تصدر عن مؤسسة الوحدة للصحافة و الطباعة و النشر


هل انتهى العمر الافتراضي لسلطة أردوغان؟

الاندبندنت
متابعات سياسية
الأربعاء 6-4-2016
ترجمة: ليندا سكوتي

يؤكد الواقع بأنه ليس ثمة من حد لعنت وصفاقة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، وبدا ذلك واضحا فيما صدر عنه من عبارات مقذعة لدبلوماسيين غربيين إزاء حضورهم محاكمة اثنين من الصحفيين الأتراك وجهت إليهما تهمة التجسس لأنهما أماطا اللثام عن قضية نقل أسلحة من تركيا إلى من يُسمون بالجهاديين في سورية.

وفي هذا السياق، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية جون كيري :»لم تكن هذه المرة الأولى التي تتخذ بها الحكومة التركية مثل تلك الاجراءات بحق الصحفيين، ومن المؤكد بأنها لن تكون المرة الأخيرة التي نشهد بها تكرار الإجراءات التعسفية» وقد شهد المحاكمة السفير الألماني الذي أفصح عن الاسباب والمبررات التي دعته للحضور إلى المحكمة، وقنصل إيطاليا في تركيا وبينت وزارة الخارجية الإيطالية الأسباب الداعية لحضوره معتبرة بأن هذا الحضور قد جاء منسجما مع اتفاقية فيينا المتعلقة بالعلاقات الدبلوماسية والقنصلية.‏

بغض النظر عن اتفاق تركيا مع الاتحاد الأوروبي لوقف الهجرة الجماعية، يلاحظ بأن ثمة استياء مضطرداً يتفاقم يوما إثر يوم لدى الشعب التركي إزاء حكم أردوغان، الأمر الذي يختلف تمام الاختلاف مع ما شهدناه من بهجة وفرح جراء فوز حزب العدالة والتنمية عند تسلمه زمام الحكم عام 2002 . وقد صرح الرئيس الأميركي باراك أوباما في زيارته إلى تركيا عام 2009 قائلا: «بإمكان تركيا والولايات المتحدة بناء شراكة نموذجية» لكنه ما لبث أن أبدى خيبة أمل مما يجري في تركيا ونعت الرئيس التركي بالفشل والاستبداد وفقا لما ورد ذكره في العدد الأخير من مجلة اتلانتيك.‏

ومع ذلك ونظرا للدور الرئيس الذي يتعين على تركيا أن تلعبه في الشرق الأوسط، ابقى أوباما على العلاقات الدبلوماسية المميزة حيث اجتمع مع أردوغان على هامش قمة الأمن النووي في واشنطن لمناقشة القضايا الأمنية. وفي مقابلة مع شبكة سي إن إن ذكرت الصحفية كريستيان أمانبور بأن أردوغان صرح بإصرار أنه ليس في صراع مع الصحافة وأنه يتقبل النقد بصدر رحب. لكن الواقع يؤكد خلاف ذلك إذ أنه عندما تحدث في معهد بروكينغ عمد حراسه إلى التعامل مع الصحفيين الأتراك بجلف وخشونة عند توجيههم بعض الانتقادات إليه، وحاولوا منع أحدهم من حضور هذا اللقاء.‏

لم يكن هذا النوع من التصرف بالأمر المستبعد والغريب، إذ عندما زار أردوغان الأكوادور بهدف تعزيز العلاقات الدبلوماسية والتجارية في شهر شباط الفائت، عمد حراسه إلى مجابهة مجموعة من المتظاهرين بصلف، الأمر الذي دعا الحكومة الأكوادورية إلى تقديم احتجاج تجاه هذا التصرف واعتبار ماجرى عمل غير مسؤول. وبعد كارثة منجم الفحم في سوما شهر آيار 2014 قام أردوغان بزيارة البلدة لكنه اضطر للاختباء في أحد المحلات التجارية بعد تعرضه لاحتجاجات صاخبة من قبل حشد من المتظاهرين، لاسيما بعد أن أقدم على ضرب أحد المحتجين، كما تم التقاط صور لأحد مساعديه وهو يركل محتجا قامت قوات الشرطة بتثبيته على الأرض.‏

ومن دواعي الاستهجان أنه على الرغم من السجل التركي الزاخر بالقمع الوحشي للمعارضة السلمية، مرر مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة قرارا تقدمت به كل من كوستاريكا وسويسرا وتركيا يدعو الدول كافة لتوفير بيئة آمنة للأفراد والجماعات لممارسة حقوقهم في حرية التجمع السلمي وحرية التعبير.‏

شهدت العلاقات الودية التي كانت قائمة مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين توترا إثر قيام تركيا بإسقاط قاذفة روسية في شهر تشرين الثاني الفائت الأمر الذي دعا وزير الخارجية سيرجي لافروف إلى اعتبار ما جرى عملاً «استفزازيا مخططا له». ولكون بوتين أصابه القرف من عنجهية أردوغان حذر تركيا من قيامها بـ»طعنة في الخلف»، ويبدو أن العقوبات الروسية قد بدأت تأخذ مفاعيلها. وفي غضون زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى موسكو أشار إلى المصالح المتنامية بين القوتين. لكن إن كان لروسيا تأثيرها في التوجهات السورية، فمن له القدرة على لجم أردوغان وكبح جماحه؟‏

منذ وقوع حادثة مافي مرمرة عام 2010 شهدت العلاقات التركية-الإسرائيلية تراجعا وصل إلى أدنى مستوى لها، لكن بعد الهجوم الذي جرى في اسطنبول، الذي لقي به ثلاثة مواطنين إسرائيليين مصرعهم، كان ثمة مؤشرات على تحسن في العلاقات. على الرغم من أن وزير الدفاع موشيه يعالون أعرب عن شكوكه حول أفاق التقارب، وركز على دعم تركيا لحماس.‏

إن الاحتياطات الضخمة من النفط والغاز في حوض دول شرق البحر المتوسط ذات أهمية استراتيجية. ونتسائل في هذا السياق، إن كان سيتم مد خط أنابيب لتصدير الغاز الإسرائيلي عبر تركيا أو قبرص إلى اليونان؟. ومرة أخرى تتوقف الإجابة عن هذا السؤال على عمق العلاقات التي تربط إسرائيل بكل من تركيا وقبرص.‏

توقع الباحث ميشيل روبين في معهد أبحاث أميركا انتبرايز في واشنطن احتمال حدوث انقلاب عسكري ضد أردوغان في تركيا. وفي خطوة غير معهودة صرح رئيس هيئة الأركان العامة التركية على موقعها بأن تلك الأقوال لا أساس لها من الصحة، وعبر عن التزامه بالديمقراطية. ومع ذلك، يبقى السؤال المطروح هل انتهى العمر الافتراضي لسلطة اردوغان؟‏

بقلم: روبيرت إيليز‏

 

E - mail: admin@thawra.com

مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر ـ دمشق ـ سورية