تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


المصارف الإسلامية في موازاة التقليدية.. هل تنجح في إعادة توزيع كعكة السوق المصرفية?

اقتصاد
الأحد 11/3/2007
أحمد العمار

إذا كان القانون رقم 28 لعام 2001 قد سمح بالترخيص لمصارف خاصة في سورية,فإن المرسوم التشريعي رقم (35) لعام 2005م أجاز

إحداث مصارف إسلامية شريطة أن تمارس أعمالها وفق أحكام الشريعة الإسلامية, بمعنى عدم أخذ أو إعطاء الفائدة...‏

وقد شهدت السوق المصرفية في سورية تجربتين لمصارف إسلامية, إذ انهى بنك الشام الإسلامي طرح أسهمه للاكتتاب العام بنتائج لم تكن متوقعة, وقبل أيام أيضاً أنهى بنك سورية الدولي الإسلامي الاكتتاب على أسهمه بنسبة تغطية عالية أيضاَ, ما يعكس حجم الطلب على هذا النوع من المصرفية في السوق السورية, فماهي المصارف الاسلامية وما آلية عملها, وربما تختلف عن البنوك التقليدية..? (الثورة) استطلعت بعض الآراء حولها, وإلى التفاصيل:‏

أثبت جدواها..‏

يرى رئيس مجلس إدارة بنك قطر الدولي الإسلامي وأحد مؤسسي بنك سورية الدولي الإسلامي عبد الباسط الشيبي أن البنوك الإسلامية أثبتت خلال أكثر من 30 سنة, أي منذ أن افتتح أول بنك إسلامي في العالم وهو بنك دبي (الإسلامي عام 1976 م), أنها بنوك ذات جدوى بدليل أنها استطاعت خلال هذه الفترة أن تصل بعدد مؤسساتها إلى أكثر من 250 مؤسسة مالية لديها أصول وموجودات بقيمة 300 مليار حول العالم... وبالتالي فإنه من غير المعقول القول بأنها بنوك غير مجدية في الوقت الذي تشهد في هذا الإقبال.‏

ويتابع الشيبي أن من أهم مؤشرات نجاحها أن البنوك التقليدية اضطرت في كثير من الأحيان لفتح منافذ إسلامية في تعاملاتها وخدماتها بسبب ضغط المنافسة الذي تشكله البنوك الإسلامية عليها, كما أن العديد من البورصات وأسواق المال الغربية لديها صناديق استثمار ومحافظ إسلامية, كما هو الحال في داو جونز وغيره...‏

يلتقيان في الربح فقط...‏

ويشير رئيس الهيئة الشرعية لبنك الشام الإسلامي الدكتور وهبة الزحيلي إلى أن البنوك الإسلامية تختلف عن التقليدية في أمرين: الأول تجنب القروض بفائدة (القروض الربوية), والثاني التزام بيوع الحلال واجتناب المكاسب المحرقة, والتي لا تتفق ومبادىء الشريعة الإسلامية في حين تلتقي التقليدية والإسلامية بغايات الربح وتحقيق العوائد.‏

ويضيف الزحيلي بأن البنوك التقليدية هي بنوك نشأت في الأصل اعتماداً على سياسة الاقتراض, بحيث تكون وسيطاً بين المقرض والمقترض, وبالتالي فهي تعطي نقداً بنقد, والشرع لا يسمح ببيع النقد, بل ببيع السلع مقابل النقد عبر 27 عقداً تعمل من خلالها المصرفية الإسلامية وتحقق للمستثمر كسباً حلالاً.‏

نقترض ولكن بلا فوائد..‏

ويقر الشيبي بإن البنوك الإسلامية قد تضطر للتعامل مع البنوك العالمية, ولكنها لا تعطي ولا تأخذ الفائدة على تعاملاتها معها, وقد اعتادت هذه البنوك على التعامل بهذه الطريقة.. كما أن البنوك الإسلامية تقوم باستغلال ما لديها من سيولة فائضة لتبيع وتشتري به المعادن الثمينة في الأسواق الدولية. ويعتبر الشيبي أن تدوير البنوك الإسلامية لأموالها وتوزيع الأرباح مرتبط بقرار الجمعية العمومية للبنك, ولكن جرت العادة أن يتم اقتطاع نسبة من صافي الأرباح للاحتياط القانوني, ونسبة أخرى توزع على المساهمين , ونسبة ترحل كأرباح مدورة أو مرحلة, علماً أن هذه البنوك, مثلها مثل البنوك التقليدية, تحاول دائماً رفع رأسمالها عبر الاحتفاظ بجزء من الأرباح.‏

سوق متعطشة‏

ويبرر نائب رئيس مجلس إدارة بنك الشام الإسلامي الدكتور فيصل الخطيب إقبال الناس في سورية على المصارف الإسلامية إلى تعطش الناس إلى القنوات الاستثمارية التي تحقق عوائد استثمارية جيدة. دون أن تتعارض مع معتقدات الشريحة الكبيرة من الناس.‏

وتوقع الخطيب أن تلعب البنوك الإسلامية دور المحرض والحاضن لمدخرات المواطنين, والتي ظلت لسنوات طوال غير مستغلة, وبالتالي حرم الاقتصاد السوري من استثمارات كبيرة, بل إن هذه المدخرات كثيراً ما ضاعت من خلال جامعي الأموال, أو أن قسماً كبيراً منها استهلكته الزكاة أو الضرائب.‏

تنمو بنمو الاقتصاديات الإسلامية‏

ويعتقد الباحث في المصرفية الإسلامية الكويتي عصام العنزي أن نمو المصارف الإسلامية حول العالم يرتبط ارتباطاً وثيقاً بنمو الاقتصاديات الاسلامية ويمكننا القول إن البنوك الإسلامية ألقت حجراً في ماء بعض الاقتصاديات الإسلامية, إذا إن دولاً إسلامية عديدة أخذت تزدهر نتيجة دخول هذا النوع من المصارف إلى أسواقها وضخ المزيد من الاستثمارت كالباكستان, وماليزيا وتركيا وغيرها... ويرى العنزي بأن البنوك الإسلامية لعبت دوراً استثمارياً تحريضياً جذب العديد من الشركات والمجتمعات الاستثمارية الغربية لتعمل في مجال المصرفية الإسلامية , ولا أدل على ذلك من أن مجموعة (سيتي جروب) العالمية, والتي تدير محافظ استثمارية بقيمة 1,200 تريليون تنوي الآن إدارة بنك إسلامي.‏

ليست تجربة بل نطاقاً متكاملاً..‏

ويقول الباحث المصرفي عبد الستار أبو غدة إن المصرفية الإسلامية ليست تجربة كما تتداول ذلك بعض وسائل الإعلام, لأن التجربة تحتمل الصواب والخطأ, أو أن نتائجه لم تتضح كلياً بعد, وهذا لا ينطبق على المصرفية الإسلامية لأنها جزء من نظام مالي إسلامي استطاع أن يقيم حضارة زاهرة في عصوره المختلفة, فلو كان نظام المال في الإسلام فاشلاً لما تسنى تشييد العمران وقيام المدينة والحضارة.‏

ثقافة جديدة...‏

ويشير المشرف على اكتتاب بنك سورية الدولي الإسلامي الأردني عبد القادر الدويك إلى ثقافة جديدة آخذة بالتشكل في المجتمع السوري, يتم من خلالها تبلور وعي الناس نحو المصرفية الإسلامية بشكل إيجابي, وهذا يجعل السوق المصرفية السورية أكثر جذباً للمستثمرين العرب والأجانب, وبالتالي تحقيقاً لمزيد من الازدهار للاقتصاد السوري, خصوصاً في ظل ما تبذله الحكومة السورية لتشجيع وجذب المزيد من الاستثمارات.‏

بعض الأدوات الاستثمارية‏

في المصرفية الإسلامية‏

عقد المشاركة : يقصد به أي عقد ينشأ بين اثنين فأكثر في رأس مال وعمل (إدارة) بغرض تحقيق الربحية, وهو ما يعرف عند الفقهاء بشركة الأموال.‏

المرابحة المصرفية : عبارة عن توسط البنك لشراء سلعة بناء على طلب عميله, ثم بيعها له بالآجل بثمن يساوي التكلفة الكلية للشراء زائد ربح معلوم متفق عليه بينهما.‏

المضاربة التمويلية : هي شركة في الربح بين البنك وعميل أو أكثر من الأفراد والشخصيات الاعتبارية يكون فيها البنك رب مال وفقاً لقواعد المضاربة المعروفة في الفقه الإسلامي.‏

الإجارة : وتسمى أيضاً (إكراء الأعيان), أي بيع منفعة معلومة مقابل عوض معلوم لمدة محددة.‏

الاستصناع : عقد يشترط به في الحال شيء ما يصنع صنعاً يلتزم البائع بتقديمه مصنوعاً بمواد من عنده بأوصاف معينة لقاء ثمن محدد.‏

السَّلَم : من العقود المسماة في الشريعة الإسلامية, هو بيع مؤجل موصوف في الذمة بثمن يدفع عاجلاً, وهناك السلم المصرفي وهو عبارة عن دخول البنك في عقد سلم بائعاً أو مشترياً لكمية معلومة من سلعة مثيلة إلى أجل معلوم بثمن مدفوع نقداً.‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية