|
قضايا وآراء فالنقاش الذي دار في الآونة الأخيرة سراً وعلناً ابتعد عن الأسس التي قامت من أجلها الجامعة العربية ومعها كانت القمة العربية مؤسسة قائمة بذاتها, لها وظيفتها وغايتها وفق زمان ثابت ومكان محدد والذي اهتز لسنوات ثم أعيد تصويب الاتجاه بإعادة إحياء الاجتماع الدوري لتفعيل مؤسسة القمة ولتقوم بدورها الفاعل والذي يتمحور بشكل أساسي بتقويم الوضع العربي ودراسة كل القضايا التي تعني الأمة والشعب العربي بكل أقطاره وعلى المستويات السياسية والاجتماعية والاقتصادية وما أكثرها هذه الأيام. يأتي انعقاد القمة هذا العام في ظل اشتداد الهجمة والتحديات التي تتعرض لها الأمة والتي تستهدفها هويةً ووجوداً وانتماءً والتي تستدعي الإعداد الواقعي والجيد لاتخاذ قرارات حازمة وحاسمة مع جملة الأزمات المحيطة بالأمة من فلسطين إلى لبنان فالعراق وما حولهم وما بينهم, وما يجري اليوم في غزة من حرب إبادة عنوان لجم الاستهداف الذي يتعرض له العرب في قضيتهم المركزية فلسطين والذي يتطلب تحركاً فاعلاً وذاتياً ينطلق من تضامن عربي حقيقي ليستطيع معه العرب إعادة إحياء دورهم الفاعل والضاغط للحفاظ على حقوقهم ووجودهم ولهم ما لهم من تجارب مع حالات التضامن والتفكك. فيوم تضامن العرب إبان حرب تشرين التحريرية استخدموا هذا التضامن واستطاعوا أن يثبتوا بجدارة وجود هذه الأمة ومصداقية العرب مع قضاياهم, فلقد أقرت الأعراف والحقائق التاريخية أن حماية الحقوق والحفاظ عليها تتطلب استحضار عوامل وأساليب القوة الذاتية ولعل التضامن أحد هذه العوامل الأساسية والتي لا بد من أن تنطلق لتحتضن عامل القوة الأساسي في هذا الزمن الذي تكالبت فيه الأمم على العرب وحقوقهم وقضاياهم ألا وهو نهج وخيار المقاومة الذي أسست له شعلة الكفاح المسلح والذي أثبت جدواه ونجاعته في لبنان وفلسطين والعراق,حيث لم يرق الأمر لسلطة الهيمنة والسيطرة في هذا العالم والمتمثلة بالولايات المتحدة الأميركية فسعت هذه الإدارة في السنوات الأخيرة لإحلال منطق الشرذمة والفرقة بدل التضامن والوحدة بين الأقطار العربية وفق قاعدة (فرق تسد) إسهاماً من هذه الإدارة بتقديم أدوات البقاء والدعم للكيان الصهيوني الغاصب لينمو ويسيطر على حساب زيادة مساحة الخلافات العربية - العربية وارتفاع منسوب الانقسامات العربية أمام القضايا المصيرية. ولعل عدوان تموز 2006 على لبنان المقاوم, الدليل الساطع عن حالة تفكك بعض النظام العربي وتراجعه عن الثوابت والخيارات القومية المصيرية, هذا دون العودة إلى التذكير باحتلال العراق وما رافقه إلى هولوكوست العصر الجديد التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني. فيما بعض الضمير العربي قد أصابه الخلل الأميركي تقاعساً وانهزاماً أو إرضاءً واستجابةً. لهذا كله نرى أن القمة العربية وعلى الرغم من محاولات القريب والبعيد استهدافها ستكون عنواناً لمرحلة جديدة في زمانها ومكانها لأنها تأتي في الزمن العربي الصعب الذي يتطلب نقاشاً واضحاً وشفافاً بعيداً عن بعض المصطلحات إرضاء لأميركي أو غربي أو هدية لزيارة رايس الاستباقية أو غيرها أو كي لا يقهر شعور صهيوني أينما كان, وما يطمئن إليه العرب شعوباً لاحكاماً هو مكان الانعقاد, فدمشق اليوم هي ما تبقى لدى أبناء هذه الأمة من أمل لإعادة الدم إلى الشرايين القومية لتنبض بنبضهم وتعبر عن تطلعاتهم لتعود الأمة ولتلعب دورها بين الأمم بعيداً عن التبعية والإلحاق, فتاريخ الأمة حافل بالمحطات المضيئة, كانت دمشق دائماً وأبداً النبراس المنير الذي أنار الدرب في زمن الظلمات, وهذا عهدها وهذا دأبها منذ الزمن الأول حتى اللحظة ولهذا يعرف الأوفياء والمناضلون والعروبيون لماذا تستهدف سورية اليوم, لأنها كانت مع المقاومة المناضلة في لبنان وفلسطين والعراق ومع كل قضايا الأمة على مساحة الوطن العربي الاستهداف الدائم. من هنا تأتي أهمية القمة اليوم والكل يعوّل على هذا الدور التاريخي لسورية قيادة وحكومة وشعباً لتكون القمة على مستوى التحديات لإعادة تصويب الأمور وإعادة الدور الفاعل والمؤثر والضاغط لإثبات الحق ووضع حد لكل الطامعين بهذه الأمة ومقدراتها والذي لا بد من مواجهته بقرار حاسم ركيزته وحدة العرب في موقفهم وتوجهاتهم, هذا ما ينتظره الشعب العربي, اللهم إلا إذا استكان البعض أو تخاذل وتراجع أمام بعض النصائح أو الإرشادات التي لا تعرف إلا المصلحة الصهيونية بعيداً عن أي مصلحة عربية قومية أو قطرية. يبقى أن سورية اليوم وغداً وبعده ستقول علناً اللهم إنني قد بلغت فليتحمل الجميع مسؤولياتهم التاريخية أمام شعوبهم والتاريخ. |
|