض الكتب فهذا سيكون على حساب الكتب الجديدة, ونحن نسمح للكاتب او الاديب او المحقق اعادة نشر كتابه بعد نفاد الكمية أو مرور خمس سنوات على نشر الكتاب فالفرصة لهذا الكاتب متاحة لأن يتعامل مع القطاع الخاص في اعادة النشر إن رغب بذلك . * هل لدى الوزارة خطة لنشر كتب تراثية مثل الاغاني ? ** كتاب الاغاني وغيره من الكتب المشهورة مثل (العقد الفريد) لابن عبد ربه أو (مروج الذهب) للمسعودي وغيرها موجودة وبكثرة وبطبعات متنوعة وغنية وجميلة لدى دور النشر الخاصة وبالتالي لا نجد حاجة الى اعادة نشر كتاب الاغاني,علماً ان دار طلاس سبق لها ان نشرت مقتطفات منه وبطبعات أنيقة ونحن نهتم بنشر الكتب الجديدة غير المعروفة ونقوم بتحقيقها ووضعها تحت تصرف القارئ المختص والعادي. ففي سلسلة المختار من التراث العربي قمنا بنشر مختصرات عن بعض هذه الكتب ولكن هذا لا يغني عن الامهات من الكتب . |
|