|
البقعة الساخنة كان مرسوماً له أن يرسل دول المنطقة العربية كاملة إلى الفوضى المدمرة وإلى انهيار أجهزة الدولة ومؤسساتها في هذه الدول وخاصة الجيوش الوطنية الراعية للوحدات الوطنية بدليل عمى وسطحية الشعارات المرفوعة في مجرد إسقاط الأنظمة دون بدائل, ودون برامج سياسية محددة لإجراء التغيير وملامح هذا التغيير, وأن يمهد لدورة استعمارية جديدة تخضع فيه هذه الدول لمشيئة المستعمر الغربي دون حاجته إلى احتلالها مباشرة وفق النموذج العراقي. غير أن استعصاء سورية على تنفيذ المخطط المرسوم وصمود الدولة والجيش فيها, فضلاً عن صمود وحدتها الوطنية الاجتماعية, أوقف المشروع رغم نجاحه في ليبيا وتونس واليمن ونسبياً في مصر, بدليل أن ما يجري في هذه البلدان اليوم لا يمكن توصيفه بخارطة طريق لتغيير ما, بل خارطة طريق من التخبط والفوضى, التي تؤدي إلى عكس ما يفترض أن تؤدي إليه الثورات الحقيقية. الاستعصاء السوري كشف زيف الربيع العربي مثلما كشف حقيقة الرسم الخارجي والمخطط لهذا الربيع.. خاصة بعد التغلغل الإرهابي العالمي الواسع في الساحة السورية, فمنعه من الامتداد بعدما كان ناراً في هشيم, وأيقظ لدى شعوب المنطقة ارتداداً عفوياً عن الانخراط قدماً في ما يجري. اليوم, ومع الهزيمة اليومية المتدرجة للإرهاب العالمي في سورية من جهة, ومع الإخفاق المدوي للشعار الغبي الداعي إلى إسقاط الأنظمة من جهة ثانية, والذي تترجمه حروب العصابات الضارية في ليبيا, والفشل السياسي في تونس واليمن والتمدد الإرهابي فيها وفي مصر, ومع غياب الثورة الحقيقية عن كل هذه الدول والمجتمعات من جهة ثالثة, يكاد المستقبل أن يكون مقروءاً بوضوح أكبر, فالمشروع الأميركي الصهيوني الغربي المدمر الذي بدأ بعيداً وغير مباشر, وكانت غايته الحقيقية سورية الدولة والمؤسسات والكيان السياسي.. وصل واستعصى ثلاث سنين ونيف, وهاهو على أبواب الهزيمة التي سيتداعى فيها رجوعاً إلى حيث بدأ ؟ |
|