|
فضائيات لقد كتب الكثير عن ظاهرة الفضائيات العربية التي تتاجر بحاجات الناس عبر الشعوذة , و رغم دعوة العديد من الكتاب لمعالجة هذه الظاهرة إلا أن أحداً من أصحاب القرار الإعلامي العربي لم يحرك ساكناً لا بل أن فضائيتي شهرزاد و كنوز كمثال للظاهرة قد انتقلتا للبث على القمر الأوروبي في إشارة إلى ازدهار أعمال أصحابها . و قد يبدو للبعض أن مجرد الدعوة لمعالجة هذه الظاهرة يمثل انتكاسة لمطالب المثقفين الأساسية في توسيع هامش الحرية على الفضائيات و لكن الظن بهذه الدعوة وفقاً لهذا التوجه ينم عن غياب الوعي لواقع الفضائيات العربية فالدعوة مثلاً لإغلاق هاتين الفضائيتين و غيرهما مختلفة تماماً عن قيام السلطات المختصة بإغلاق محطة ذات هامش ديموقراطي و سياسي متسع , فبينما تقوم محطات الشعوذة بنشر ثقافة التخلف الذهني و الاتكالية و تهميش العقل تقوم المحطات المناقضة بنشر الحقائق و تفعيل ثقافة الحوار .. !! و عليه فإن الحديث عن ضرورة إغلاق هذه المحطات لا يمكن له أن يقرن بموضوع الديموقراطية في الفضائيات .. و لعل الدعوة التي يرومها المثقفون و هم يطالبون بقرار حاسم ضد هذه الفضائيات إنما يتوجه صوب إدارة المؤسسات التي تشرف على قطاعات البث في قمري (عرب سات ) و( النيل سات ) فهما المعنيتان بتنظيم شؤون المحطات و طبيعة ما تبثه , فحينما قررت إدارة قمر ( عرب سات ) قبل سنوات أن توقف بث المحطة الفرنسية الخامسة عللت قرارها بأن المواد الإباحية التي مرت و لمدة دقائق في أحد أفلام هذه المحطة جاءت غير مناسبة لطبيعة المتلقين التي يبث لها هذا القمر . إن إدارات هذه المؤسسات تملك و بموجب الأجندة الأخلاقية التي تنظم عملها حق إيقاف بث محطة من المحطات ,فهل أنتبه أصحاب القرار في المؤسسات الثقافية و الاجتماعية و الدينية العربية لخطورة ما تبثه قنوات الشعوذة .. ? ربما يحتاج الأمر حملة من نوع ما تشترك فيها قطاعات ثقافية و إعلامية متعددة كي تجد هذه الدعوات أكلها ولاسيما أن المثقفين العرب قد عجزوا و حتى هذه اللحظة عن الدعوة و البدء بتأسيس فضائية ثقافية تنويرية فإذا كان عجزهم هذا هو عجز عن مقاربة الأحلام فهل يمكن لهم أن يدعوا لشيءٍ هو أشبه بالدفاع عن النفس ..?! |
|