تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


تحالف «المتضررين»

الافتتاحيــة
الثلاثاء 8-10-2013
بقلم رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم

رغم أنها لم تثر الكثير من الاهتمام، ولم تُسلَط عليها الأضواء كما جرت العادة، فإن الحديث الإسرائيلي عن السعي لإقامة تحالف «المتضررين» من النزوع الدولي باتجاه الحلول السياسية،

لا يزال صالحاً للتداول السياسي والإعلامي في وقت لا ينوي فيه الإسرائيلي التراجع عنه، باعتباره ليس مجرد زوبعة إعلامية بقدر ما يعكس واقعاً فعلياً يحاكي الكثير من التطورات الأخيرة.‏

فتقاطع المصالح وتطابق الأدوار أحيانا يدفع إلى الجزم بأن المسعى الإسرائيلي إلى إشهار هذا التحالف يعكس بوضوح نيات لا تخفي نفسها، ولا هي خارج سياق الرغبة في ترجمة مشهد لا يكتفي بمعاكسة التيار السائد في المناخ الدولي، بل يضفي عليه مسحة من التراجيديا المفقودة هذه الأيام في السياسة وفي الإعلام.‏

إذ كانت ولا تزال العلاقة الإسرائيلية مع مشيخات الخليج تقوم على افتراض حضورها في الكواليس مع بروز مؤشرات وقرائن لا تقبل الشك، فيما حرص الطرفان أن تبقى من المسائل المسكوت عنها، وفي أسوأ الحالات تم اللجوء إلى التمويه عليها بالغموض الذي اكتسى في السنوات الأخيرة طابعاً أقل حذراً في التعاطي السياسي والإعلامي معه وحتى الدبلوماسي.‏

وبالتالي كان لافتاً أن تبادر إسرائيل إلى الحديث عن الرغبة في إظهاره إلى العلن مع معطيات وتسريبات تناوبت في تقديم التفاصيل التي تحتاجها تلك العلنية لدراسة ردود الفعل، وحين بدت تلك الردود في حدود التفهم والتفاهم على محظوراته وربما التسليم بذرائعها على النطاق السياسي الخليجي، بدت الرغبة أكثر وضوحاً في تشبيكها إعلامياً لتأخذ المنحى القادر على توظيفها في سياق الضغط وحتى الابتزاز، حيث وجدت حكومة نتنياهو نفسها مضطرة للخوض في تسطير رسائل أولية كافية للضغط على الأميركيين تحديداً بالكشف عن المستور.‏

التداعيات الأولية دفعت بالإدارة الأميركية إلى المبادرة باتجاه غض الطرف عن دور تلك المشيخات كلياً، وهي تعاكس الرغبة الأميركية الظاهرة وإن توافقت معها في المحصلة النهائية، في حين كانت على المقلب الآخر تتعاطى مع الهياج الإسرائيلي من زاوية التبريد الجزئي والحصري في تفاصيل الخطوات التي أقدم عليها نتنياهو، في رسالة تطمين مؤقتة.‏

بالمقابل كانت إسرائيل تنحو باتجاه المضي قدماً في تشكيل تحالف المتضررين من أي تقارب بما فيه أي ميل باتجاه الحل السياسي في سورية، ولم تتردد في إعادة قنوات اتصالها ودعمها للإرهابيين مباشرة، بعد أن كانت تكتفي بالتعامل معهم من خلال قناة ثالثة عبر المتحالفين معها من مشيخات الخليج، وهو ما ظهر بشكل واضح وجلي في المقاربات الأخيرة التي انطوت عليها مواقف المشيخات لجهة قبولها بالتوكيل الجديد، والتي وجدت في غض الطرف الأميركي مؤشراً على الاحتفاظ بأدوارها الموكلة إليها في دعم الإرهابيين كورقة لم تخفِ واشنطن الرغبة في التمسك بها.‏

المفارقات التي يسجلها إشهار هذا التحالف لا تتوقف عند الحدود الاعتيادية لكشف تاريخ من التعامل السري بين مشيخات الخليج وإسرائيل، ولا في بنك الأهداف الذي يلتقي حوله الإسرائيلي مع الإرهابي ومموله، بقدر ما يشي بالأدوار القذرة التي تميط عنها اللثام حالة الإفلاس القائمة التي يحملها التحول في مقاربات القوى العظمى للمشهد في المنطقة، حيث يبدو طبيعياً أن تتطابق مواقعهم وأن تتوحد المخاوف والهواجس بين الإسرائيلي الذي انشغل في جمع النتائج، وبين الإرهابي المنتشي بازدهار العلاقة مع أميركا، وبين الأعراب المحكومة بأدوار التبعية والاستزلام للغرب وإسرائيل، وصولاً إلى التركي المصدوم بانهيار المشروع الإخواني.‏

a.ka667@yahoo.com

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية